فارعة السقاف: قلب نابض بالوطن، وعقل مليء بالاحتمالات… تُشبه النهار في عزّ العتمة

النشرة الدولية – طلال السكر –
في عالم يموج بالتحديات، ويضيق فيه الأمل على الشباب، خرجت من الكويت امرأة بحجم الحلم، السيدة الفاضلة، فارعة السقاف، تحمل في قلبها نار الشغف وفي عقلها طوفان الأفكار. لم تكن مجرد سيدة أعمال أو ناشطة اجتماعية، بل كانت وما زالت حالة إنسانية نادرة تُلهم العقول قبل أن تُبهر الأعين.
امرأة تسبق زمانها
منذ بداياتها، لم تكن الفاضلة، فارعة السقاف، تنظر إلى الواقع بعين الرضى، بل كانت تسائل الواقع وتسعى لتغييره. لم تؤمن بالمستحيل، بل جعلت من كل تحدٍّ فرصة، ومن كل قيدٍ بداية جديدة. مؤهلة أكاديميًا، حاصلة على شهادة في الاقتصاد، لكنها اختارت أن تستثمر علمها في الإنسان… في الشباب تحديدًا، لأنهم – في نظرها – ليسوا فقط المستقبل، بل هم الحاضر الذي يجب أن يُعاد تشكيله.
لوياك: الحلم الذي كبر
حين أطلقت منظمة لوياك عام 2003، لم تكن تعلم أن هذه المبادرة ستصبح أحد أبرز النماذج التنموية في الوطن العربي. الفكرة بدأت بسيطة: كيف نخلق بيئة حاضنة للشباب؟ لكن ككل ما تفعله فارعة، كان وراء البساطة عمق، ووراء الحلم عمل دؤوب لا يعرف الكلل. صقلت عبر “لوياك” آلاف الشابات والشبان، وأرسلتهم إلى العالم، لا ليعملوا فقط، بل ليتعلموا، ليبنوا شخصياتهم، ويكتشفوا شغفهم، ويعودوا إلى أوطانهم وهم أكثر نضجًا وعطاء.
من تدريب، إلى ورشات في الفاو، إلى مبادرات تطوعية في قرى نائية… كانت لوياك تجسيدًا حقيقيًا لرؤية فارعة في تعليم الشباب كيف يُفكرون، لا بماذا يُفكرون.
الجوائز لا تصنع القيمة، لكنها تعترف بها
فارعة السقاف لم تسعَ يومًا خلف الجوائز، لكنها لحقتها حيثما ذهبت. من ميدالية التميز من الدرجة الأولى التي منحها لها أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، إلى التكريمات المتعددة من مؤسسات دولية ومحلية… كل شهادة تقدير كانت اعترافًا عالميًا بأن صوتها الصادق، وفكرها المختلف، وأثرها الملموس، يستحق كل امتنان.
لكن الأهم من الجوائز، هو الحب الذي تحصده في عيون الشباب، الذين لا ينسون يدًا امتدت إليهم في وقت كانوا يبحثون فيه عمّن يؤمن بقدراتهم.
أفكارها… لا تشبه أحدًا
ما يميز الفاضلة فارعة السقاف، حقًا هو قدرتها على التفكير خارج الصندوق. لا تتبع الأنماط، ولا تكرر تجارب الآخرين. ترى في الفن وسيلة للتغيير، وفي الثقافة جسورًا للحوار، وفي الإنسان مشروعًا يحتاج فقط إلى فرصة ليزهر. أفكارها مبتكرة، غير مألوفة، لكنها دائمًا متصلة بجوهر عميق من الإحساس بالمسؤولية، والرغبة الصادقة في تمكين الآخر.
هي لا تؤمن بالحلول الجاهزة، بل تصمم نماذجها الخاصة. لا تنتظر الضوء الأخضر من أحد، بل تصنع طريقها وتضيئه بيديها.
قلبها كما عقلها… استثنائي
ليست فقط قائدة. إنها أخت وأم وصديقة ومُلهمة. تستمع بصدق، وتحتوي بحنان، وتدفع كل من حولها ليكون أفضل نسخة من نفسه. تمتلك تلك القدرة النادرة على أن ترى في الآخرين ما لا يرونه في أنفسهم، وتوقظ فيهم الطموح الذي خفت بفعل الإحباط أو الزمن.
عشرون عامًا من الشغف والإبداع وعلى مدى أكثر من عشرين عامًا، لم تتوقف فارعة عن الحلم، ولم تتعب من الإبداع. كانت ولا تزال تسبق عصرها، تؤمن بالشباب، وتُراهن على المستقبل. هي لم تبنِ مؤسسة فقط، بل أسست ثقافة جديدة في العمل التطوعي، والتفكير المجتمعي، وتنمية الإنسان من الداخل.
في كل عام كانت تضيف صفحة جديدة في قصة لا تشبه إلا القصص التي تُكتب بحبر القلب والعقل معًا.