لا حروب من أجل المياه والعرب أول الخاسرين
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

تتكرر المآسي في محيطنا العربي والمشهد المائي المفجع الذي بات يحاصرنا وعلى مرأى العين والبصر، ففي الأمس أرسل لي السفير الصديق حمد بورحمة، وهو الخبير بملف المياه، مشاهد صادمة من نهر الفرات في العراق، وقد بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة، فقد طاله شبح الجفاف وانخفاض منسوب المياه بشكل غير مسبوق، والعراق يعاني منذ عقود انخفاضاً في حصته في المياه سواء في تركيا (سد أتاتورك)، أو من إيران (نهر كارون وشط العرب)، وقد وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود وأزمات متتالية، لم يجنِ فيها هذا البلد العربي أي مكسب يضمن حقوقه، وهو يدفع منفرداً الضرر المائي الناتج عن بناء السدود في دولتي الجوار أو حتى بسبب التغير المناخي.

والمتابع لملف الأزمة في العراق، يرى أنه اكتوى بنيران الحروب بسبب مياه شط العرب أولاً واقتسامه المجحف واتفاقية الجزائر عام 1975، تلتها موجة بناء السدود في تركيا منذ عشرين سنة، ومحصلة تلك الأزمات عجّلت من اقترابه إلى حافة «المجاعة المائية» ومعاناته الدائمة بنقص كمية المياه الواردة إليه.

إذا انتقلنا إلى بؤرة الصراع الأكبر في المنطقة فسنجد أن إسرائيل لم تكتفِ باحتلال أراضٍ عربية في حرب 1967 بل أحكمت قبضتها على المياه في أنهار لبنان وسورية والأردن، فهي تستحوذ على حصة الأردن والفلسطينيين واللبنانيين من خلال التحكم في مياه «نهر الأردن»، وهذا كان سبباً من أسباب الحرب، التي أدت إلى قيام أمر واقع «بحبس» مياه تلك الأنهار، وحتى الآبار الجوفية وتحويلها إلى سكان «دولة إسرائيل» وعلى حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المجاورة، فهي تنعم بالمياه وتسد حاجتها وربما تفيض وتزيد عليها بمشاريع التحلية، في حين أصحاب الحق والأرض يعانون بمرارة بنقص هذا المورد والتحكم في مخزون المياه الجوفية الوفير.

على الجانب المصري تظهر الصورة جلية، والمتمثلة بالضعف في إدارة أزمة سد النهضة مع إثيوبيا والفشل الذريع في الحصول على اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، بعد عشر سنوات من التفاوض والتصعيد والتهديد لتصل اليوم إلى الدخول خلال شهري يوليو وأغسطس القادمين إلى الملء الرابع دون أي تغيير في الموقف الإثيوبي.

فالمماطلة هي سيدة الموقف، بالإضافة إلى عدم التوقف عن عمليات الملء وآخرها كان في أغسطس 2022 بتخزين كمية مياه وصلت إلى 22 مليار متر مكعب من المياه، وتشغيل التوربينات على النيل الأزرق لتوليد الكهرباء وإنتاج 5 آلاف ميغاواط سنوياً.

سمعنا صراخاً وكلاماً من العيار الثقيل تجاه من يمس بالأمن المائي القومي لمصر، ولم يتحول هذا الصراخ إلى ما عداه من أفعال، والواقع أن الطوق المائي الذي يلف العالم العربي من مصر والسودان في حوض النيل، إلى سورية والعراق، في حوض الفرات إلى لبنان والأردن وفلسطين في بلاد الشام، هو في الحقيقة مرآة تعكس خسارة هذه الدول بإدارة الملف والحفاظ على ثرواتها وحصصها المائية، والمسألة لا تقاس بميزان الربح والخسارة فقط، بل هي تعبير عن تآكل وتشرذم «القوة العربية» تجاه جيران أقوياء ولم يراعوا أبسط قواعد القانون الدولي وحقوق الجيرة بالمياه، يبدو أن زمن الحروب من أجل المياه في المنطقة العربية قد ولى دون رجعة!

***

سيد قطب وإيران

أثار فضولي في الحصول على كتاب جديد صدر حديثاً بعنوان «تأثير سيد قطب في الثورة الإسلامية الإيرانية» من تأليف الباحث التركي– الأميركي يوسف أونال وترجمه حمد العيسى، استعرض فيه عدة فصول من بينها فصل حول هل نجح الإخوان في محو إرث تعاطفهم المبكر مع الثورة الإيرانية؟

***هل انتصرت الصين؟

أهم كتاب صدر عام 2022 بعنوان «هل انتصرت الصين» للمؤلف والباحث السنغافوري «كيشور مهبوباني»، أوصى به الدكتور الصديق جورج عيراني والمقيم في إسبانيا، لفهم دور هذا البلد العملاق، وإن الخيار الأفضل لأميركا هو التعاون مع الصين التي فازت بالسباق، ولذلك على العالم أن يستعد لبلد سيصبح قريباً رقم واحد على مستوى الكرة الأرضية.

Back to top button