فرار الملايين إلى خارج فنزويلا وسعر المنزل يعادل فنجان قهوة
يواجه الاقتصاد الفنزويلي حالة من السقوط الحر، فالتضخم يضرب بشدة والناس يعانون انقطاع الكهرباء والمياه، وهناك نقص في الغذاء والدواء، والملايين من السكان يفرون إلى خارجها.
ورغم ذلك فإن الرجل الذي يعتبره الكثيرون مسؤولاً عن ذلك وهو الرئيس نيكولاس مادورو سيؤدي اليمين الدستورية في يناير/كانون ثاني الجاري كرئيس لمدة 6 سنوات أخرى.
إذاً ماذا يحدث لإقتصاد فنزويلا؟ كيف وصل إلى هذه المرحلة؟ وماذا فعل مادورو وحكومته للحيلولة دون السقوط في الهاوية؟
ماذا يحدث في فنزويلا؟
تفقد العملة في فنزويلا قيمتها والأسعار ترتفع بشكل صاروخي، ويعرف ذلك بالتضخم المفرط الخارج عن السيطرة، والذي يعني أنه حتى أسعار المواد الأساسية ارتفعت بشكل كبير.
وتشير دراسة أصدرتها الجمعية الوطنية التي تهيمن عليها المعارضة، إلى أن أسعار السلع تتضاعف كل 26 يوما.
وخرج التضخم في فنزويلا عن نطاق السيطرة في السنوات الأخيرة رغم امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم.
وتسبب انخفاض أسعار النفط وسوء إدارة الحكومة في ركود حاد جعل سعر فنجان قهوة الآن يعادل ثمن شراء منزل قبل 15 عاما.
لماذا يحدث ذلك؟
يحدث ذلك لأن فنزويلا وضعت أغلب بيضها في سلة واحدة وهي النفط الأمر الذي يعني أنه إذا تراجع سعر النفط تراجعت قدرة البلاد على الاستيراد حيث تقل لديها العملة الأجنبية وبالتالي ترتفع الأسعار ويزيد التضخم.
أضف إلى ذلك رغبة الحكومة في طباعة المزيد من أوراق النقد ورفعها الحد الأدنى للأجور بدرجة كبيرة في محاولة لكسب الشعبية لدى الفقراء وبالتالي تتوفر لديهم الأموال التي ليس لها قيمة.
ومع تراجع المستثمرين عن الدفع بأموالهم إلى فنزويلا اتجهت الحكومة إلى المزيد من طبع أوراق العملة مما أدى إلى تراجع قيمتها أكثر ومزيد من التضخم.
ماذا فعلت الحكومة لمواجهة المشكلة؟
أزالت الحكومة الفنزويلية خمسة أصفار من عملتها ومنحتها اسما جديداً منذ أغسطس/آب الماضي كما رفعت الحد الأدنى للأجور.
وقد رفعت الحد الأدنى للأجور 34 ضعفا عن المستوى السابق ومنعت دعم الوقود السخي عن أولئك الذين لا يحملون هوية فنزويلا ورفعت ضريبة القيمة المضافة من 4 في المئة إلى 16 في المئة.
ورغم ذلك واصلت العملة تدهورها وتوقع صندوق النقد الدولي وصول معدل التضخم إلى 10 مليون في المئة بحلول نهاية عام 2019.
من المُلام؟
يلقي الكثيرون باللوم على حكومة مادورو الاشتراكية، الكثيرون ولكن ليس الجميع، ومن المقرر أن يؤدي مادورو اليمين الدستورية رئيسا لفترة جديدة بعد فوزه في انتخابات عام 2018.
فمنذ عهد سلفه هوغو تشافيز تحظى الحكومة الاشتراكية بتأييد الفقراء بسبب سياساتها الداعمة لهم والمتمثل في السيطرة على الأسعار ووضع حد أقصى لسعر الدقيق وزيت الطعام وهي إجراءات لم تحظ بتأييد الشركات ورجال الأعمال.
كما يلقي منتقدون باللوم على سياسة تشافيز بفرض القيود على سوق النقد الأجنبي في ازدهار السوق السوداء للعملات الأجنبية.
لكن فريقا آخر يلقي باللوم في مشكلات فنزويلا على النزعة العدائية الانقلابية للمعارضة، وعلى القوى الإمبريالية الدولية مثل الولايات المتحدة والإقليمية مثل كولومبيا، ويقولون إن العقوبات الأمريكية تعوق قدرة الحكومة على التعامل مع الديون.
ويستفيد هؤلاء (الفريق الأخير) من برامج المساعدات الحكومية ويؤكدون أن حالهم صار أفضل بعد مجيء تشافيز للسلطة عام 2003.
وقد صوت هذا الفريق لصالح مادورو ليفوز في انتخابات العام الماضي. وتجدر الإشارة إلى أن المعارضة قاطعت تلك الانتخابات كما منعت جماعات عديدة من المشاركة فيها.
ماذا حدث للشعب الفنزويلي؟
منذ عام 2014 غادر نحو 3 ملايين فنزويلي بلادهم. ومن جانبها تقول الحكومة إن العدد أقل بكثير.
وهؤلاء الذين اختاروا البقاء في فنزويلا يواجهون متاجر خاوية على عروشها وانقطاع الكهرباء والمياه ونقص الدواء ويشعر الموظفون بالقلق إزاء تسديد فواتيرهم.
ويبلغ الحد الأدنى للأجور شهريا حاليا نحو 4500 بوليفار أي ما يعادل 6 دولارات فقط في السوق السوداء.
وبات نقص الغذاء مشلكة كبيرة ووصل معدل سوء التغذية بين الأطفال في ذلك البلد لمستوى قياسي.