2728.. رقم فى ذاكرة مجلس الأمن.. مَنْ يوقف حرب إبادة غزة؟
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

حسين دعسة

تدخل الحرب العدوانية الإسرائيلية الصهيونية على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة يومها الـ173، وفيه تبدأ مرحلة جديدة من حرب الإبادة الجماعية التى قادها السفاح نتنياهو، ومعه تطرف ونازية حكومة الحرب الكابنيت، يأتى ذلك بعدما تبنى مجلس الأمن الدولى قرارًا يطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء الإبادة والمجاعة الإسرائيلية، وسياسات خطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني، وذلك مع ردود الفعل الإسرائيلية المتشنجة بالتهديد لاجتياح شامل لـ ‎رفح، رغم التحذيرات الأمريكية والعربية والعالمية، وأن الاجتياح سيكون «خطأ» ويُضعف أمن إسرائيل، بحسب تصريحات الإدارة الأمريكية.

 

*أزمة من ثلاث فقرات

 

القرار الأممى صدر، ما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، «ايهودا باراك»، يقول: قرار مجلس الأمن يعكس أزمة عميقة مع الولايات المتحدة، وهو لم يوضح كيف سيكون ذلك على أرض الواقع.

 

عند المراجعة والتحليل، نرصد دلالات سياسية وأمنية حول امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار 2728، والذى أعدّته الدول العشر غير الدائمة العضوية: الجزائر، والإكوادور، وسلوفينيا، وسويسرا، وسيراليون، وغويانا، وكوريا الجنوبية، ومالطا، وموزمبيق واليابان.

 

عمليًا:

يتألف القرار 2728 من ثلاث فقرات، هى ما يتكون منها القرار، تبدو توليفة أرادتها السياسية الأمريكية بعد صراع وجولات مكوكية حول عواصم صنع القرار والدول الجيوسياسية، حول فلسطين المحتلة، وإذا نظرنا نجد أن القرار، مكون من:

*الفقرة الأولى:

أن مجلس الأمن «يطالب بوقف فورى لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه كل الأطراف، بما يؤدى إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار، بما فى ذلك المطالبة بالإطلاق الفورى وغير المشروط لجميع الرهائن، فضلًا عن ضمان وصول المساعدات الإنسانية لتلبية حاجاتهم الطبية وغيرها من الحاجات الإنسانية، ويطالب بأن تمتثل الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولى فيما يتعلق بجميع الأشخاص المحتجزين لديها».

 

* الفقرة الثانية:

أن المجلس «يشدد على الحاجة الملحة إلى توسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين وتعزيز حمايتهم فى قطاع غزة بأكمله، ورفع كل الحواجز التى تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع، بما يتماشى والقانون الإنسانى الدولي، وكذلك القراران 2712 و2720»، اللذان أُقرّا فى 15 نوفمبر 2023 و22 ديسمبر2023.

 

* الفقرة الثالثة:

أن المجلس يبقى المسألة قيد نظره، وفق ديباجة القرار، التى أشارت إلى كل القرارات السابقة لمجلس الأمن ذات الصلة بالحالة فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك قضية فلسطين؛ مع عدم استخدام عبارة «التنديد»، يلجأ مجلس الأمن لكلمة تؤشر إلى «استهجان» كل الهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، وكذلك كل أعمال العنف والأعمال العدوانية ضد المدنيين، وكل الأعمال الإرهابية، مذكرًا بأن «أخذ الرهائن محظور بموجب القانون الدولى».

*النتيجة العملية لتطبيق القرار

من نيويورك، وصولًا إلى كل عواصم المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات العالم الإغاثية والإنسانية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، كان العالم ينتظر النتيجة العملية لتطبيق القرار، بينما جاء رد فعل حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى على القرار يعكس ازدراءها واستخفافها المعهود من حيثيات ومسارات وقرارات القانون الدولي، وفى النتيجة، التى يصدرها العالم، بالذات الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه لا يمكن وضع التزامات ترضخ لها دولة الاحتلال، وقد يؤدى تعنتها- بالاستمرار فى انتهاك القانون الدولى دون عقاب- إلى تفريغ قرار مجلس الأمن الدولى من محتواه.

 

ما ظهر من امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض “الفيتو”، أثار جنون وحشية السفاح نتنياهو رئيس الوزراء، الذى أعلن بغباء سياسي وأيدى ملطخة بالماء، عن منع الوفد الذى تم الاتفاق مع الإدارة الأمريكية على إرساله إلى واشنطن، بطلب مؤكد من الرئيس الأمريكى بايدن، وأكد السفاح أن الوفد لن يغادر إسرائيل.

.. هل يعد ذلك تهديدًا أو تصعيدًا فى اللهجة الصهيونية المهزوم جيشها فى غزة، تجاه أمريكا؟!، وهو ما لم تسع إليه الإدارة الأمريكية، التى صدمتها مواقف سفاح العصر الإسرائيلى الصهيونى نتنياهو، والجرأة بتوجيه انتقادات للرئيس الأمريكي، فى وقت حرج سياسيًا وأمنيًا، سواء فى داخل الشارع بتل أبيب أو الشارع الأمريكى بواشنطن، مع تنامى الصراع فى سنة الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

الموقف الإسرائيلي واضح، لن تلتزم بأى فقرة من فقرات القرار الأممي، هذا “أولًا”؛ لأنها إذا التزمت- عمليًا فى استحالة ظاهرية- تكون حركة حماس قد انتصرت، والمقاومة الفلسطينية “ثانيًا” تكون قد أضافت، عدا صمودها الأسطورى فى الحرب على غزة، نقطة أمنية وسياسية.. وهنا الشراكة بين المواقف الإسرائيلية وحركة المقاومة، خلاف ذلك مكاشفة وفقدان لحالة التحول فى الموقف الأمريكي.

الصورة، برغم ما فيها من انزياحات، تفسر ما أدلى به وزير خارجية دولة الاحتلال الإسرائيلى «يسرائيل كاتس»: لن نوقف إطلاق النار، بل سنقضى على حماس ونستمر بالقتال حتى عودة آخر الرهائن.

فى مواجهة ذلك؛ رحّب بيان حماس بقرار مجلس الأمن الدولي، بل وألمح إلى ضرورة الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، ما يؤدى إلى انسحاب كل القوات الاسرائيلية من قطاع غزة وعودة النازحين إلى بيوتهم، مع استعداد (…) للسير فى مراحل عملية لتبادل الأسرى «فورًا» تؤدى إلى إطلاق سراح الأسرى الرهائن والسجناء لدى الطرفين.

 

*الواقع على الأرض.

 

يرتكز الحدث، دوليًا وإقليميًا وفلسطينيًا- إسرائيليًا، على قدرة مجلس الأمن الدولى على جعل القرار أكثر قربًا من سخونة الواقع على الأرض؛ ما يتضح خلال الساعات الماضية، تعمد التصعيد العسكرى الإسرائيلى، ما جعل الموقف بين الكابنيت والمقاومة «ميدانى»، فى حالة حرب استنزاف وإبادة تمارسها دولة الاحتلال، التى تريد تمركز وبقاء الجيش الإسرائيلى فى أرجاء غزة، ما أدى عمليًا إلى تدهور مفاوضات الهدنة فى العاصمة القطرية الدوحة، وتأرجح مساعى الوسطاء “أمريكا، مصر، قطر” بين نتائج والتعنت الإسرائيلي، مع تأكيد المصادر الأمنية والعسكرية الغازية، المتوحشة فى قطاع غزة، أن: «الخيار الوحيد لدى تل أبيب هو اجتياح رفح، باعتبارها المعقل الأخير لحركة حماس فى غزة»، الأمر الذى يضع المجتمع الدولى أمام المزيد من جرائم حرب الإبادة الجماعية، المجاعة، التى يرتكبها السفاح نتنياهو وحكومة الحرب الإسرائيلية الكابنيت على الشعب الفلسطينى فى غزة، والضفة الغربية والقدس.

 

*مجرد رقم 2728 فى الذاكرة

 

التقدير الأولى، فى المجتمع الدولى، ودول المنطقة والعالم الإسلامى، والإقليم أن صدور القرار الأممى قد يعكس- ظاهريًا- مستويات سياسية وأمنية، عن حجم سخط وغضب الإدارة الأمريكية من تعنت وقيادة السفاح نتنياهو، خلال أشهر من الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، والفشل فى وضع نتائج عسكرية أمام حركة حماس وإصرار الفلسطينيين على تحدى ويلات الحرب، المجاعة والإبادة، رفضًا للاحتلال وخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية بعد عقود من الصراع.

.. الوقف الفورى لإطلاق النار فى ما تبقى من شهر رمضان، بحسب القرار، قد يتحول إلى مستدام، ويطالب بالإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن وبكفالة وصول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الطبية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية.

هنا، كانت تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، وهو يقوم بجولة فى الأردن، بأن عدم التطبيق أمر لا يُغتفر (..)؛ كيف يقول ذلك وهو يعلم أن قرار مجلس الأمن ليس تحت البند السابع فهو غير ملزم التطبيق، للأطراف كافة، حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلى.

.. فى ذات الوقت، لاحظ المجتمع الدولي، والإدارة الأمريكية فى الأساس، ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلى «يوآف جالانت» فى العاصمة واشنطن: «ليس لدينا مبرر أخلاقى لوقف الحرب ما دام هناك رهائن فى غزة».

.. القرار، بصفته الدولية، يندرج ضمن اللعبة الأمريكية فى إدارة الأحداث، وخصوصًا، دعمها المطلق لمراحل الحرب العدوانية على قطاع غزة، وليس، القادم بغريب، إذا ما علمنا أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست فى مرحلة اتخاذ أى من الضغوط و/ أو العقوبات على حكومة الحرب الإسرائيلية، الكابنيت، ولن تتأزم المواقف لاعتبارات خطيرة، إعلانها من طرف الإدارة الأمريكية قد يؤدى بالانتخابات الرئاسية إلى خروج الرئيس بايدن والحزب الديمقراطي من سباق الانتخابات المرير، نتيجة تضارب الرأى العام الأمريكى، من نهاية حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، والسعى داخل الإدارة الأمريكية لإسقاط السفاح نتنياهو وحكومته المتطرفة، مرحليًا يصطدم فى إمكانية وضع البيت الأبيض «البدائل» التى تحمى الكيان الإسرائيلى رغم تطرفه، وفشله فى الحرب على غزة، وأيضًا اتخاذ قرار مجلس الأمن- فى هذه المرحلة من الحرب العدوانية- مساحة للتفاوض السلس مع قوى التطرف التوراتية بالذات.

ليس سرًا أن الإدارة الأمريكية تحتاج الدفع بأن تؤيد التحول السياسى المنهجي، لوضع تصورات لإنهاء الحرب، وهى تبحث عن تضامن الدبلوماسية الأوروبية والعربية والإسلامية، وبالأخص من دول الجوار الفلسطيني، والخليج العربى، لحشد موقف دولى-إقليمى، ودولى- أممى، يرتقى بمستويات ضاغطة على دولة الاحتلال الإسرائيلي، ووضع التصورات للمرحلة المقبلة مع ما قد ينشأ من تحولات وتصعيد إقليمى لحرب مدمرة تجتاح المنطقة.

.. هناك إشارة تلقى المزيد من التحليل الجيوسياسى الأمنى، فقد لفتت صحيفة «The Jerusalem Post»، فى تقرير، إلى أنه: «لم تعد إسرائيل رصيدًا استراتيجيًا للولايات المتحدة وشريكًا عسكريًا، إنما أصبحت حاضنة لحرب إقليمية، وإذا حدث ذلك، فإنها تستحق كل ما يترتب عليها جراء ذلك».

*ملاحظات، قد تحدث رؤية.. ومخاوف مجهولة.

*الملاحظة الأولى: قرارات مجلس الأمن ملزمة.

بموجب ميثاق الأمم المتحدة، تعتبر قرارات مجلس الأمن ملزمة قانونًا للدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة، على الرغم من انتهاكها فى كثير من الأحيان.

*الملاحظة الثانية: بيان حماس مع إقامة دولة.

يؤكد بيان حركة حماس على حق شعبنا الفلسطينى فى إقامة دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، وحق العودة وتقرير المصير، وفق القرارات الدولية والقانون الدولى.

*الملاحظة الثالثة: تفوق إسرائيل النوعى.. كيف؟

يجرى وزير الحرب الإسرائيلى، يوآف جالانت، زيارة رسمية للولايات المتحدة يلتقى خلالها وزير الدفاع الأمريكى ومسئولين آخرين، سيركز خلالها على استمرار تفوق إسرائيل النوعي، (..) وقدرتها على الحصول على منصات جوية وأسلحة.

* الملاحظة الرابعة: الإدارة الأمريكية تعيش قلقًا سياسيًا- أمنيًا

فى الإدارة الأمريكية قلق سياسى- أمنى من إمكانية انفجار عنف واسع فى الضفة، والقدس وتحث دولة الاحتلال الإسرائيلى على اتخاذ خطوات تخفف عن السكان المدنيين.

*الملاحظة الخامسة: الرهاب من التصعيد العسكرى فى الجبهة الشمالية.

حكومة الحرب الإسرائيلية مصابة بالرهاب من التصعيد العسكرى فى الجبهة الشمالية، وهى تسعى إلى توسيع المعركة العسكرية فى الحدود اللبنانية- الفلسطينية، لضمان إبعاد حزب الله عن الحدود، والواضح أن الكابنيت المتطرف فى الحكومة الإسرائيلية يسعى لأشكال من الدعم الأمريكى والأوروبيين إذا ما فشلت الاتصالات فى التهدئة أو لجم جبهات دعم غزة، من سوريا والعراق واليمن، بما فى ذلك الضغط على إيران وغيرها.

*الملاحظة السادسة: مقاطعة بيع الأسلحة لإسرائيل

الإعلام الإسرائيلى الرسمى والمستقل، بما فيه الإعلام الغربي، يردد أن هناك دولًا ومجموعات وأحلافًا لا ترغب بتوفير الأسلحة وكل وسائل القتال، والحماية والتعاون إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتقوم بعضها بإعلان «المقاطعة» ملتزمة بقوانين بلادها، التى لا تسمح ببيع الأسلحة لدول فى صراع وحروب، ودول أخرى تترك إسرائيل تفاوض وتلح فى طلب شراء الأسلحة.

زر الذهاب إلى الأعلى