“نيرون” مات جسداً .. وتجسد في المئات روحاً وفكراً
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية -يخطفنا تاريخ روما ويجعلنا نبحر معه في عمق الماضي، لنجد عظمة التاريخ وانحداره، لنتعايش مع عظماء القياصرة وأرذلهم، فمن يوليوس قيصر الذي قام باصلاحات اجتماعية احبها العامة فقتلته النخبة، إلى كاليجولا عدو الجميع والذي قتله حراسه، ثم نيرون حارق روما وقاتل أصدقائه وأهله، قبل أن ينتزع نفسه من مجموعة تحميه لمجموعات اشترى ولائها بالمال، ليمارس بغطاء منهم أسوء الجرائم بعد أن حللوا له جميع المحرمات، فدفعوا ثمن انحيازهم لامبراطور جاهل وصل للحكم دون حق حتى أنه بكى حين شاهد الجيش يقترب من قصره ليخبروه أنه القيصر ظناً منه أنهم قدموا ليقتلوه، ليرث حكم الأحمق كاليجولا ليكون أحمق خلف لأحمق سلف.
وحتى يضمن بقاء الحكم بين يديه عمل على تجهيل الشعب، فرفع الأراذل لمكانة الصفوة وأبعد وقتل العقلاء، فأحاط نيرون مجنون روما وقيصرها نفسه بجيش من الممثلين والمغنيين، وقد قلدهم الاوسمه والجوائز، وكان يسير بينهم في روما كمن حقق انتصارات مظفرة في معارك تاريخية، دون أن يدري أنه يقلل من قيمته ويبني نهايته بسبب كثرة كارهيه وسفكه الدماء بجنون، وحين غادر للغناء والتمثيل في اليونان كما جرت العادة قامت الثورة وسقط حكمه، وعندها تطاير المهرجون من حوله ولم يجد طريق لوقف ألمه إلا بانهاء حياته بيده، خوفاً من عقاب جيشه وشعبه وحتى لا يذوق من العذاب ما أذاقه للآخرين.
وظننت كما ظن غيري أن قصة نيرون من التاريخ ولن تعود كون العالم تعلم أن نهاية الظُلم وخيمة، وأن نيرون قد انتهى جسداً وفكراً وروحاً، لكن المتتبع للأمور يكتشف أن نيرون قد غاب جسداً لكنه يسيطر على شخصية العديد من القيادات في العصر الحديث، وأنهم تقمصوا شخصيته بكل جبروتها وظُلمها، لنجد أن منهم من ساروا بشعوبهم صوب حروب لا تُبقي ولا تذر واحلوا للأخ قتل أخيه وسلب ماله وهتك عرضه، وآخرون قادوا بلادهم صوب الإفلاس المالي فحكموا على بلادهم بانتحار اقتصادي قربهم من الإفلاس، وجعلوا بلادهم تستدين من البنك الدولي الحاكم المستبد في هذا العصر.
أما الحفدة الاسوء الذين خلفوا نيرون فهم أولئك القادة الذين يشعرون أنهم مخلدون ومختارون لحكم الشعوب، رغم محاولات الاغتيال الجسدية والشخصية والفكرية لهم، إلا أنهم لا يتعلمون وبشعوبهم لا يثقون وبجهلة العوام يتدثرون، ليقترب ظهور “فيندكس” لإنهاء الظلم والقهر والجهل في عالم لا يعرف للرحمة مكان ولا للإنسانية عنوان، فغالبيتهم يسيرون على نهج محدد رسم لهم بدقة، لتشتعل أوروبا بالحروب ويزداد فقر افريقيا، وتنتحر أمريكا بحثاً عن زيادة الثراء وسيطرة الدولار ومناطق شاسعة في العالم ينام أهلها في العراء، لذا تقترب الملحمة الثالثة من الاشتغال ولا يوجد عقلاء راشدون لكبح جماح ورثة نيرون، لتقترب النهاية بتغيير خارطة العالم أو زواله.
آخر الكلام:
– حين يرث حمقى فكر الحمقى يزدادون حمقاً وجهلا، فيشعرون بحمق هتافات المتسلقين أنهم خالدون فتبكي الشعوب دماً وينتحرون.
– فينديكس: أحد نبلاء فرنسا قاد ثورة في بلاد الغال وتضم “فرنسا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، ومعظم سويسرا، وأجزاءٍ من شمال إيطاليا، وألمانيا وهولندا”،
وهزم نيرون وحاشيته.