“السطو الناعم”: المصارف اللبنانية تشارك العملاء بأموالهم ورواتبهم عُنوة
بقلم: عزة الحاج حسن
النشرة الدولية
المدن –
من دون أي تبريرات أو إخطارات يصحو عملاء المصارف اللبنانية على اقتطاعات جديدة من أموالهم المودعة في حساباتهم المصرفية، سواء كانت ودائع قديمة أو جديدة أو رواتب موطّنة، من دون تمييز ما إذا كانت بالدولار المصرفي (أي اللولار) أو بالدولار الفريش أو حتى بالليرة اللبنانية.
رسم على حساب مُختلَس
مصرف واحد، أبلغ زبائنه باقتطاعه نسبة من أموالهم في حال إجراء عملية تحويل. أصدر بنك سوسيتيه جنرال SGBL من دون خجل أو إحراج، إشعاراً إلى زبائنه أعلن فيه تطبيقه من الآن وصاعداً رسم فوركس بقيمة دولارين على كل عملية تحويل من الدولار المصرفي (أموال غير جديدة) إلى الليرة اللبنانية.
والمضحك المبكي هنا أن الاقتطاع الجديد سيتم من الحسابات الدولارية القديمة، أي تلك التي أصلاً تقتطع منها اليوم المصارف أكثر من 75 في المئة، من خلال صرفها بالليرة اللبنانية حصراً وفق سعر صرف 8000 ليرة للدولار، في حين أن الدولار الحقيقي يزيد سعره اليوم عن 37000 ليرة. ما يعني أن المصرف المذكور قرر تقاضي رسمٍ على سحوبات من حسابات مصرفية “مُختلسة” من قبله.
اقتطاعات تفوق المنطق
أما غالبية المصارف فقد رفعت نسب اقتطاعاتها بشكل مُلفت ومُفاجئ، وتراوحت قيمة الرسوم المفروضة على الحسابات الدولارية الفريش بين 16 و19 دولاراً. وفي إحدى الحالات اقتطع بنك بيبلوس 80 دولاراً من حساب عميل له، لقاء إتمام عملية تحويل بقيمة 450 دولاراً، ما يعني ان المصرف المذكور غرّم العميل نسبة 17.7 في المئة من قيمة الحوالة التي قام بتحويلها.
النسبة المرتفعة للعمولة تجاوزت طبيعة العمل المصرفي بأشواط، باتت أشبه بـ”خوّة” تفرضها المصارف اعتباطياً على العملاء، وتحدّد قيمتها بمعزل عن أي أصول للتعامل المصرفي. وهو ما يوحي للعملاء بأن المصرف يفرض نفسه كشريك مع العميل في ماله. وهو شعور راود العديد من العملاء، ومنهم من رفع شكواه إلى رابطة المودعين، لعل صوته يصل إلى مسامع المعنيين.
لجنة الرقابة
بعد ورود العديد من الشكاوى من قبل عملاء مصرفيين، بحق بنك البحر المتوسط Bank MED إلى رابطة المودعين، قرّرت الأخيرة التقدّم بإنذار قانوني للمصرف المعني وبشكوى لدى لجنة الرقابة على المصارف.
غير أن لجنة الرقابة على المصارف، وهي الجهة المعنية بتلقي الشكاوى بحق المصارف المخالفة، تحاول تحييد نفسها عن أي إشكالات مع المصارف! حتى أن أحد أعضاء لجنة الرقابة سبق أن قال لـ”المدن” إنه يتفّهم قرارات المصارف باقتطاع نسب مئوية من حسابات العملاء، ذلك لتغطية تكاليف عملها العالية.
موقف عضو لجنة الرقابة، جاء متماهياً مع موقف المصارف ومبرّراً لممارساتها. فأحد المصرفيين قال وبكل وضوح رداً على سؤال “المدن” عن مخالفة المصارف بفرض عمولات كبيرة على الحسابات والسحوبات وغيرها من دون أي مسوّغ قانوني: “بالنهاية المصارف كيف بدا تعيش؟”. سؤال طرحه المصرفي يخفي الكثير من الحقائق، أبرزها أن المصارف لم تكن يوماً مصارف مستثمرة، بل كانت دوماً تغتني على حساب أموال عملائها. واليوم تحاول سلبهم نسباً من أموالهم كي تؤمن نفقاتها التشغيلية وتكاليف معاملاتها.
عمولات “منتفخة”
العمولات التي تفرضها المصارف حديثاً لا تقتصر على السحوبات فقط. فبنك البحر المتوسط Bank MED على سبيل المثال، يقتطع من حوالة بقيمة 1000 دولار نحو 50 دولاراً تتوزع بين 25 دولاراً كعمولة و7.5 دولارات على صيانة الحساب، والعمولة الشهرية وعمولة الـonline وعلى كل عملية سحب عبر الصراف الآلي ATM نحو 7.5 دولار ونصف دولار على كل ألف دولار.
عملية “تشبيح” أخرى قام بها المصرف عينه، تمثّلت بوقف خدمة الأون لاين online على مدى عامين، ثم قام بسحب رسومه دفعة واحدة، أي نحو 25 دولاراً من كل حساب مصرفي على الرغم من توقف خدمته لعامين.
كما تبلغ نسبة رسوم بنك الاعتماد من الحسابات المصرفية 5 دولارات على كل عملية سحب. أما باقي المصارف فلا تقل تسلّطاً ووقاحة عن زملائها، فقد ذهبت بغالبيتها إلى فرض عمولات على السحوبات من حسابات اللولار والليرة أيضاً.
النسب العالية التي تفرضها المصارف على عملائها كعمولات ورسوم، دفع بالعديد من المحال التجارية إلى فرض عمولات مرتفعة على بطاقات الزبائن المسحوبة على حسابات باللولار أو الدولار المصرفي، ومنها ABC mall حيث يتم اقتطاع نسبة 20 في المئة من فاتورة الزبون في حال سدد فاتورته عبر بطاقته المصرفية.
وتأتي ممارسات المصارف الجديدة وفرضها رسوماً مرتفعة على السحوبات وكافة العمليات المصرفية، عقب إصدار مصرف لبنان قراراً خفّض بموجبه الفوائد على الودائع لأجل بالدولار المودعة من قبل المصارف، وفوائد شهادات الإيداع بالدولار المصدرة من مصرف لبنان التي تملكها المصارف، بنسبة 50 في المئة، واستمر استثنائياً بدفع نصفها بالدولار والباقي بالليرة اللبنانية.