“أوجيرو” تتداعى… باتت تعيش على سلفات الخزينة وتسير على خطى كهرباء لبنان
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
باتريسيا جلاد
قرّر مجلس وزراء تصريف الأعمال في الجلسة الإستثنائية الأخيرة التي عقدها في 5 كانون الأول، إخراج مبلغ 26 مليون دولار موجود في حساب وزارة الإتصالات الى حساب وزارة المال لتحويله في ما بعد الى هيئة «أوجيرو».
وسيكفي هذا المبلغ كما أعلن وزير الإتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم لتأمين احتياجات القطاع لنحو ستة أشهر من مصاريف المازوت، الصيانة والتشغيل، لا سيما كلفة الإنترنت التي تشتريها الوزارة من الخارج، والمصاريف الاستثمارية الضرورية.
وانطلاقاً من هنا أكّد القرم لـ»نداء الوطن» أن تعرفة الإنترنت لمشتركي «أوجيرو» لن تزيد كما يتردّد».
وكان مدير عام هيئة Ogero عماد كريدية تقدّم الى وزير الإتصالات بكتاب طالباً زيادة التعرفة، إلا أن الوزير أعرب عن رفضه الإقدام على تلك الخطوة في الوقت الراهن.
ماذاحصل؟
بدأ العمل على رفع تعرفة اتصالات الخلوي و»أوجيرو» في 1 تموز الماضي بناء على قرار اتّخذه مجلس الوزراء (رقم 155) في جلسته التي عقدت بتاريخ 20/5/2022 قبل ان يصبح المجلس في مرحلة تصريف الأعمال، مرفقاً برزم وعروض خاصة، لذوي الدخل المحدود.
واستناداً الى هذا القرار صدر لاحقاً مرسوم التعرفة الجديد رقم 9458 في 24 حزيران 2022 الذي رفعت فيه تعرفة «أوجيرو» مرتين ونصفاً بدءاً من أول تموز.
أما تعرفة مشغلتي الإتصالات «ألفا» و»تاتش»، فكان القرار 155 قد رفع دولار الخلوي من السعر الرسمي 1500 ليرة لبنانية وتم احتسابه وفق منصّة «صيرفة» بعد قسمة الأسعار السابقة بالدولار على ثلاثة (أي ما يعادل نحو 8500 ليرة لبنانية للدولار في حينه) وذلك لمنع قطاع الإتصالات الذي كان يتداعى من التوقف القسري وتأمين الإستمرارية لمشغلتي الخلوي.
أما شركات مقدمي خدمات الإنترنت في القطاع الخاص فهي تتقاضى قسماً من تسعيرتها بالدولار النقدي والمتبقي وفق سعر 8000 ليرة لبنانية للدولار الواحد. في حين أن التسعيرة المحدّدة في مؤسسة «أوجيرو» لناحية الإنترنت فهي أقلّ وبالليرة اللبنانية.
وبالنسبة الى الأفراد، فإن شركات مقدمي خدمات الإنترنت لا تبيع خدماتها بالدولار «الفريش» ولكن بسعر أعلى من تسعيرة «أوجيرو»، من هنا سعت وزارة الإتصالات الى تلبية الطلبات التي تقدّم اليها قدر الإمكان، ما أدى الى زيادة عدد المشتركين على شبكة وزارة الإتصالات /»أوجيرو».
فإذا أمنت شركتا الخلوي عائدات من خلال اعتماد سعر «ًصيرفة» للدولار، فإن هيئة «أوجيرو» التي تتقاضى كلفة خدمة الإنترنت بالليرة اللبنانية فضلاً عن أنها لا ترتبط بسعر منصّة «صيرفة»، ستنخفض عائداتها مع كلّ وثبة للدولار وتزيد بالتالي كلفة مصاريفها. فبدل أن يكون قطاع الاتصالات تاريخياً ثاني أهم مورد لإيرادات الدولة بعد الضرائب، إذ كان يرفد الخزينة بإيرادات بالليرة اللبنانية تبلغ نحو 1.4 مليار دولار سنوياً عبر مشغلتي الخلوي «ألفا» و»تاتش، بات اليوم وتحديداً هيئة «أوجيرو» التي لا تزال تسعيرة خدماتها تحتسب بالليرة اللبنانية تحقّق خسائر وتمدّ يدها للسلفات.
التعرفة سترتفع
ويؤكّد القرم في هذا الإطار أن «تعرفة «أوجيرو» سترتفع عاجلاً أم آجلاً. ولكن ليس اليوم لأن الوقت غير ملائم لزيادة الأعباء على المواطنين، علماً أن تعديل تعرفة خدماتها يتطلّب مرسوماً وبالتالي انعقاد مجلس وزراء وليس حكومة تصريف أعمال. وان مبلغ الـ26 مليون دولار النقدي والذي دخل في الدفاتر وفق سعر 1500 ليرة للدولار الواحد «سيُفرجنا». أما إمكانية زيادة تعرفة الخلوي مع ارتفاع سعر صرف الدولار المستمرّ فإن «هذا الأمر لن يحصل « كما أكّد القرم.
الإنترنت غير الشرعي
أما عن معالجة مسألة الإنترنت غير الشرعي اي الموزع عبر شبكات مُنشأة من دون تراخيص وخلافاً للقانون، والذي أدرج في المرسوم المقرّ وقتها، فقد بدأ يعطي هذا الأمر نتيجة، إذ بحسب القرم هناك نحو 700 ألف مشترك على هذه الشبكات، تحاول وزارة الإتصالات تنظيمهم ضمن إجراءات رقابية وقانونية. كاشفاً أن «أكثر من 120 ألف مشترك لم يكن مصرّحاً عنهم أدرجوا حتى اليوم على لائحة مشتركي الإنترنت المصرّح عنهم، الأمر الذي سيزيد مدخول وزارة الإتصالات.
وحول التدابير التي تقوم بها وزارة الإتصالات للحدّ من ظاهرة الإنترنت غير الشرعي، قال القرم «أرسلنا إنذاراً الى تلك الشركات الخاصة المزوّدة لخدمة الإنترنت، لتسليمنا معلومات حول المشتركين لديها لاستكمال إدراجهم على لوائح الوزارة. وبالتالي تطبيق الأنظمة والقوانين على الشبكات ذات الصلة، على أن يحال الى القضاء كل من لا يلتزم بالإجراءات الموضوعة من قبل الوزارة التي تبدأ بمراقبة الـRADIUS (Remote Authentication Dial-In User Service ) للمصادقة عن بعد على ما تمّ تسليمه من معلومات عن مشتركي الشركات. ومن ثمّ ضبط الشبكات المخالفة ووضعها بتصرّف الوزارة لإدارتها، وبالتالي استيفاء رسوم استخدام تلك الشبكات التي لم تكن تدفع سابقاً.
لافتاً الى أن «ديوك الحيّ» الذين يوزّعون الإنترنت «غير الشرعي» يقومون بقطع كابلات الإنترنت لـ»أوجيرو». وفي هذا السياق يُعدّ تقريراً حول ذلك بغية إرساله الى الجهات الأمنية لملاحقتهم.
كريدية: عائدات «أوجيرو» تتآكل
بدوره أعرب مدير عام هيئة اوجيرو عماد كريدية خلال حديثه الى «نداء الوطن» عن مخاوفه من أن تلحق هيئة أوجيرو بركب قطاع الكهرباء والإعتماد على السلفات التي تصبح عبئاً على عاتق الدولة. من هنا جاء كتابه الى وزير الإتصالات الأسبوع الماضي برفع تعرفة «أوجيرو» من خلال ربط تسعيرتها بالدولار أو بسعر صيرفة أسوة بقطاع الخلوي، وذلك «للحفاظ على قيمة المداخيل التي تسمح لنا بالاستمرار في تأمين الخدمة».
وسأل: «ما الفائدة من إبقاء الأسعار على حالها والعجز عن تقديم الخدمة للناس؟».
وعن التسعيرة المقترحة كي تتمكن «أوجيرو» من الاستمرار بعملها، قال كريدية: «الأسعار الحالية تنقسم على السعر الذي احتسبناه عندما عدّلنا الأسعار بمرسوم التعرفة ثم يتم ربطها بـ»صيرفة»، فتصبح تعرفة الـ 60 ألف ليرة لبنانية نحو 120 ألف ليرة». والرقم الى تغيّر باعتبار أنه يعتمد على تحرّك سعر صرف الدولار استناداً الى منصّة «صيرفة» بعد ربطها بالـ index (المحدد استناداً الى البضاعة المستوردة من الخارج والتقاضي على سعر «ًصيرفة»… على أن تصدر الفواتير بالليرة اللبنانية)، ما يسمح بالمحافظة على قيمة المداخيل حتى ولو شهد سعر صرف الدولار مزيداً من التدهور.
وشدّد «كريدية» على أن نسبة 65% من احتياجات هيئة «أوجيرو» هي قطع غيار ومستلزمات للاتصالات وتسدّد بالدولار النقدي إضافة الى فواتير المحروقات التي ندفعها أيضاً بالعملة الخضراء.
واستشهد بتعرفة الخلوي التي ارتفعت وتمّ احتسابها وفق «ًصيرفة»، فـ»ريّحت» وضع مشغّلتي الخلوي، على عكس «أوجيرو» التي زادت ضعفين ونصف مع احتساب الدولار وفق سعر نحو 20 أو 22 ألف ليرة. ويتمنى كريدية لو اعتمدت وقتها تعرفة «اوجيرو» على غرار الخلوي وفق «ًصيرفة». ولكن «وافقنا وقتها على طرح المرتين ونصف بسبب الإصرار على عدم جواز زيادة الأعباء على المواطنين» كما قال.
اليوم مطالبته تلك تاتي نظراً الى وصول سعر صرف الدولار الى 42 ألف ليرة، وبذلك يشير الى أن «قيمة مداخيل «أوجيرو» ووزارة الإتصالات من فواتير الهاتف والإنترنت لا تكفي لتغطية المصاريف التشغيلية واستيراد قطع الغيار والكابلات وكل ما يتعلق بالإنترنت. فإذا أبقينا على المعادلة التي وضعت سابقاً ستكبر الضائقة المادية خصوصاً مع عدم وجود إمكانية لاستقرار سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية وانهيار القطاع والحاجة الى الخزينة لدعم استمرارية تقديم الخدمات للمواطنين»، لافتاً الى أن «كل القطاعات باتت مدولرة في لبنان ما عدا الإنترنت».
من توريد 400 مليون دولار الى طلب سلفة
وفي ما يتعلق بكيفية تسديد الخسائر التي تتكبدها «أوجيرو»، أشار كريدية الى أن «تأمين الخسائر تلبية للمتطلبات المالية تتمّ من خلال سلف الخزينة، من هنا فبدلاً من توريد 300 أو 400 مليون دولار سنوياً بتنا نستلف من الدولة للإستمرار».
لافتا، الى أن «الموازنات المخصصة لـ»أوجيرو» للصيانة والتشغيل تبلغ نحو 614 مليار ليرة اي نحو16 مليون دولار سنوياً اذا احتسبت وفق سعر صرف السوق السوداء البالغ 40 ألف ليرة، علماً أننا نسدّد 6 ملايين دولار لتأمين الإنترنت من الخارج فقط.
عمل مقدمي خدمات الإنترنت
وحول كيفية عمل شركات مقدّمي خدمات الإنترنت، قال الوزير القرم «في لبنان هناك 120 شركة مقدّمي خدمات انترنت معروفة بـ ISP تسدّد للدولة فاتورة الإنترنت المستقدم من الخارج والمؤمّن من قبل الوزارة لتلك الشركات. كما تعطي الوزارة حقّ استخدام شبكتها (للشركات لتوزيع الخدمة)، والتي تكلّف ملايين الدولارات لإعداد بنيتها التحتية وتشغيلها وصيانتها.
واستناداً الى ذلك تتقاضى وزارة الإتصالات رسم استخدام الشبكة عن كل مشترك موجود لدى شركات الـISP، باستثناء المشتركين غير المصرّح عنهم والمزوّدين بالخدمة عبر الشبكات المخالفة غير المرخّصة. وبالتالي عندما تُنشئ شركة ISP، أو موزّع خدمات آخر، شبكة خلافاً للقانون وتوزّع خدماتها عبرها، تكون خالفت القانون وتهرّبت من الدفع وفوّتت إيرادات على الدولة».