تقارير: دمشق أضحت مركزا ماليا لتعاملات روسيا

تعاون بين موسكو وطهران لإنتاج نحو 6 آلاف مسيرة إيرانية

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –

كشفت صحيفة “لو كانار أنشينيه” الفرنسية الأسبوعية في الخامس من فبراير (شباط) الجاري أن رئيس النظام السوري #بشار_ الأسد قرر الانخراط فعلياً في الحرب التي تشنها #روسيا على #أوكرانيا،

وذكّرت الأسبوعية الفرنسية بمقالة للكاتب والصحافي كلود أنجيلي نقلاً عن مصدر أمني مطلع، أن “الأسد يسهم بدور كبير في الهجوم الروسي من خلال إنشائه داخل مناطق سيطرة نظامه مراكز تصنيع للذخائر الحربية التي يتم شحنها إلى روسيا”. وأضافت الصحيفة أن سوريا أضحت مركزاً أساسياً لصناعة مسيرات “شاهد” الإيرانية المستخدمة من قبل الجيش الروسي في الحرب على أوكرانيا، مضيفة أن دمشق باتت مركزاً مالياً تستخدمه روسيا في مبادلاتها العسكرية مع حلفائها، لا سيما كوريا الشمالية والصين.

سوسن مهنا

بدورها كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية بتاريخ الخامس من فبراير الجاري أيضاً، ونقلاً عن مسؤولين من دولة حليفة للولايات المتحدة، عن تفاصيل جديدة للتعاون المتزايد بين موسكو وطهران من أجل إنشاء مصنع جديد في روسيا ينتج مسيرات إيرانية لاستخدامها في حرب أوكرانيا، وبحسب التقرير الوارد فإن المصنع بإمكانه إنتاج ما لا يقل عن 6 آلاف طائرة مسيرة إيرانية لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

وأكدت الصحيفة أن المصنع الجديد الذي سيتم إنشاؤه في روسيا يعكس أحدث تطور في العلاقات بين طهران وموسكو، ولفت المسؤولون بحسب الصحيفة الأميركية الذين لم يتم الكشف عن أسمائهم أو جنسياتهم، أن “وفداً إيرانياً رفيع المستوى سافر إلى روسيا أوائل يناير (كانون الثاني) الماضي لزيارة الموقع المخطط بناء المصنع فيه، والوقوف على تفاصيل كيفية بدء المشروع وتشغيله، وأضافت المصادر أن طهران وموسكو تعتزمان إنتاج طائرة مسيرة أكثر سرعة لكي تشكل تحدياً جديداً للدفاعات الجوية الأوكرانية. ويؤكد التقرير نقلاً عن المصادر نفسها أن “المحادثات بين البلدين قد تحولت إلى خطط ملموسة من خلال الزيارة التي قام بها الوفد الإيراني نهار الخامس من يناير الماضي إلى بلدة ييلابوغا الروسية (600 ميل شرق موسكو)، وترأس الوفد الإيراني رئيس منظمة أبحاث سلاح الفضاء والاكتفاء الذاتي في الحرس الثوري الإيراني عبدالله محرابي، والرئيس التنفيذي لشركة القدس لصناعة الطيران قاسم دماونديان”، وهي شركة تصنيع دفاعية تقول الولايات المتحدة إنها تعد ركناً أساسياً في تطوير وتصنيع الطائرات المسيرة الإيرانية، فيما لم تعلق كل من طهران وموسكو على تقرير “وول ستريت جورنال”.

وكان البيت الأبيض حذر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي من أن النظام الإيراني وروسيا يدرسان ما إذا كان سيتم بناء خط إنتاج مشترك للطائرات المسيرة في روسيا، مشيراً إلى أن موسكو تدرب الطيارين الإيرانيين على قيادة الطائرات الحربية الروسية بقصد إرسالها إلى طهران بحلول نهاية العام. وحذرت إدارة بايدن من أن روسيا وإيران تطوران “شراكة دفاعية كاملة”، وسبق أن أكد مسؤولون أميركيون أن طهران زودت موسكو بمئات الطائرات المسيرة التي استخدمتها في الحرب ضد أوكرانيا.

39 نوعاً من المسيرات

وأفاد تقرير منظمة “باكس” الهولندية لبناء السلام نشر بتاريخ الـ 22 من نوفمبر الماضي أن سوريا تحولت خلال سنوات النزاع إلى “مختبر للطائرات المسيرة” لدول ومجموعات مسلحة متنوعة، واستخدمت كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وإسرائيل وتركيا فضلاً عن القوات الحكومية السورية 39 نوعاً مختلفاً من المسيرات خلال النزاع المستمر منذ عام 2011. وقالت المنظمة في تقريرها “شكلت سوريا مختبراً سمح للدول والمجموعات المسلحة غير الحكومية باختبار أنواع جديدة من المسيرات، ودرس كيف يمكن لاستخدامها أن يحسن التكتيكات والاستراتيجيات العسكرية”.

وأضافت، “خلال العقد الأخير أظهرت الطائرات المسيرة المطورة في الأجواء السورية كيف مرت الجهات العسكرية المتعددة بمرحلة تعلم، وكيف عززت معرفتها لجهة التصميم والإنتاج”.

وأفاد التقرير أن إيران قدمت طائرات مسيرة لحلفائها من الفصائل العراقية الموجودة أيضاً في سوريا، خصوصاً في شرق البلاد، كما لـ “حزب الله” اللبناني الذي يملك أساساً قدرات متطورة في سلاح المسيرات، إلا أن مشاركته في القتال في سوريا عززت خبراته في هذا المجال.

وأشار التقرير أيضاً إلى أن قوات النظام السوري استخدمت ستة أنواع مختلفة من المسيرات الإيرانية، ومن بعد سوريا استخدمت الطائرات المسيرة المتفجرة الإيرانية والروسية والأميركية على نطاق واسع في أوكرانيا بعد الغزو الروسي في فبراير 2022.

ومنذ أعوام تعترف إيران بإعادة بناء الجيش السوري، ففي عام 2018 وخلال زيارة لوزير الدفاع الإيراني حينها أمير حاتمي أعلن توقيع اتفاق تعاون عسكري بين البلدين يهدف إلى إعادة بناء القوات السورية، ونقلت وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية عن حاتمي حينها قوله إن “الاتفاق يهدف إلى تعزيز البنى التحتية الدفاعية في سوريا والتي تعتبر الضامن الأساس لاستمرار السلام والمحافظة عليه، كما تسمح بمواصلة الحضور والمشاركة الإيرانية في سوريا”. وخلال زيارة وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس يناير الماضي، أكد القائد العام لقوات الحرس الثوري اللواء حسين سلامي استعداد إيران لنقل الخبرات في مجالات الحرب الإلكترونية وحرب المعلومات إلى سوريا، وتابع أن “من كان يسعى إلى تدمير سوريا عبر هجوم عالمي يمضي اليوم نحو الزوال والدمار”، كما شدد على الاستعداد لتقديم المساعدة للقوات المسلحة السورية في مختلف الأبعاد والمجالات.

وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2022 نشرت وسائل إعلامية بعد يومين من استهداف إسرائيل مواقع عسكرية في دمشق ومحيطها أن الضربات العسكرية دمرت معدات لتجميع طائرات مسيرة تابعة للفصائل الإيرانية، وأضافت أنه تم تدمير معدات عسكرية لوجستية تستخدم لتجميع طائرات مسيرة مصنعة في إيران نتيجة لاستهداف مكان تخزينها بشكل مباشر.

يذكر أنه ومنذ عام 2012 قال نائب رئيس فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني حينها، إن طهران قدمت قوات مقاتلة لدعم العمليات العسكرية السورية. وفي شهر أغسطس (آب) عام 2012 أعلنت المعارضة السورية تمكنها من السيطرة على طائرات من دون طيار إيرانية الصنع، جنباً إلى جنب مع كُتيبات عسكرية كانت تحمل معها صورة الخميني.

إيران تعترف

وفي آواخر ديسمبر الماضي كتب مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك عبر حسابه على موقع “تويتر” أن إيران “تهين بشكل صارخ العقوبات الدولية”، ودعا إلى تدمير مصانع الأسلحة الإيرانية رداً على ذلك.

واتهمت كييف طهران بتزويد موسكو بما يصل إلى 1700 طائرة مسيرة من طراز “شاهد-136” القادرة على حمل ذخائر، وتقول إن روسيا استخدمتها لضرب أهداف في أوكرانيا منذ سبتمبر (أيلول) 2022.

وعقب أشهر من الإنكار أعلنت طهران بشكل رسمي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عبر وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان أنها سلمت “كمية صغيرة من الطائرات المسيرة إلى روسيا قبيل الحرب الأوكرانية”، لكن عبداللهيان أشار إلى أن “طهران لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ثبت أن موسكو استخدمت هذه المسيرات في الحرب الأوكرانية”، في محاولة لتجنب الحرج الدبلوماسي الكبير الذي وقعت فيه إيران عقب استخدام روسيا لهذه الطائرات المسيرة الإيرانية لاستهداف البنية الاستراتيجية الأوكرانية، واستهداف البنية المدنيّة خارج نطاق السيطرة الروسية، وتحول هذه المسيرات إلى إحدى الأدوات الرئيسة التي تعتمد عليها موسكو في الحرب.

ورد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قائلاً “يكذبون حتى في اعترافهم هذا”، متهماً القادة الإيرانيين بالإفصاح عن عدد أقل من الطائرات المسيرة التي تم تسليمها في الواقع. وأضاف، “نسقط 10 طائرات مسيرة إيرانية على الأقل يومياً، والنظام الإيراني يقول إنه قدم القليل حتى قبل بدء الهجوم الشامل على أوكرانيا”.

وقالت كييف إن نحو 400 طائرة مسيرة إيرانية استخدمت بالفعل ضد المدنيين في أوكرانيا، وأن موسكو طلبت نحو 2000 طائرة إضافية، لكن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري قال في ديسمبر الماضي إنه “على رغم عدم صحة ادعاء مشاركة الطائرات المسيرة الإيرانية في أوكرانيا، إلا أن ذلك يثبت تفوق الصناعة العسكرية الإيرانية في مجال الطائرات المسيرة”.

“Geran-2” الانتحارية

ووفقاً لتقرير نشره معهد “إنترريجونال” للتحليلات الاستراتيجية في نوفمبر 2022، فقد تحولت الطائرات المسيرة الإيرانية إلى واحدة من الأدوات الرئيسة التي تعتمد عليها روسيا في حربها على أوكرانيا، إذ أثبتت هذه الطائرات حضوراً واضحاً في مشهد الحرب خلال الشهور الأخيرة، وبوجه عام يستدعي دور المسيرات الإيرانية في الحرب الأوكرانية عدداً من الدلالات الرئيسة المتمثلة في الحضور المكثف لطائرات “شاهد–136” و”مهاجر–6″، كما يكشف تتبع هجمات “الدرون” على أهداف أوكرانية خلال الشهور الأخيرة عن اعتماد روسيا على هذين الطرازين من المسيرات الإيرانية، ويبلغ طول طائرة “شاهد–135” نحو 3.5 متر وطول جناحيها نحو 2.5 متر، وتزن نحو 200 كيلوغرام، وهي مجهزة بعبوة ناسفة تسمح لها بالتفجير الذاتي، كما تحوي الطائرة الأجهزة البصرية اللازمة لتنفيذ هجمات دقيقة ويمكن إطلاقها من شاحنة وتطير بسرعة تزيد على 185 كيلومتراً في الساعة، كما يلاحظ أن الجيش الروسي أعاد تسمية الطائرة وأطلق عليها “Geran-2”. وتصف بعض الأجهزة الأمنية الغربية، بخاصة البريطانية، الطائرة بكونها من الطائرات الانتحارية (كاميكاز)، وتتمثل أهم الميزات الرئيسة لهذه الطائرة في كفاءة محركاتها التي تسمح لها بالطيران مسافات طويلة والتسكع فوق الأهداف المحتملة.

وعلى الجانب الآخر تعتبر طائرات “مهاجر–6” ثنائية الذراع ذات تصميم مرتفع الجناح، إذ يتصل الجناح بأعلى جسم الطائرة وتزن نحو 600 كيلوغرام، ويبلغ طولها 5.5 متر وطول جناحيها 10 أمتار، أما سرعتها فتبلغ 200 كيلومتر في الساعة. وعلاوة على ذلك يمكن للطائرة اكتشاف الأهداف وتتبعها حتى في الليل، ويمكنها حمل صواريخ صغيرة وقنابل موجهة، بينما تقدر حمولتها بـ 40 كيلوغراماً، وتستطيع الطيران لمدة تصل إلى 12 ساعة، ولديها أيضاً القدرة على العودة لقاعدتها بعد إطلاق حمولتها. وتسعى روسيا في إطار التعاطي مع العقوبات الغربية عليها إلى تفادي التوسع في استخدام الأسلحة المرتفعة الكلفة في الحرب الأوكرانية، وفي هذا السياق تمثل الطائرات المسيرة الإيرانية بديلاً منخفض الكلفة وعالي الفائدة بالنسبة إلى روسيا، خصوصاً أن إيران تتعاون مع دول قريبة من روسيا من أجل إنتاج هذه الطائرات مثل كازاخستان، وهو اعتبار يسهل على روسيا الحصول عليها، فضلاً عن أنها تمثل سلاحاً منخفض الكلفة ويحقق العديد من الأهداف التكتيكية الروسية في الجغرافيا الأوكرانية، وقدرة الطائرات المسيرة على تفادي منظومات الدفاع الغربية الموجودة في أوكرانيا، كما أن استخدام هذه الطائرات يسهم في استنزاف القدرات الأوكرانية.

لائحة عقوبات

وكانت وزارة التجارة الأميركية أعلنت أواخر يناير الماضي أن الولايات المتحدة فرضت قيوداً تجارية جديدة على سبع كيانات إيرانية بسبب إنتاجها طائرات مسيرة استخدمتها روسيا لمهاجمة أوكرانيا.

وأضافت الولايات المتحدة تلك الشركات ومنظمات إيرانية أخرى إلى قائمة الرقابة على الصادرات الأميركية التي تتضمن الكيانات المنخرطة في أنشطة تهدد مصالح الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.، كما أُدرجت أسماء الشركات والمنظمات الإيرانية في “قائمة الكيانات” بوزارة التجارة الأميركية، ونُشرت في إفصاح أولي بالسجل الاتحادي.

والكيانات الإيرانية هي “شركة تصميم وتصنيع محركات الطائرات والقوة الجوية التابعة للحرس الثوري”، و”منظمة الجهاد للاكتفاء الذاتي والبحوث التابعة للحرس الثوري”، وشركة “أوجي بارفاز مادو نافار”، وشركة “بارافار بارس”، وشركة “القدس لصناعة الطيران”، وشركة “شاهد لصناعات الطيران”.

ويتعين على الجهات التي تزود هذه الكيانات الإيرانية بالسلع والتكنولوجيا الحصول على ترخيص أولاً، ولكن من المتوقع رفض منح مثل هذه التراخيص باستثناء تلك الخاصة بالأغذية والأدوية. وردت بعثة إيران إلى الأمم المتحدة في نيويورك بأن “العقوبات لن تؤثر في قدرة إيران على إنتاج الطائرات المسيرة، لأن طائراتها المسيرة يجري إنتاجها محلياً بالكامل”، مضيفة “هذا مؤشر قوي على أن الطائرات المسيرة التي أسقطت في أوكرانيا والمصنوعة بمكونات من الدول الغربية لا تنتمي إلى إيران”.

زر الذهاب إلى الأعلى