أدلّة تكشف الجهة التي خطّطت للهجوم الإرهابي على موسكو

النشرة الدولية –

كشف الخبير العسكري  اكرم كمال سريوي في حديث لراديو سبوتنيك, صباح  الأحد 2024/3/24، عن عدة أدلة،  تشير إلى  الجهة التي تقف خلف الهجوم الإرهابي، على المجمع التجاري كروكس سيتي قرب موسكو.

وقال سريوي: لقد عملت لفترة طويلة كمحقق عسكري، وقاضي، وشاركت في ندوات ومؤتمرات دولية لمكافحة الإرهاب منها مؤتمر موسكو الدولي 2018.

ويمكن من خلال مراقبة ما حدث في الهجوم الإرهابي على المجمع التجاري قرب موسكو، ملاحظة ما يلي من قرائن وادلة، تساعد في كشف الجهة التي تقف خلف هذا الهجوم الإجرامي الإرهابي:

١- من الواضح أن الهجوم ليس عملاً فردياً بل جماعياً.

مما يعني أنه هناك؛ مَن خطط، ومَن موّل، ومَن جنّد المنفذين،  ومَن اعطى الأوامر، ومَن نفذ الهجوم.

وهذا يؤكّد أن خلف الهجوم، تقف منظمة كبرى، أو دولة وجهاز استخبارات.

٢- يمكن ملاحظة أن الإرهابيين دخلوا وهم يعرفون المكان جيداً.

أي أنهم قاموا قبل العملية، بالمجيء واستطلاع المكان، وتحديد مكان الحراس.

 

٣- يبدو من طريقة استخدامهم للسلاح، أنهم ليسوا أشخاصاً عاديين، بل تلقوا تدريباً عسكرياً.

لكنهم ليسوا على مستوى عالي من الاحترافية.

فهم عندما بدأوا باطلاق النار، كانوا اربعتهم ينظرون إلى نفس الاتجاه (اليسار)، ولم يقوموا بحماية بعضهم بعض.

٤- فور دخولهم المجمع، بدأوا باطلاق النار على الناس. ثم تابعوا ذلك داخل القاعة، ولم يحاولوا احتجاز رهائن.

فقط كان هدفهم، قتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص.

٥- قام الإرهابيون بافتعال الحريق، من أجل إلهاء قوات الأمن الروسية وزيادة الفوضى بشكل يسمح لهم بالانسحاب من المجمع وقد نجحوا بالخروج من المكان.

٦- تختلف طريقة عمل هؤلاء الإرهابيين، عن اسلوب عناصر تنظيم داعش الإرهابي، أو غيره من التنظيمات الأصولية، في عدة نقاط:

أ- يبدأ عناصر داعش أي عملية لهم بنداءات “الله واكبر” ، وهذا ما لم يفعله ارهابيو عملية موسكو.

ب- يتم تجنيد عناصر داعش، عن طريق الفكر الديني، وهم مشبعون بهذه الايديولوجية، ويعرفون أنهم يعملون لصالح التنظيم.

بينما لا يعرف العناصر الذين نفذوا هجوم موسكو، لصالح من يعملون ومن هي الجهة التي جندتهم. وهم قالوا للمحققين أنهم قاموا بذلك من أجل المال.

ج- غالباً يحمل عناصر داعش أحزمة ناسفة، ويقاتلون حتى الموت، ولا ينسحبون، وهذا ما لم يفعله إرهابيو هجوم موسكو الذين حاولوا الهرب والفرار إلى أوكرانيا.

٧- طريقة تجنيد هؤلاء الارهابيين، تشبه إلى حد بعيد، طُرق عمل أجهزة المخابرات الغربية، التي تقوم بتجند أشخاص، عبر إغرائهم بالمال، ويتم التواصل معهم عبر مواقع وحسابات الكترونية وهمية واسماء مستعارة، وغالباً عبر وسيط ثالث، بحيث لا يوجد صلة مباشرة بين المخططين والمنفذين.

وهذا يضمن دائماً اخفاء هوية الجهة التي تقف خلف العمل الإرهابي، حتى لو تم القاء القبض على المنفذين.

أما عن أهداف الهجوم فقال سريوي:

أرادت الجهة التي تقف خلف هذا الهجوم، إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر،  بهدف زعزعة ثقة المواطنين الروس بجيشهم وأجهزة الأمن.

الأمن هو من الحاجات الأساسية للانسان، ويأتي مباشرة بالمرتبة الثانية بعد الحاجة إلى الطعام والشراب.

الهدف الثاني للعملية الارهابية، هو خلق حالة من الفوضى داخل روسيا، بما يسمح للمعارضين بالتحرك، وحشد القوى ضد السلطات الروسية.

الهدف الثالث، هو الرد على الثقة الكبيرة التي منحها الشعب الروسي للرئيس بوتين، حيث كانت الانتخابات الأخيرة بمثابة استفتاء شعبي، على خيارات الرئيس بوتين.

الهدف الرابع هو إثارة مشاعر الكراهية الدينية بين فئات الشعب الروسي، حيث  يُلاحظ أنه تم اختيار المنفذين من المسلمين، ومن جنسيات دول قريبة من روسيا.

وفي الخلاصة قال سريوي : إن الإعلان عن  تبني داعش للعملية، لا يعني بالضرورة أنها فعلاً هي الجهة التي قامت بالعملية. فلقد تحوّلت داعش إلى ما يشبه عدو الظل، الذي يمكن لأي جهة، أن تقوم بتنفيذ أي عمل إرهابي، والصاق التهمة بداعش.

لكن من حيث المبدأ لا يمكن للمحقق العسكري أن يستبعد أي احتمال، وتبقى كل الاحتمالات مطروحة على الطاولة.

وأضاف سريوي: لكن لا بد للمحقق من البدء باستبعاد الاحتمالات غير المنطبقة على الوقائع، وعندها يصل إلى نتيجة كشف الجرم الحقيقي.

وفي حالة هذا الهجوم الإرهابي، تشير كل الدلائل، إلى أنه من تدبير جهاز استخبارات، وهو لا يشبه اعمال المنظمات الاصولية، واستناداً إلى هذه المعطيات، وجهت روسيا أصابع الاتهام إلى المخابرات الأوكرانية، بأنها تقف خلف هذا الهجوم الإرهابي، وفي الحقيقة كل الدلائل تشير إلى ذلك.

لكن روسيا حتى الآن لم توجه اتهاماً رسمياً  لأي جهة،  بانتظار انتهاء التحقيقات. وإذا كان من السهل معرفة الجهات المستفيدة من زعزعة الأمن والاستقرار وخلق حالة من الفوضى داخل روسيا، يبقى اتهام أي طرف بهذا العمل، هو من قبيل التخمين والتوقّع، وهذا ممكن في السياسة، لكنه غير مقبول في القانون.

وختم سريوي بالقول : أنه بالرغم من النجاح بتوقيف المنفذين، لكن يبدو أنه من الصعب إيجاد ادلّة دامغة على هوية الجهة التي تقف خلف هذا العمل الإرهابي.

وبالتالي فإن الذي تمكن من تجنيد هؤلاء المرتزقة، سيتمكن من تجنيد غيرهم، وتنفيذ عمليات أخرى، في حال بقي مجهولاً ودون محاسبة.

لذلك المهمة الاساسية لأجهزة الأمن الروسية الآن، تبقى كشف الجهة الأساسية التي تقف خلف هذا العمل، ومحاسبتها.

للاستماع إلى الحديث كاملاً على هذا الرابط:

 

زر الذهاب إلى الأعلى