كيف غير “فيسبوك” العالم بعد مرور 15 عاماً على تأسيسه؟

النشرة الدولية –

في الرابع من فبراير/شباط عام 2004، وُلد موقع إلكتروني صغير داخل حجرة بجامعة “هارفارد”..إنه “فيسبوك دوت كوم” الذي أصبح أكبر وسيلة تواصل اجتماعي على مستوى العالم، وفقا لما تناولته “الإيكونوميست”.

واحتفالاً بعيد ميلاد “فيسبوك” الخامس عشر، غير هذا الموقع من حياة البشر كثيراً وأصبح منصة للتعبير عن الآراء والتواصل والإعلانات وغير ذلك.

ظل “فيسبوك” على قمة وسائل التواصل الاجتماعي وخرج من الولايات المتحدة إلى العالمية واستحوذ على منصات أخرى شهيرة مثل “إنستجرام” و”واتساب” من أجل التنوع والتميز.

ارتفع متوسط استخدام “فيسبوك” يومياً إلى ساعة تقريباً في أمريكا، ولم يعد مجرد وسيلة فقط لاستعادة أصدقاء مفقودين منذ سنوات، بل إنه غير من سلوكياتهم وعاداتهم.

غير “فيسبوك” الولايات المتحدة من خلال ثلاثة جوانب الأول أنه شكل المعنى والشعور لدى المواطنين بأنهم لا يزالوا صغار في السن، واستغلت الشركة هذا الأمر عن طريق أمرين أولهما استهداف مواليد الألفية الجديدة والثاني عبر منصة مشاركة الصور “إنستجرام”.

ركزت “فيسبوك” على عامل “اقتصاد الذات” من خلال استهداف مشاركة مشاعرهم وصورهم وتعليقاتهم، وألقى البعض اللوم على الشركة لإثارة النرجسية والقلق والاكتئاب لدى المراهقين.

لم يتم قياس تأثير وسائل التواصل الاجتماعي خاصة “فيسبوك” بشكل تام على المستخدمين، ولكن بالتأكيد غيرت الشركة من طريقة تفاعل البشر، فقد تسبب الموقع في انتشار التنمر بين المستخدمين، وعزز الصداقة على الإنترنت في نفس الوقت، لكنه أضر بالصداقة الحقيقية.

أظهر بحث أجرته مؤسسة “كومون سينس ميديا” عام 2012 أن ما يقرب من 50% من الشباب (بين 13 و17 عاماً) فضلوا التواصل مع الأصدقاء في الحقيقة، ولكن هذه النسبة انخفضت إلى 32% فقط في الوقت الحالي.

الجانب الثاني من التغيير يكمن في تعاطي المستخدمين مع فكرة الخصوصية، فبعد انطلاق “فيسبوك” للمرة الأولى، شعر المستخدمون بأنه يتم مشاركة تفاصيل حياتهم وبياناتهم الخاصة على الإنترنت مثل أرقام الهواتف والمواقع وما يعجب الشخص وما لا يعجبه.

منذ البدايات، شعر المستخدمون بأن “فيسبوك” يصنع ثروات ضخمة من وراء بياناتهم وبيعها للمعلنين.

تسببت مشكلة مشاركة بيانات المستخدمين مع اطراف ثالثة في فضيحة لـ”فيسبوك”، وظهر ذلك جلياً في فضيحة “كامبريدج أناليتيكا” التي استغلت بيانات المستخدمين على الموقع في أمريكا لأغراض سياسية.

أسفرت فضيحة اختراق الخصوصية ومخاوف المستخدمين في تشويه سمعة “فيسبوك” عام 2018، ولكن سرعان ما استوعب الكثيرون هذه الفضيحة حتى أن الشركة حققت أرباحاً قياسية في الربع السنوي الأخير من العام الماضي.

لم تقتصر فضيحة الخصوصية على “فيسبوك”، بل تورطت “جوجل” وغيرها في أزمة مشاركة بيانات المستخدمين مع أطراف وجهات أخرى.

أما الجانب الثالث من التأثير، فهو ذلك الطابع السياسي الذي تركه “فيسبوك” على المستخدمين نظراً لأن الساسة أصبحوا يستغلون منصات التواصل الاجتماع للوصول إلى الناخبين عبر إعلانات مدفوعة.

على سبيل المثال، ساعد “فيسبوك” الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” في جمع تمويل وحشد الدعم لحملته ليفوز في الانتخابات الرئاسية، وبالمثل، يرى محللون أن الرئيس الحالي “دونالد ترامب” نجح بدعم حملات إعلانية على المواقع.

انتشرت الأخبار الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة “فيسبوك” بشكل كبير، وتسبب ذلك في تضليل الناخبين والمستخدمين على الإنترنت، وألقت جهات باللوم على المنصة الشهيرة بأنها سبب في نشر خطاب الكراهية والترويج لأفكار إرهابية والعنف العرقي حول العالم.

من أبرز الأمثلة على ذلك انتشار حملة شنها امريكيون من أصول إفريقية احتجاجاً على عنف الشرطة في الولايات المتحدة ضدهم، وبدأ الأمر بمنشور على “فيسبوك” ثم انتشر كالنار في الهشيم.

بدأت العديد من الحملات والحركات عبر فيسبوك” و”تويتر” نظراً لأن هذه المنصات وغيرها منحت للجميع متنفساً وصوتاً مسموعاً، لكنها في نفس الوقت نشرت الأصوات الزائفة والأفكار المضللة.

بدأ البعض في طرح تساؤلات عن مدى استمرارية “فيسبوك” ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى في السنوات القادمة من عدمه واحتمالات ظهور تكنولوجيا جديدة تؤثر بشكل أكبر على البشر.

من أكثر المشكلات التي ناقشها محللون “إدمان فيسبوك”، فالكثيرون لا يستطيعون الإقلاع عن استخدامه بشكل يومي، كما أنه يضر أيضاً بالديمقراطية بسبب تأثير حملات وجهات مشبوهة على آراء الناخبين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى