البيت العربي… البناء والمواطن
بقلم: د. محمد ناهض القويز

النشرة الدولية –

الرياض السعودية –

على امتداد عشرات السنين رأينا مشروعات عملاقة من طرق ومبانٍ وشبكات، كما لاحظنا تطوراً كبيراً في وسائل النقل والاتصال.

ثم اقتفينا أثر من قبلنا وحاكيناهم ونجحنا في المحسوس من التطور بتباين واضح.

هناك بلا شك نجاحات أخرى أهمها تبني سياسة الابتعاث لتحقيق التحصيل العلمي الذي ساهم في استمرار التنمية، ورفع مستوى التعليم والوعي.

وبرغم التطور المادي الكبير إلا أنه من الأهمية أن ندرك أن المباني وحدها ليست معيار نجاح حتى وإن كانت من الناحية الإنشائية ممتازة (وهذا نادر)، وإنما النجاح يكون في مدى ملاءمة المبنى للمهمة التي أُنشئ من أجلها، ومدى تحقيق أهدافه التشغيلية وإلا فإنه يعتبر عبئاً على المؤسسة يحمل كل مافيها من عيوب وبالتالي يكون عبئاً على الوطن.

وبرغم أن الناس تدرك عيوب المباني إلا أنها لا تدرك قصور أدائها. ومن هنا تأتي أهمية التقييم على العمل وليس المظهر.

كل هذا مهم بلا شك ولكن ما يهم أكثر هو هل نجحنا في صناعة المواطن المنتج؟

لكي نجيب على هذا السؤال لابد من وضع المعايير التي على أساسها يقيم الأشخاص في مجتمعهم. خصوصاً أن المجتمع أُوهِم بأهمية المظاهر وسط تقدير مبالغ فيه للمظاهر من قبل النخبة الفاعلة فيه.

لا يمكن أن نقيم المتدين بمظهره ولا بطول ذقنه أو قصر ثوبه ولا حتى بتقواه –رغم أهمية ذلك- لأن التقوى لا يعلمها إلا الله. ولكن تقييمه يتم من خلال سلوكه وأخلاقه وتعامله مع الناس وتعاطيه مع القضايا التي تواجهه وإخلاصه في عمله وعدله في أحكامه وقراراته وتعاونه مع مجتمعه لتحقيق الأفضل.

كذلك المواطن لا يمكن أن نحكم على مواطنته من خلال ادعاءات أو كلمات أو مقالات تمجيدية رغم أهمية ذلك، ولكن المواطنة تقاس في أداء الأمانة والعدل فيما ولينا من أمور الوطن والنزاهة في تعاطينا مع الأمور المادية والإدارية، والنظر إلى كل أطياف المجتمع بذات النظرة التي تتبنى تكافؤ الفرص بين المواطنين، وتكافئ المجتهد بدون أن تلجئه إلى البحث عن الواسطة أو الرشوة للحصول على حقوقه. كما أن المواطنة تقاس بالحرص على الوطن وسلامته وأمنه وأمن مواطنيه.

وتمتد المواطنة لتشمل السلوك العام الذي لا يخدش الذوق العام ولا يتعارض معه.

لو تحقق ذلك لأمكننا أن نتفاخر بخصوصيتنا التي نتباهى بها بدون أن ندرك أن هذه الخصوصية أهملت بناء الإنسان فتركته للظروف المحيطة به.

زر الذهاب إلى الأعلى