رسالة أميركيّة حازمة لنتنياهو: حرب لبنان ممنوعة

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

كشف ميدان الجبهة الجنوبية في الأيام القليلة الماضية، عن معادلة جديدة غير مسبوقة، تمثّلت في امتلاك حزب الله منظومة ردع جوي،وذلك للمرة الأولى في تاريخ الصراع. تعمّدت المقاومة الكشف عن قدراتها العسكرية الجديدة، فأصدرت بيانًا نسبته إلى “وحدة الدفاع الجوي ‏في المقاومة الاسلامية، التي تصدّت منتصف ليل الاثنين الثلاثاء لطائرة صهيونية معادية انتهكت الاجواء ‏اللبنانية، وأطلقت باتجاهها صاروخ أرض – جو، مما أجبرها على التراجع، ومغادرة ‏الاجواء اللبنانية على الفور”.‏ لم يكن تصدّي المقاومة لطائرة استطلاع من دون طيار، بل لطائرة حربيّة، شكّلت وأخواتها عبر امتداد عقود الصراع، ركيزة التفوق الجوي للجيش الاسرائيلي.

معادلة الردع الجوي ليست جديدة بل الكشف عنها

الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد هشام جابر يلفت في اتصال مع “لبنان 24” إلى أنّ سلاح الدفاع الجوي موجود لدى حزب الله منذ فترة طويلة، والإسرائيلي يعرف ذلك، ويعترف بأنّ الحزب بدأ يملكه منذ عشرة أعوام، ويستكمل تجهيزه تدريجيًّا. أمّا استعماله فظهر للمرة الأولى خلال الأيام القليلة الماضية، باستهدفه طائرة مسيّرة من نوع “هرمز 900 – كوخاف” في الأجواء اللبنانية، ونشر فيديو أظهر عمليّة رصد المسيّرة، ولحظة إصابتها بصاروخ أرض-جو، وسقوطها. كما تصدّى أيضًا لطائرة حربيّة إسرائيليّة F-16، بصواريخ أرض جو، مما أجبرها على التراجع خلف الحدود مع فلسطين المحتلة. ولفت جابر إلى أنّ الصواريخ التي أصابت طائرة الهرمز هي متوسّطة وقصيرة المدى ومن نوع واحد، أمّا الصاروخ الذي استهدف الطائرةالمقاتلة فهو أكبر، وبطبيعة الحال تريد اسرائيل بعد هذا التطوّر العسكري أن تعرف أنواع صواريخ أرض- جو التي يملكها الحزب”.

الهدف: ردع اسرائيل عن القيام بحرب شاملة

بالتوازي مع استهداف المقاتلات الحربيّة والمسيّرات، كان الحزب يقصف مراكز التحكّم في الطائرات أيضًا، مثل قاعدتي “ميرون” و”غيبور”. هذا التطور النوعي في قدرات الحزب ليس حدثًا عابرًا، خصوصًا أنّه يمسّ أكبر مرتكزات القوة لدى جيش العدو في التفوق الجوي “استهداف F-16 كانت عبارة عن رسالة بالنار، قصد الحزب توجيهها في هذا التوقيت، مفادها أن على اسرائيل أن تحسب حسابًا من الآن وصاعدًا لمنظومة الرد الجوي لدى الحزب، لأنّ الطائرات الإسرائيلية وللمرة الأولى لن تكون قادرة على استباحة الأجواء اللبنانية،من دون أن تلقى تصدّيًا لها ” يقول جابر، وقد تعمّد الحزب الكشف عن قدراته الجديدة في مجال الدفاع الجوي، لسحب الورقة الأقوى من يد اسرائيل الكامنة في التفوق الجوي، “وبذلك أراد إيصال رسالة بقصد ردع اسرائيل، ومنعها من القيام بمغامرة باتجاه توسيع الحرب على لبنان”.

وعن توقيت كشف حزب الله لسلاح الردع الجوي يقول جابر “لطالما تساءل البعض سابقًا، لماذا لا يتصدّى حزب الله للطائرات التي تخرق السيادة اللبنانية وتستخدم الأجواء اللبنانية لضرب سوريا، وما إذا كان السبب في عدم امتلاكه لسلاح الردع الجوي، وكان جوابي أنّ الحزب ولو امتلك هذا السلاح لن يكشف عنه، وسيبقيه عنصر مفاجئة، وعندما بدأت الحرب مع غزة بدأ يستعد، وقرر الكشف عن قدراته شيئًا فشيئًا.وهناك أسلحة أخرى غير معلومة يمتلكها ولا أحد يعرف ماهيتها، ما يجعل الإسرائيلي في حيرة من أمره، يقوم باختبارات علّها تكشف عن أسلحة الحزب كمًّا ونوعًا”.

سلاح بحري لدى الحزب؟

يعتبر جابر أنّ الحزب يملك حتمًا سلاحًا بحريًّا، لم يكشف عنه بعد، وكان الإسرائيلي قد افترض أنّ هذا السلاح قادر على تدمير منصّات النفط والغاز، في حين أنّ الحزب لم يأتِ على ذكره بالمطلق، ولن يكشف أوراقه دفعة واحدة، بل في توقيته ووفقًا لما تقتضيه الظروف”.

واشنطن تعمل على لجم الرؤوس الحامية في تل أبيب

يهوّل العدو الاسرائيلي وإعلامه، بشكل يومي، بشنّ حرب شاملة في العمق اللبناني. في السياق يستبعد جابر أن تنفّذ اسرائيل تهديداتها “واليوم أكثر من قبل، لعدّة أسباب، في مقدّمها أنّ الإدارة الأميركية لا توافق على ذلك، وتمارس منذ رأس السنة ضغوطًا على نتنياهو للجمه،وانسحاب غانتس من حكومته بمثابة رسالة أميركيّة تصب بهذا الاتجاه، استتبعتها بجولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن في المنطقة وصولًا إلى تل أبيب، في زيارة هي أهم من كلّ سابقاتها، حمل خلالها رسالة لطمأنة اسرائيل أنّ بلاده تقف حتمًا إلى جانبها، وليساعد على ترميم الحكومة، ولكن في نفس الوقت حمل رسالة تهديد حازمة لنتنياهو، لمنعه من ارتكاب حماقة في لبنان. فالإدارة الأميركية لن تقبل بحرب شاملة على لبنان، تمتد إلى الخليج، وتتورط بها، ولن تغامر في زمن الانتخابات بأي صناديق خشب تصل إلى الولايات المتحدة، إذ لا يريد الناخب الأميركي أن يسمع بأنّ أميركيًا واحدًا قد قتل”.

ايران أبلغت الحزب: لا نريد حربًا شاملة

موضوع الحرب على لبنان كان أساسيًّا، في لقاء القمة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون، ووفق المعلومات كان هناك توافق فرنسي أميركي مشترك بالضغط على كل الأطراف منعًا لاشتعال جبهة لبنانية واسعة. كما أنّ حزب الله لن يقدم على منح الإسرائيلي هذه الذريعة، وفق جابر “ولن يبادر إلى توسيع الحرب، لاعتبارات عدّة، تأتي في سياقها الحسابات الداخلية، كي لا يكون مسؤولًا تاريخيًّا عن تدمير لبنان، وهناك أيضًا بيئته. والأهم من ذلك أن إيران لا ترغب بحرب إقليمية، وقد أبلغت حزب الله بأنّها لا تريد أن يكون البادىء بحرب تورّط إيران في الخليج”.

قد يشكّل الضغط الدولي والتطور النوعي في منظومة حزب الله الصاروخيّة، عنصرا رادعًا للجنون الاسرائيلي، لكن على أرض المعركة القيادة للميدان وحده، خصوصًا أنّ نتنياهو يعمل على إحراج الأميركي وتوريطه، لانقاذ جلده من المحاكمة غداة توقّف آلة الحرب.

Back to top button