برنامج الحكومة في الميزان
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

نص الدستور على أن الحكومة تقدم برنامج عملها فور تشكيلها، أي ان كل حكومة ملزمة دستورياً تقديم برنامج عمل، يتضمن خططها ومشاريعها التي سيتم تنفيذها خلال أربع سنوات عمل وهو العمر النظري للحكومات، إلا أن الوضع في الكويت مختلف، فعمر حكوماتنا قصير، وبناءً عليه، كل حكومة تقدم برنامج عمل، وأصبح طبيعيا جداً أن نشهد برنامجيَ عمل بذات السنة!

البرنامج الذي قدمته الحكومة مؤخراً للأربع سنوات المقبلة، جاء بنص تمهيدي يؤكد على «طيبة الكويت» بشعبها وسلطتها وتوادها وتراحمها وتواصلها وخيراتها ونعمها! وديباجة طويلة من كلمات تتغزل بطيبة البلد..

الحكومة في تمهيد برنامج العمل تنص على التزامها ترسيخ دولة الرفاه والعيش الرغيد للمواطن.. كونها بحسب ما تقول استشعرت ان خيرات وثروات الكويت يجب أن تقابلها رفاهية المواطن، كلام جميل ولكن هل سيتحقق؟

وبنظرة متكاملة وشاملة على البرنامج، يجب الاعتراف انه نظرياً جيد، خاصة في جانبه الواقعي كونه يذكر التحديات وعوامل النجاح.. ويحدد النتائج المرجوة حال تنفيذ مشاريع البرنامج، والنقطة الأهم انه يلزم الحكومة ببرنامج زمني محدد للتنفيذ، لكن وبمقابل هذه الواقعية الا ان بعض البرامج ابتعدت عن الواقع الذي يقول ان الكويت للآن مرتبطة بعداد سعر البرميل.. وسط عالم متسارع في التغيرات الاقتصادية، ما يستلزم علينا أن نفكر جديّا، بمصادر دخل بديلة ورديفة، وليس على الورق فقط!

من جهة أخرى، فان البرنامج لم يحدد مؤشرات قياس أداء لجودة هذه البرامج، مما يجعلنا نتساءل، هل الحكومة يهمها «العدد» في تنفيذ البرامج واقرار القوانين خلال أربع سنوات عمر برنامجها، أم «الجودة»؟! خاصة ان الذاكرة الكويتية مليئة بشواهد على قوانين وبرامج أقرت ثم سحبت لعدم جودتها أو لعدم امكانية تطبيقها.

 

وفي ما يتعلق بتحقيق رؤية الكويت ان تتحول لمركز مالي وتجاري، فان هذه الرؤية تتطلب تعزيز دور القطاع الخاص، الا ان البرنامج بذات الوقت يعزز هيمنة القطاع العام على مفاصل الدولة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اقتصرت نظرة البرنامج لدعم المبادرين في محور المال والاقتصاد على مشروع قانون لاعادة هيكلة منظومة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مع تعزيز المشاريع الانتاجية التي تساهم في الناتج القومي ومشاريع التحويل اللاحقة، والقائمة على الابتكار.. كلام جميل، الا ان تعزيز عمل المبادرين يحتاج أكثر من ذلك.. مثل تنويع المشاريع واعطاء ضمانات للشباب.

فضلاً عن ان تعزيز القطاع الخاص يحتاج تشريعات وقوانين تضمن بيئة أعمال مناسبة ومريحة وبعيدة عن البيروقراطية والدورة المستندية الطويلة، وتسهيلات تشمل المشاريع الصغيرة، والكبيرة.. وتحويل الحكومة لمراقب فقط.

من جهة أخرى فإن الكويت كانت تتميز في الخليج، بعدم فرض ضرائب على الشركات مثل الدول الخليجية الشقيقة، ما كانت تستطيع استثماره من خلال استقطاب الشركات العالمية والاقليمية لكنها فشلت. واليوم وبعد التوجه لفرض الضرائب على الشركات، هل ستضمن الحكومة ان شركاتها المحلية لن تغادر الى دول مجاورة.. تفرض ضريبة ولكن تقدم بيئة اعمال أكثر سهولة وأمان.

وأخيراً نستطيع القول ان صياغة البرنامج جاءت على غرار «الدبلوماسية الاجتماعية» نصت على رفاهية المواطن ببرامج لا تعبر عن الاستدامة، كتعديل سلم الرواتب والأجور، لكن ما يحقق رفاهية المواطن هو أكثر من ذلك.. اجتهدت الحكومة وصاغت برنامجا جميلا، ولكن طموحنا أكبر.

 

زر الذهاب إلى الأعلى