حرب الجامعات… هي الأخطر
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –
الجريدة –
ما يفعله الرئيس ترامب تجاه الجامعات الأميركية يندرج في خانة «الانتقام» من تلك المؤسسات التعليمية، يريد تطويعها لسلطته المطلقة… هو الآن يعاقبها لأنها سمحت للطلبة بالتظاهر تأييداً للفلسطينيين، وبحسب زعم إدارته أنها تحولت إلى ساحات لمعاداة السامية!
الرئيس ترامب ليس مجنوناً كما يصوره البعض، بل هو يستجيب لشيء حقيقي جداً، وهو أزمة الهيمنة الأميركية على العالم، بحسب توصيف الكاتب الأميركي البارز ديفيد ولز، فمن وجهة نظره الإمبراطورية الأميركية تحتضر وتتهاوى لكن ببطء شديد.
ما هي مطالب ترامب وماذا يريد تحقيقه من جامعات النخبة؟
أولاً: إلغاء برامج التنوع، فقد اشتكى من «التمييز العنصري» في التعليم العالي ضد البيض!
ثانياً: منع ارتداء الأقنعة في الحرم الجامعي، لمنع المتظاهرين من إخفاء هويتهم!
ثالثا: إيقاف معاداة السامية، بعد المظاهرات المنددة بجرائم إسرائيل في غزة.
رابعاً: محو أيديولوجية «اليقظة» عند الجامعات.
خلاصة المطالب تطويع وإخضاع الحياة التعليمية لما يخدم سياسات ترامب، وبمعنى أوضح اعتبرت جامعة هارفارد والجامعات الأخرى باستثناء جامعة كولومبيا أن تلك «الإملاءات» هي «تدخل حكومي غير مسبوق، وتدخل سياسي يهدد التعليم العالي الأميركي».
إذن باتت هناك حرب مفتوحة بالداخل الأميركي، والأخطر من كل الحروب التي يخوضها الرئيس، وبعد أن فتحها على مصراعيها، لأنه يعتقد أنه الأقوى وبمقدوره أن يفعل ما لا يستطيع أي رئيس آخر أن يفعله!
المعركة المفتوحة ضد هارفارد تحديداً وجامعات النخبة جاءت كما يراها محللون إرضاءً لعدد من المتمولين والمتبرعين الكبار في حملته الانتخابية الرئيسية، وهي بشكل من الأشكال تعبير عن قوة التيار اليميني المتعصب والآخذ بالتوسع والتأثير المباشرين في كل مناحي ومفاصل الدولة…
يزعم التيار اليميني المحافظ في أميركا أن الجامعات مسرفة في الليبرالية، تستبعد الأصوات اليمينية وتعطي الأفضلية للأقليات!
الكاتب جيمس بول من صحيفة «آي» البريطانية يعترف بأنه بإمكان الرئيس ترامب أن يفعل ما يحلو له، فقد باتت قواعد الحقوق الأساسية لأي مواطن أميركي على المحك؟
لذلك يطرح السؤال التالي: هل المسألة حماية الطلبة اليهود في الجامعات؟ أم أن المعركة أبعد من ذلك بكثير، ربما يسير باتجاه قتل روح أميركا وإضعاف 200 جامعة أقامت دعاوى قضائية ضد إدارته، لا سيما أن الحديث يتمحور حول أعرق وأقدم جامعة هي هارفارد، خزان العقل البشري بالاختراعات والعلوم والأبحاث.
مجلة «نيوزويك» نشرت تحقيقاً موسعاً كتبه أستاذ القانون بجامعة كنتاكي، ماثيو بوان، تحت عنوان «هل يمكن أن نتعرض للترحيل؟» يخاطب المواطن الأميركي بعد سلسلة من الإجراءات اتخذتها إدارة البيت الأبيض.
يبدو أن الثقة في التعليم العالي بدأت تفقد قيمتها، وهناك من يعتقد أنها آخذة في التراجع، فالممثل الأكاديمي في مجلس طلاب هارفارد، ماثيو توبين، يقول لمحطة «بي بي سي»: «إنه هجوم سيئ النية تماماً، تخفيضات التمويل لها علاقة بمهاجمة ترامب لمؤسسة يراها ليبرالية، ورغبته في ممارسة سيطرة أكبر على ما يدرسه الناس وكيف يتعلم الطلاب ويفكرون» هذه المشهدية تلقفها الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية، ودعوا فيها، ومن جامعة السوربون، وخلال مؤتمر أقيم بعنوان «اختر أوروبا من أجل العلم»، إلى جذب الباحثين والعلماء الأميركيين الذين يشعرون بالاستياء والإحباط، ومستعدين للانتقال من أميركا بسبب سياسات الرئيس ترامب! الدعوة استلهمها الرئيس ماكرون على خلفية نجاح العالمة ماري كوري، بولندية الأصل، والتي شاعت شهرتها انطلاقاً من المختبرات الفرنسية لتصبح أول سيدة تنال جائزة نوبل.