المبعوث الأممي يوصي أمام مجلس الأمن بأربعة مقترحات كفيلة بتأمين إتفاق لهدنة أوسع في اليمن

عقد مجلس الأمن الدولي جلسة، لبحث مستجدات الوضع السياسي والأمني في اليمن، إستمع خلالها الأعضاء إلى إحاطة من  المبعوث الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، حول آخر التطورات وجهود هدنة وقف إطلاق النار الثانية التي وقعها الطرفان قبل أسبوعين.

وقال إن الطرفين اتفقا على تمديد الهدنة، بنفس الشروط لمدة شهرين آخرين، أي حتى الثاني من أكتوبر. وأثنى على الطرفين لاتخاذ هذه الخطوة، التي تسمح بأطول فترة توقف للقتال منذ بدء الحرب، على حد تعبيره.

إلى جانب تمديد الهدنة، أكد المبعوث الأممي التزام الطرفين بالاستفادة من الشهرين المقبلين لمواصلة المفاوضات للتوصّل إلى اتفاق هدنة موسَّع، بحلول أكتوبر القادم.

وسيشمل الاتفاق الموسَّع على عناصر إضافية تحمل المزيد من الإمكانيات لتحسين الحياة اليومية لرجال ونساء اليمن. كما سيسمح باتخاذ مزيد من الخطوات نحو إنهاء الصراع.

وأضاف: “نحتاج جميعا إلى تذكير أنفسنا بأن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة سيؤدي إلى تجدد دورات التصعيد والعنف، مع عواقب… مدمرة على سكان اليمن. اليمن بحاجة ماسة إلى تجنب هذا السيناريو”.

وأفاد غروندبرغ بأن الهدنة لا تزال صامدة إلى درجة كبيرة من الناحية العسكرية، مع استمرار الانخفاض في أعداد الضحايا المدنيين، لاسيّما في الأسبوع الأول من شهر أغسطس والذي شهد تسجيل أقل عدد للضحايا المدنيين منذ بدء الهدنة وبداية الحرب في اليمن.

وأكد المبعوث الأممي أن فتح طرق في تعز ومحافظات الأخرى لا يزال في طليعة جهوده. كما سلط الضوء أيضا على الوقت الذي بذله مكتبه على جانبي جبهة تعز للتحاور مع السلطات المحلية والوسطاء المحليين ومنظمات المجتمع المدني.

وقال “قدّمنا إلى الأطراف عدة مقترحات حول مجموعات مختلفة من الطرق وخيارات تسلسل فتحها، ومن المؤسف أنَّه على الرغم من هذه الجهود، لم يُحرَز أي تقدم في فتح الطرق حتى الآن.”

وشدد على ضرورة أن تتفق الأطراف على فتح الطرق في أسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن فتح الطرق قضية إنسانية بشكل أساسي، وتوفر الهدنة بيئة مواتية للطرفين للوفاء سريعا بهذه المسألة.

وأشار غروندبرغ إلى أنه ومنذ بدء الهدنة، أجيز دخول 33 سفينة إلى ميناء الحديدة محمَّلة بقرابة مليون طن متري من مختلف المشتقات النفطية.

وأعرب عن تقديره للدور المحوري الذي تلعبه آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة في تسهيل تدفق واردات الوقود.

كما كشف عن تسيير  نحو 31 رحلة طيران، ذهابا وإيابا، منذ بدء الهدنة وحتى الآن، مشيرا إلى أن هذه الرحلات أقلّت أكثر من 15,00015 ألف مسافر من مطار صنعاء وإليه. وبفضل الدعم الاستثنائي المقدّم من الأردن، ازداد عدد الرحلات التجارية حتى وصل لثلاث رحلات أسبوعية ما بين صنعاء وعمّان.

وأعرب عن أمله في أن يزداد عدد الرحلات الجوية وتواترها بغرض السماح للرجال والنساء اليمنيين بلم شملهم مع عائلاتهم والبحث عن العلاج وفرص التعليم في الخارج.

وقال المبعوث الأممي الخاص إنه لمس تأكيدا مستمرا من الطرفين بشأن أهمية البناء على الهدنة القائمة بهدف تلبية نطاق أوسع من الأولويات الاقتصادية والأمنية والمضي قدما نحو حلول أكثر ديمومة للقضايا ذات الأبعاد السياسية.

وأوصى بأربعة مقترحات بشأن اتفاق موسّع للهدنة، وهي أولا، آلية شفافة وفعّالة لصرف منتظم لرواتب موظفي الخدمة المدنية ومعاشات المتقاعدين المدنيين، ثانيا، فتح طرق إضافية في تعز ومحافظات الأخرى، ثالثا، المزيد من الوجهات من وإلى مطار صنعاء الدولي، رابعا، التدفق المنتظم للوقود.

كما تحدثت في جلسة مجلس الأمن السيدة غادة مضوي، القائمة بأعمال مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، حيث رحبت بالتمديد الأخير للهدنة في اليمن.

وأعربت عن أملها في أن يشهد هذا التمديد تقدما سريعا في إعادة فتح الطرق الرئيسية في تعز وما حولها، حيث واجه المدنيون وحركة المرور التجارية ووكالات الإغاثة قيودا لا تطاق على الحركة منذ سنوات.

وأعربت عن أملها في رؤية نهاية أشمل للعنف داخل اليمن، قائلة إنه وعلى الرغم من انخفاض مستوى القتال والخسائر في صفوف المدنيين بشكل حاد منذ نيسان/أبريل، إلا أنهما لم يتوقفا تماما، على حد تعبيرها.

ونوهت إلى قصف الذي وقع بتاريخ 23 يوليو على مدينة تعز وأسفر عن مقتل طفل وإصابة عشرة أطفال آخرين. وفقا لتقارير مفتوحة المصدر، قُتل أكثر من 150 مدنيا منذ بدء الهدنة في نيسان/أبريل”.

وتطرقت المسؤولة الأممية إلى الأزمة الإنسانية الهائلة في اليمن، مشيرة إلى أن الهدنة لا يمكن أن تؤدي إلى حل هذه الأزمة، بما في ذلك خطر المجاعة الذي يهدد بعض المناطق.

غادة مضوي، نائبة مدير العمليات بمكتب تنسيق الشؤون الانسانية، تدلي ببيانها أمام اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط (اليمن)، مسلطة الضوء على ثلاث قضايا رئيسية قالت إنها تشكل آفاق الوضع الإنساني في اليمن: وهي الاقتصاد، بيئة عمل وكالات الإغاثة، والتمويل الإنساني.

وحول  الوضع الاقتصادي، أشارت إلى استمرار الظروف المقلقة، وقالت “سعر الصرف الآن أسوأ مما كان عليه قبل الهدنة. كانت جميع المكاسب التي أعقبت الهدنة مباشرة قصيرة الأجل، وأصبح عدد أقل من الناس الآن قادرا على شراء الطعام أو الضروريات الأخرى”.

وذكرت بأن الإمدادات الغذائية داخل البلاد مستقرة حاليا إلى حد ما، لكن سلسلة الإمدادات الغذائية – التي تعتمد على الواردات التجارية – لا تزال غير مستقرة. بينما في يوليو، تراجعت الواردات الغذائية التجارية للشهر الرابع على التوالي، حيث انخفضت بنسبة 30 في المائة عن متوسط 12 شهرا. هناك مخاوف جدية تلوح في الأفق بشأن الواردات التجارية المتجهة إلى الحديدة والصليف – والتي يتم فحصها جميعا بواسطة آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة قبل الوصول”.

لكن المسؤولة الأممية قالت إن من المرجح أن تتوقف آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش عن العمل في غضون أسابيع قليلة، مشيرة إلى أن الآلية بحاجة إلى 3.5 مليون دولار لدفع تكاليف العمليات حتى شهر كانون الأول/ديسمبر.

وقالت إن الوكالات الإنسانية تواصل تقديم المساعدة في جميع أنحاء البلاد، لتصل في المتوسط إلى أكثر من 11 مليون شخص شهريا. لكن الوكالات غالبا ما تواجه قيودا خطيرة في القيام بذلك.

في صنعاء، أشارت السيدة غادة مضوي إلى أن جماعة الحوثي لا تزال تحتجز موظفين أممييّن اثنين كانت قد وعدت بالإفراج عنهما في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. “ولا يزال خمسة من موظفي الأمم المتحدة الذين اختطفوا في أبين في شباط/فبراير في عداد المفقودين”. وجددت الدعوة إلى إطلاق سراح جميع عمال الإغاثة المحتجزين فورا.

فيما يتعلق بالتمويل الإنساني، أشارت المسؤولة الأممية إلى أنه في الشهر الماضي، خصصت الولايات المتحدة 431 مليون دولار إضافية لخطة الأمم المتحدة للاستجابة في اليمن – مما رفع إجمالي التمويل الأمريكي هذا العام إلى أكثر من مليار دولار.

واختتمت إحاطتها بالقول إنه من خلال اتخاذ إجراءات بشأن تعزيز الاقتصاد، ودعم آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش، والدعوة إلى وصول المساعدات الإنسانية، وسد فجوات التمويل في خطة الاستجابة للتهديد الذي يشكله خزان النفط صافر – يمكن للدول الأعضاء منع وقوع المزيد من الكوارث، وتقليل المعاناة، وتعزيز قدرة صمود ملايين اليمنيين.

وبدوره تحدث السفير عبد الله علي فضل السعدي، مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة مجددا حرص الحكومة الكامل على “إنجاح الهدنة الإنسانية وتنفيذ كامل بنودها والبناء عليها نحو وقف شامل لإطلاق النار وإنهاء الصراع ورفع المعاناة الإنسانية وتسهيل حياة أبناء شعبنا اليمني الذين يقبعون تحت سلطة الميليشيات الحوثية”.

وقال إن “هذه الميليشيات” غير جادة وغير راغبة في السلام على حد تعبيره، مشيرا إلى أنها تسعى “لإفشال كل الجهود الرامية لتحقيق هذا الهدف، والتنصل عن التزاماتها بموجب هذه الهدنة، والاستمرار في الاعتداءات والخروقات”.

وأضاف يقول: “إن الأحداث التي نشهدها منذ سريان الهدنة تؤكد أن الميليشيات الحوثية تقف حجر عثرة أمام جهود التهدئة وإحلال السلام وتحاصر المدنيين وتنهب الإيرادات وتتخذ الملف الإنساني أداة للتضليل والابتزاز والمساومة”.

وقال السفير اليمني إن الشعب اليمني وقع ضحية ويعاني من ضغوط هذه الحرب المدمرة التي أضحت نتائجها وخيمة على كافة الأصعدة، على حد تعبيره.

وجدد السعدي التأكيد على أن تغليب لغة الحوار هي الطريق الأمثل والأسمى للخروج من هذا الصراع، داعيا الحوثيين إلى “اغتنام فرص السلام والجنوح للحوار والابتعاد عن لغة الحرب وتصعيد حربهم على اليمنيين وجيرانهم في المنطقة ولتجنيب شعبنا المزيد من المعاناة الإنسانية”.

ومن جانبها تحدثت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى مجلس الأمن، لافتى إلى الفرصة المتاحة حاليا لتحقيق سلام مستدام في اليمن بفضل التمديد الأخير للهدنة. وقالت “يواصل اليمنيون جني فوائد الهدنة بشكل ملموس. واستطاع خمسة عشر ألف يمني مغادرة مطار صنعاء للمرة الأولى منذ عام 2016، ويدخل الوقود إلى الحديدة بنسبة خمسة أضعاف شهريا مقارنة بعام 2021. كما يوفّر تمديد الهدنة فرصة مهمة لتحقيق اتفاقية أرسخ وأكثر ثباتا وشمولا – اتفاق شامل يزيد من تحقيق الفوائد بشكل هادف لليمنيين ويسمح بالتوصّل إلى حلّ دائم للصراع الذي استمر لفترة طالت كثيرا جدا”.

ودعت السفيرة الأمريكية الأطراف في اليمن إلى تكثيف وتسريع المفاوضات لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق موسّع يقوم على أساس الاقتراح الذي طرحه المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ويسمح بإجراء مناقشات لتأمين وقف شامل لإطلاق النار على مستوى البلاد وتمهيد الطريق لاستئناف العملية السياسية بين اليمنيين.

وشددت في نفس الوقت على أهمية أن تشمل مثل هذه العملية السياسية أدوارا ذات مغزى للنساء وقادة المجتمع المدني وأعضاء المجتمعات المهمشة الأخرى.

وأكدت على أن الخطوة الأولى هي تأمين اتفاق موسّع من الحوثيين في تعز كضرورة إنسانية طال انتظارها.

وطالبت الحوثيين لقبول اقتراح المبعوث الخاص للأمم المتحدة وفتح الطرق المؤدية إلى تعز دون تأخير، والإفراج الفوري وغير المشروط عن الموظفين اليمنيين الحاليين والسابقين الذين عملوا أو يعملون لدى الحكومة الأمريكية والأمم المتحدة والذين احتجزوا في صنعاء فضلا عن العاملين في المجال الانساني.

زر الذهاب إلى الأعلى