بايدن يوزّع الجوائز على زيلينسكي ونتنياهو، ويستفزُّ روسيا والصين
اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

“الثائر” –
في أقوى خطوة لدعم حملة بايدن الانتخابية، ودعم خططه لإخضاع روسيا والصين، أقر الكونغرس الاميركي قانون المساعدات السخي لإسرائيل(26,4 مليار دولار) ، وأوكرانيا (61 مليار دولار) ، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، تايوان (8,1 مليار دولار).

كما أيد مجلس النواب فرض عقوبات جديدة على الصين وروسيا وإيران، فضلاً عن أحكام لبيع الأصول الروسية المجمدة (تقدر قيمتها بنحو 8 مليار دولار) للحصول على إيرادات لصالح أوكرانيا.
يحاول البعض القاء اللوم على إيران معتبراً أن الضربة التي وجهتها

ما معنى هذه المساعدات وكيف ستؤثر على مسار الحرب؟؟؟

أولاً: فلسطين

من الواضح أن بايدن خضع لابتزاز نتنياهو، الذي استغل الضربة التي وجهها للقنصلية الإيرانية في دمشق، واستدرج من خلالها رداً إيرانيًا على قلب إسرائيل، ليحرف الأنظار عن كل ما يرتكبه من مجازر وقتل للمدنيين في غزة، وانتهاكات للقانون الدولي، وشن حملة إعلامية ضخمة في الغرب، عن خطر إيران، ونيتها بإزالة إسرائيل من الوجود، لكسب تعاطف الغرب معه من جديد.

بايدن يحتاج إلى الصوت اليهودي، وهذا دفعه للخضوع لشروط نتنياهو واللوبي اليهودي في أمريكا.

ومايك جونسون الجمهوري، متمسك بكرسي رئاسة البرلمان، وهذا دفعه أيضاً لمسايرة الديمقراطيين، الذين صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح القانون (210 أصوات) بينما انقسم الجمهوريون (101 مع و 112 ضد القانون).

هدد نتنياهو باشعال الحرب في المنطقة، وهذا طبعاً كان سيجر الولايات المتحدة الامريكية إلى المواجهة المباشرة مع إيران.

ومع علم نتنياهو أن الحرب ليست في مصلحة بايدن الانتخابية الآن، راح يساومه على السكوت وعدم الرد على إيران، مقابل غطاء أمريكي على استمرار الحرب في غزة، وهجوم وشيك على رفح. وهو جهّز 40 الف خيمة، تحت مسمى (نقل المدنيين) للتغطية على المجزرة القادمة في رفح، فكيف يمكن أن تتسع هذه الخيم، لمليون ونصف المليون شخص، الموجودين في رفح الآن.

وهكذا تخلّت أمريكا عن المطالبة بوقف نار إنساني في غزة، وتناست قرار مجلس الأمن بهذا الشأن، واستخدمت حق النقض الفيتو لمنع التصويت في الأمم المتحدة، على قبول عضوية دولة فلسطين.

وهكذا نال نتنياهو جائزته في فلسطين، وتخلّى بايدن عن اقتراحه، “حل الدولتين”، وتكفّل بتغطية مجازر نتنياهو القادمة في رفح.

أوكرانيا

ردد زيلينسكي نفس عبارة نتنياهو عن المساعدات الاميركية فقال: “إنها للدفاع عن الديمقراطية الغربية” .

هذه الديمقراطية الغربية التي تسمح بقتل الشعب الفلسطيني، وسياسة الابادة والتمييز العنصري، وانتهاك كافة الاعراف والقوانين الدولية والانسانية، واستخدام الأسلحة النووية و الكيميائية والنابالم، وكل الذخائر الفتاكة، لقتل المدنيين وتدمير المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة ومراكز الإغاثة.

ولا يخجل أصحابها من الإدعاء أنها ديمقراطية وحضارة.

ستصل إلى الجيش الأوكراني كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة، (القديمة طبعاً).
وسيتم دفع الجيش الأوكراني لتنفيذ هجوم مضاد جديد، لتبرير تقديم كل هذه المساعدات السخية، التي تضاف إلى مبلغ أكثر من 50 مليار دولار، تكفّل الاتحاد الأوروبي بتقديمه.

لن تصل المساعدات إلى أوكرانيا غداً، فجزء كبير منها سيضيع على الطريق، وفي جيوب السماسرة و المستفيدين، بدءاً من أعضاء في الكونغرس الأمريكي، كانوا يلوحون بالعلم الأوكراني، ويصفقون لهذه الصفقة الرابحة، التي ستملأ جيوبهم بالمال.

فما قاموا به ليس حباً بالشعب الأوكراني، الذي من الواضح أنه يدفع أثماناً باهضة، كلما طال أمد هذه الحرب، بل ما يهم الأمريكيين هو الاستثمار في هذه الحرب، التي لن ولم يخسروا فيها نقطة دم واحدة، من جنودهم وأبنائهم.

تُواجه القيادة الروسية انتقادات واسعة، خاصة من قِبل قادة عسكريين، حيث يقولون: أنه منذ بداية هذه الحرب، لم تحزم روسيا أمرها، وقالت أنها تنفذ “عملية عسكرية” لحماية سكان الدونباس، وسكتت عن تهديدات الغرب لها، وتوسّع الناتو نحوها، ونصب الصواريخ والقواعد العسكرية على حدودها.

وسكتت روسيا عن شحنات الأسلحة المتدفقة إلى أوكرانيا، وبعد الوصول إلى ضواحي كييف في بداية الحرب، وبدل التقدم وتطويق العاصمة، والضغط على النظام الأوكراني، قامت بالتراجع وسحب قواتها، واختارت حرب استنزاف، راح ضحيتها آلاف الجنود الروس والأوكران.

ويقارن هولاء رد فعل روسيا، برد فعل الولايات المتحدة الامريكية، عندما أرسل السوفيات في ستينات القرن الماضي، صواريخ إلى كوبا، فهددت أمريكا يومها بإشعال حرب عالمية، وأجبرتهم على التراجع، وسحب تلك الصواريخ.

ربما كان قائد فاغنر السابق يفغيني بريغوجين، والجنرال سيرغي سوروفيكين، الذي اختفى من المشهد الإعلامي بعد التمرد الفاشل لمجموعة فاغنر في يونيو/حزيران الماضي، هما الأعلى صوتا.
لكن هما ليسا الوحيدين، اللذين عارضا السياسة الروسية الناعمة، مع الولايات المتحدة الامريكية، ودول الغرب، التي تقول علناً بأنها ستعمل على إلحاق الهزيمة بروسيا.

الصين

تتبع الصين أيضاً السياسة الناعمة اتجاه الولايات المتحدة الامريكية، ولم تجرؤ على رفع التحدي، رغم كل ما فعله الأمريكي، من فرص عقوبات عليها، ودعمه لانفصال تايوان عنها، وتزويدها بأحدث الأسلحة، وتشجيعها على الحرب ضد الصين، وحظر شركات صينية منافسة له، مثل هاواوي وغيرها.

من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية، ما زالت تحكم هذا العالم، وتفرض قوانينها وإرادتها عليه، وتُصنّف كل من يعارضها بأنه “إرهابي” ، وتفرض العقوبات الاقتصادية يميناً وشمالاً.

وبعد أن حررت أمريكا دولارها من التغطية الذهبية، ورفضت إعادة الاحتياطات الذهبية، إلى معظم دول العالم، بما فيهم أصدقائها في أوروبا، ما زالت متمسكة بطباعة المزيد من هذه الأوراق الخضراء، ومبادلاتها بثروات العالم، في أكبر عملية غش ونهب حصلت في تاريخ البشرية.

فهذه الأوراق لا قيمة حقيقية لها، سوى أنها محمية بآلاف القواعد العسكرية والقطع البحرية، وتفرضها أمريكا كعملة عالمية للسيطرة والنهب والاستعمار. وتطبع منها كلما احتاجت قدر ما تشاء.

وها هي اليوم تصادر الاصول الروسية، وتبيعها وتهديها لأوكرانيا، خلافاً لكل القوانين الدولية، في خطوة استفزازية جديدة لروسيا، وتهديد للاستقرار العالمي.

تستثمر أمريكا في الحروب والنزاعات، وتعاقب خصومها بفظاظة وصلافة، فهل تجرؤ روسيا وأخصام أمريكا على الرد؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى