هل سقط ملاط في اختبار الرئاسة؟

النشرة الدولية –

المغرد –

أطل المرشح لرئاسة الجمهورية الدكتور شبلي ملاط، على قناة الجديد، في برنامج “الرئيس” مع الإعلامي سامي كليب.

حاول ملاط أن يوازن مواقفه بين حزب الله والمعارضة والثورة، فغازل الحزب عبر حديثه عن علاقته بالشيخ نعيم قاسم، وبعث برسالة إلى سمير جعجع مؤكداً على دوره الأساسي في إيصال رئيس للجمهورية، وأن أي رئيس ضد حزب الله أو ضد جعجع لن يستطيع أن يحكم في لبنان.

أجرى كليب قراءات في كتب ملاط (الأربعين)، خاصة عن كمال جنبلاط وفلسطين وقيادات شيعية، وكل ذلك أظهر الجانب الإيجابي للدكتور ملاط كشخصية أكاديمية.

تحدث ملاط بطلاقة عن الأمور الدستورية، وكان دفاعه عن ضرورة الحفاظ عن الديمقراطية والدستور إيجابياً ومقنعاً جداً.

لم تكن مطالعة ملاط السياسية على مستوى مواقفة الدستورية والأكاديمية،

فعند سؤاله ما إذا كان يعتبر إسرائيل عدواً أجاب: إذا اعتبرتها عدواً يجب أن أقضي عليه، وتجنب أن يقول صراحة أن إسرائيل هي عدو.

وفي رؤيته لحل القضية الفلسطينية قال: اقترح دولة بقوميتين، ورفض حل الدولتين الذي طرحته أمريكا وتؤيده غالبية الدول العربية والعالمية.

مع العلم أن ملاط يعرف كغيره طبعاً، استحالة حل هذه القضية عن طريق دولة بقوميتين، خاصة أن الإسرئيليين يرفضون المساواة مع العرب، والأهم أن فكرة إسرائيل قامت أصلاً، على يهودية الدولة، وتعزيزالشعور القومي العنصري فيها.

تعثّر ملاط في مواقفه هذه عثرتين:

الأولى: في مسألة العداء لإسرائيل، فكيف سيكون رئيس جمهورية لبنان شخصاً يتردد في القول صراحة أن إسرائيل هي عدو، مع العلم أن هذا من بديهيات أدبيات السياسة اللبنانية، وحتى قادة المعارضة لايترددون في التصريح أن إسرائيل هي عدو.

ورغم أنه في جعبة ملاط مواقف تاريخية هامة، فهو أقام الدعوة ضد أرييل شارون في مجازر صبرا وشاتيلا، وكذلك ضد القذافي في مسألة اختفاء الإمام موسى الصدر، ومرافعته ضد صدام حسين، لكن قد لا يشفع له ذلك، إذا كان يرفض أن يحسم أمره علناً في مسألة حساسة كالعداء لإسرائيل.

الثانية: كان تذكير كليب بكلام ملاط الحاد عن النظام السوري، وعن وصفه الرئيس الأسد بالدكتاتور ودعمه للثورة السورية محرجاً وأربك ملاط، الذي بدا متناقضاً، وهو يقول أنه لا يمانع التواصل مع النظام السوري، ويؤيد عودة سوريا إلى الجامعة العربية، فمسألة العلاقة الجيدة مع سوريا وإن لم تعد كما كانت في السابق، هي مقياس الوصول إلى الرئاسة في لبنان، لكن حلفاء سوريا سينظرون بالريبة إلى أي مرشح، دعم أو يدعم الثورة السورية في وجه النظام.

إذا كان يمكن استيعاب كتابات ملاط المنتقدة للنظام السعودي، وغيره من الأنظمة العربية، ودفاعه عن الأفكار الديمقراطية، لكن مسألة عدم اعتبار إسرائيل عدو للبنان، رغم كل انتهاكاتها وتهديداتها واعتداءاتها اليومية على الأراضي اللبنانية، ستكون موضع جدل كبير في لبنان، وقد يكون من الصعب جداً أن تقبل بعض الأطراف اللبنانية برئيس للجمهورية، يرفض أن يقول صراحة أن إسرائيل هي عدو .

رفض نواب القوات اللبنانية الظهور والتحدث في الحلقة، وفق ما أعلنه كليب، ويبدو أنهم أرادوا أن يتجنبوا إعلان موقف واضح من ترشيح ملاط، وقد يكون بإطلالته أمس قد سهّل عليهم اتخاذ القرار، فالرفض قد يأتي من مكان آخر.

أن المسافة بين فن القيادة السياسية والكفاءة الأكاديمية كبيرة جداً، وقد أثبتت التجارب التاريخية أن أعظم قادة العالم لم تكن لديهم شهادات دكتوراه، ولا عشرات الكتب والأبحاث العلمية، لكنهم تمتعوابشخصية جذابة، وقدرة على قيادة وإقناع الجماهير.

أسماء كثيرة ما زالت في غربال الرئاسة، ومن الواضح أن الأمور لم تنضج كفاية بعد.

زر الذهاب إلى الأعلى