هل بتنا سجناء في وطننا؟؟
بقلم: غنوى الصايغ

النشرة الدولية –

بين الماضي القريب والحاضر مسافة بعيدة لم يعد للبنانيين طائلة اليها. فاذا أراد اللبنانيون أن يقارنوا بين ما يعيشونه اليوم وبين ما اعتادوا عليه من فترة ليست ببعيدة، على الأرجح أن معظمهم سيصاب بالهستيريا.

اعتاد الشعب اللبناني على الأزمات والخضات والمشاكل المتنقلة والاعتصامات والإضرابات والضغوط المتنوعة اللامتناهية ، لكنه لم يعتد على الذل بهذا الشكل. منذ تأسيس هذا الكيان الصغير كان هناك الغني ومتوسط الحال والفقير. كل منهم ضبط ايقاع حياته بحسب امكانياته، ومع ذلك كان باستطاعة العدد الأكبر التمتع بالعديد من الكماليات ليس فقط الأساسيات.

اعتاد اللبناني على الرفاهية، فهو بطبعه عاشق للحياة وملذاتها. اغتنم كل الفرص التي أتيحت اليه، اقترض من البنوك وشركات مختلفة وكان يدفع أقساطا بالجملة فقط لكي يرفه عن نفسه.

غابت الدولة عن وضع الخطط لبناء حياة سليمة لمواطنيها، فوجد الناس الحلول بأنفسهم. ففي الوقت الذي لا يوجد وسائل نقل مشتركة، قام اللبنانيون بسحب القروض وشراء السيارات (لكل فرد في العائلة سيارة). غابت الدولة عن تأمين التعليم المجاني للجميع والطبابة المجانية، فأيضا وجد الناس حلولا بأنفسهم عبر شركات التأمين والقروض والاستدانة بالفائدة وغيرها. حتى السياحة في لبنان لم تكن بمتناول البنانيين كافة، فكان السفر الى بلدان قريبة أوفر بالنسبة للكثير. حتى أن العائلات المتوسطة الحال ومن ذوي الدخل المحدود كان باستطاعتهم احضار عاملة منزلية للمساعدة في أمور المنزل.

كان اللبنانيون يدفعون القسم الأكبر من رواتبهم كأقساط وفواتير، ومع أن هذا غير مجدي على المدى البعيد، الا أنه كان مرضيا نوعا ما بما أن المواطن يستطيع تأمين حاجاته. ببساطة كان الدولار بقيمة 1500 والرواتب تتراوح بين 500 دولار وما فوق.

 

أما اليوم وبعد الأزمة الإقتصادية التي حلت بثقلها على البلد، أصبحت مشاهد الذل التي لم نعتد عليها هي سيدة الموقف. من طوابير المحروقات، الى طوابير الخبز، الى رحلات البحث الشاقة عن الدواء … أصبحت قيمة الرواتب معدومة مقارنة بالدولار. فماذا عسانا أن نؤمن براتب 50 دولارا؟؟ أصبح الهم الأساسي ماذا سنأكل اليوم؟ كيف سنذهب الى العمل؟ كيف سنضيء منازلنا؟

بين الماضي القريب والحاضر سقوط مدو. بعد أن كان اللبناني يجاهد لكي يعيش ويربي أبناءه بطريقة لائقة، أصبح الآز يجاهد ويتعب ويعمل ليلا نهارا ولا يحصل سوى على القروش التي لا تسد الرمق.

كل هذا والدولة غائبة، ما من أحد يبحث في خطة انقاذية تقينا من الأعظم. وان فكرنا بالمغادرة من البلد للبحث عن عمل والهروب من الواقع المرير، فلا نجد سبيلا لتجديد جوازات السفر. فهل بتنا فعليا سجناء في وطننا تحت رحمة عصابة لا ترحم؟

زر الذهاب إلى الأعلى