مصارف لبنان “تنهش” حسابات عملائها.. وتستدرج عملاء جُدداً

النشرة الدولية –

المدن – عزة الحاج حسن –

تسعى المصارف لاستعادة بعض من ثقة عملائها، بالشعارات والبيانات المخادعة، حتى أن بعضها استأنف سياسة الإقراض كمصرف Credit libanais، لمدّ روابط جديدة مع عملاء الأمس، وأخرى اعتمدت الحملات الترويجية للتشجيع على الإيداع، بإطار فتح صفحة جديدة بأموال طازجة، متجاهلة جريمة اختلاسها ما سلف من الودائع. وكل ذلك يأتي في وقت تستمر فيه كافة المصارف بانتهاج أساليب احتيالية للانقضاض على ما تبقى من فتات المدخرات وما يدخل الحسابات من رواتب وتحويلات.

مشهد تلميع المصارف صورتها أمام أصحاب الحسابات الجديدة، وما يقابله من استمرار في “نهش” أصحاب الحسابات القديمة، مشهد متناقض يرسّخ نظرية تعمّد المصارف خداع عملائها. فالاقتطاعات والعمولات وسياسة “النهش” المستمرة من قبل المصارف، تستكمل سرقة المودعين الذين يتم تذويب 85 في المئة من قيمة ودائعهم مهما بلغ حجمها.

قد لا تكون مسألة اقتطاع المصارف رسوماً وعمولات غير قانونية من الحسابات المصرفية، بالأمر الجديد. فقد دأبت على فرض عمولات باهظة أشبه بالخوّات على مختلف الحسابات. أما الجديد بالأمر فهو رفع المصارف لتلك الرسوم والعمولات بشكل مستمر غير مدروس، بمنتهى الوقاحة، من دون حسيب أو رقيب.

اقتطاعات عشوائية

تختلف قيمة الاقتطاعات من الحسابات الجارية والإدخارية وحتى الجديدة، وتوحي بالعشوائية لاختلافها بين مصرف وآخر، وارتفاعها بين شهر وآخر في المصرف نفسه. وتتراوح قيمة العمولات الواقعة على الحسابات الدولارية الجديدة Fresh بين 10 دولارات و20 دولاراً باختلاف المصارف. وإذا ما أضيفت إلى الرسوم المختلفة وغير المبرّرة في الكثير منها، فإنها تصل إلى 40 و50 دولاراً شهرياً. ولا تقتصر تلك الاقتطاعات على الحسابات الإدخارية بل على الجارية أيضاً وتلك التي تستقبل تحويلات متواضعة شهرياً.

يكاد يحتل بنك لبنان والمهجر Blom bank المرتبة الأولى بين المصارف التي تنهال الشكاوى من تعاملاتها. ويشكو أحد العملاء من اقتطاع المصرف 150 ألف ليرة من حسابه مقابل سداد فاتورة دورية تبلغ قيمتها 300 ألف ليرة فقط. فالمصرف يتقاضى عمولة تشكل 50 في المئة من قيمة الفاتورة نفسها.

العمولة نفسها 150 ألف ليرة يقتطعها من موظفين لا تزيد رواتبهم الموطنة عن 7 ملايين ليرة، بالإضافة إلى رسوم وعمولات أخرى تحت مسمّيات مُبهمة، تتجاوز مئات الألوف من الليرات. قد يستسهل المصرف اقتطاع ما يعادل 1.5 دولار أو دولارين من الموظف، لكن حين يقارب مجمل راتب الموظف ما قيمته 70 دولاراً فقط، يصبح الدولاران ذات قيمة مضاعفة.

ويقوم المصرف برفع الرسوم التي تندرج تحت مسمّيات مختلفة عديمة الجدوى، كمصاريف كشف حساب، ومصاريف حساب، وعمولة أعلى رصيد، وغيرها.. ويفوق مجموع تلك العمولات 450 ألف ليرة شهرياً. هذا بالإضافة إلى رسوم بالدولار الفريش ومنها بالدولار المصرفي أي اللولار، يتم اقتطاعها من الحسابات القديمة والجديدة على حد سواء، وتتجاوز قيمتها 10 دولارات.

أما في موضوع تجديد البطاقات المصرفية، فقد تفوّق Blom bank على نفسه بفرض رسوم مرتفعة على خدمة تجديد البطاقات منتهية الصلاحية، خصوصاً البطاقات المسحوبة على حسابات دولارية جديدة fresh. وفي حين يعفي عملاء من رسوم تجديد بطاقاتهم، يفرض على آخرين سداد 125 دولاراً فريش لتجديد البطاقة المجانية أصلاً.

مصارف تتسابق لاستغلال عملائها

وليست المصارف الأخرى بأفضل تعاملاً من بلوم بنك. فبنك بيبلوس على سبيل المثال، يقتطع 9 دولارات من حسابات اللولار، وتزيد بشكل دوري دولاراً واحداً، حيث يصعب على العميل احتسابها إلى جانب العمولات والرسوم المتنوعة التي تفرض على الحسابات.

ويبلغ مجموع الرسوم والعمولات والاقتطاعات من حساب أحد عملاء بنك بيبلوس 200 ألف ليرة شهرياً، في حين أن رصيد الحساب لا يزيد عن 3 ملايين ليرة. أما السحوبات من الصراف الآلي، فلها حسابات واقتطاعات أخرى، وتبلغ 7 دولارات على السحوبات الدولارية البالغة 1000 دولار.

أما التعاملات بالغة الوقاحة فتعود إلى مصرفي Cedrus bank وSGBL. إذ يقوم كل من المصرفين باقتطاع 20 دولاراً فريش من الحسابات الدولارية، مهما كانت حركة الحساب. ويُضاف إليها عمولات أخرى حتى وإن لم يحرّك العميل حسابه. وعند مراجعة العملاء لأحد المصرفين والاعتراض على الرسوم المرتفعة، يكون الجواب غالباً بتحرير شيك بما يحوي الحساب وإغلاقه.

 

استدراج وغرامات!

وتترافق جرائم المصارف المتمثلة بالإقتطاعات الكبيرة من الحسابات مع استمرارها باحتجاز المدخرات والودائع، وحتى الرواتب المحولة شهرياً، وتحديد سقوف متدنية جداً للسحب. فالعميل التي تتجاوز وديعته 500 ألف دولار في Cedrus bank لا يمكنه سحب أكثر من 5 ملايين ليرة شهرياً فقط. وقد لجأ بعض عملاء Cedrus bank إلى مصرف لبنان للتقدّم بشكاوى إلى لجنة الرقابة على المصارف من دون جدوى.

بعض المصارف تعتمد سياسة استدراج العميل لتغريمة مبالغ مالية من دون وجه حق، وذلك من خلال إغلاق حسابه من دون إعلامه بالعمولات المترتبة عليه، إلا بعد مضاعفتها، أو انكشاف حسابه ومراكمة الغرامات والسحوبات الشهرية دون علمه. ولعملاء Bank med تجارب مع هذه الحالات، ومنهم من راكم عليه المصرف نحو 60 دولاراً عمولات بدل إغلاق حساب صيرفة من دون إعلامه بذلك. ويبلغ رسم الإغلاق 12 دولاراً، تُضاف إلى عمولات وغرامات أخرى يُفاجأ بها العميل بعد أشهر من وقف التعامل بالحساب.

زر الذهاب إلى الأعلى