انتهاء مفعول إجراءات مصرف لبنان.. وصيرفة “شبه معطّلة”
بقلم: عزة الحاج حسن

النشرة الدولية –

المدن –

أكثر من أسبوع عمل مرّ على بدء المصارف تطبيق قرار مصرف لبنان الصادر في الأول من آذار، والقاضي  باستئناف بيع الدولارات عبر منصة صيرفة بسقوف عالية للأفراد والشركات. لم تحدث إجراءات مصرف لبنان تغييراً يذكر بالسوق السوداء للعملة. فالمصارف سبق لها أن خاضت تجربة مماثلة مع مصرف لبنان خابت نتائجها، ما دفع بها إلى بناء دروع “للاحتماء من هفوات مصرف لبنان”، حسب تعبير أحد المصرفيين.

 

وليست المرة الأولى تلك التي يقرر فيها مصرف لبنان فتح سقف الاستفادة من دولارات صيرفة إلى مليار ليرة للأفراد، و10 مليارات ليرة للشركات. فقد سبق له أن تخلّف عن سداد دولارات الزبائن الذين بادروا إلى تقديم طلبات للاستفادة من صيرفة. هذه التجربة تحديداً دفعت بكل مصرف إلى وضع ضوابط مشدّدة للتعامل مع صيرفة. وهو ما يعذّر على العملاء الاستفادة منها.

 

كوتا المصارف “ضئيلة”

منذ مطلع شهر آذار الجاري باشر مصرف لبنان التدخل بالسوق، بائعاً للدولار النقدي وشارياً لليرة على سعر 70 ألف ليرة للدولار عبر منصة صيرفة. وكان مصرف لبنان قرر تلبية كامل الطلب الناتج عن بيع الليرة اللبنانية من قبل الشركات والأفراد، على أن تسدد الدولارات للزبائن خلال 3 أيام عمل، بعد تقديم الطلبات عبر المصارف وتسجيلها عبر منصة Sayrafa.

 

لكن وعلى الرغم من تلك الاندفاعة التي صوّرها مصرف لبنان للجم ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، لم يتم ضخ أكثر من 158 مليون دولار منذ صدور قرار مصرف لبنان (1 آذار) وحتى اليوم، ويعود سبب ضآلة مبالغ الدولار المُباعة عبر صيرفة إلى أمرين: الأول، شح الدولار لدى مصرف لبنان وخفض الكوتا المخصّصة لكل مصرف. والثاني، الضوابط القاسية التي وضعتها المصارف على الزبائن الراغبين بالاستفادة من صيرفة، وما بينهما من قلق ينتاب الزبائن خوفاً من عدم استعادة أموالهم المودعة للاستفادة من صيرفة.

 

وحسب مصدر مصرفي، فإن كوتا الدولارات المخصصة للمصارف لتطبيق صيرفة تقل بأكثر من 50 في المئة عما كانت عليه سابقاً. وتفيد المعلومات بأن بعض المصارف أبلغت زبائنها اليوم الخميس، 9 آذار، بعدم استقبال إيداعات بالليرة للاستفادة من صيرفة، ومرد ذلك إلى نفاد الكوتا المخصصة لها من مصرف لبنان.

 

إجراءات المصارف

عمدت المصارف على مدار أسبوع إلى قبول طلبات الزبائن للاستفادة من صيرفة، وفق شروط متفاوتة بين مصرف وآخر، وتدور جميعها في فلك تقليص عمليات صيرفة. وقد عمدت غالبية المصارف إلى الفرض على الزبائن توقيع مستند يعفيها من مسؤولية عدم التزام مصرف لبنان ببيع الدولارات عبر صيرفة.

 

وأعلمت المصارف زبائنها صراحة “بأن عمليات صيرفة المطلوب إجراؤها من قبلهم ستتم على كامل مسؤوليتهم، والمصرف ليس مسؤولاً عن تنفيذ هذه العمليات، ولا عن تاريخ تنفيذها”. و”في حال تم إلغاء هذه العمليات بناء على طلب الزبون أو بسبب عدم تسليم المصرف المركزي للدولارات المتعلقة بهذه العمليات، على الزبون دفع العمولة المتوجبة عن سحب المبلغ المودع بالليرة اللبنانية لأجل تحويله إلى دولار على سعر منصة صيرفة”.

 

زعزعة ثقة الزبائن بمصرف لبنان، وتالياً بالمصارف، جعل الإقبال على الاستفادة من منصة صيرفة خجولاً، بالإضافة إلى تضاؤل الفارق بين منصة سعر دولار صيرفة (70 ألف ليرة للدولار) ودولار السوق السوداء، الذي استمر بالتحرك على مدار أسبوع في محيط 79 ألف ليرة، قبل أن يرتفع اليوم إلى ما يفوق 82 الف ليرة.

 

شروط المصارف

تفرض المصارف شروطاً وضوابط على تطبيق عمليات صيرفة، بالإضافة إلى إسقاط مسؤوليتها عن عدم التزام مصرف لبنان بيع الدولارات. ومِن المصارف مَن يشترط على الزبائن الراغبين بالإستفادة من صيرفة وجود حساب مصرفي للمستفيد لا يقل عن 20 ألف دولار مصرفي (لولار)، منها بنك عودة.

 

مصارف أخرى لم تفتح باب التقدم بطلبات الاستفادة من صيرفة كلياً، واقتصر تعاملها على صرف رواتب موظفي القطاع العام فقط عبر صيرفة، أي بما لا يزيد عن 150 دولاراً فقط لكل موظف.

 

مصارف أخرى تضع سقوفاً للاستفادة من صيرفة لا تزيد عن نصف مليار ليرة، منها بنك عودة وبنك لبنان والمهجر وبيبلوس بنك، علماً أن بيبلوس بنك يتيح للمستفيد إيداع مليار ليرة في حال تخطى حسابه المصرفي 20 ألف دولار. أما بنك لبنان والمهجر، فيبلغ سقف الاستفادة من صيرفة 500 مليون فقط بالحد الأقصى، ويقل عن ذلك كلما انخفض حجم الحساب المصرفي.

 

أما الفوائد على عمليات صيرفة، وعلى الرغم من تحديدها من قبل مصرف لبنان بما لا يزيد عن 3 في المئة، إلا أنها تتراوح في المصارف بين 3 و7 في المئة. أما من تقل عمولته عن 3 في المئة فيعوضها المصرف في رسوم الحساب والسحب وغير ذلك، فتتجاوز بمجموعها 3 في المئة.

 

تخلّف مصرف لبنان عن سداد دولارات صيرفة عن الأشهر السابقة، دفع ببعض المصارف إلى التواصل مع عملائها والطلب منهم سحب أموالهم التي أودعوها في شهر كانون الثاني بالليرة، عارضة عليهم سحبها بالدولار، لكن على أساس سعر صيرفة 70 ألف ليرة، ومن بين تلك المصارف Credit bank. كل تلك المؤشرات إنما تؤكد أن منصة صيرفة تنازع للبقاء من دون جدوى.

زر الذهاب إلى الأعلى