الغرب حطم العُمق العربي..وغزة تصنع المستحيل
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
سقطت بغداد وسقطت معها جميع الأقنعة العربية والغربية، سقطت بغداد وسقطت العواصم العربية تباعاً وهو أمر ليس مستغرب، فالعراق هي العُمق الاستراتيجي للدول العربية في قارة آسيا، ولا يمكن لأي دولة أن تخوض حرباً إلا وتستند على عاصمة الرشيد، وبالذات الدول التي على خطوط التماس مع الكيان الصهيوني، فالعراق هي العمق الاستراتيجي لسوريا والأردن، لذا نجد مقابر شهداء الجيش العراقي في البلدين حيث قدم العراقيون لنجدة أخوتهم في الحروب ضد الصهاينة، لذا عملت الولايات المتحدة جل جهدها لتدمير العراق وإعادته لمرحل بعيدة حتى لا تمتد يد الجيوش صوب الكيان الصهيوني من الشرق.
ولم يتوقف الغرب عند تدمير العراق فقرر أن يدمر العمق الاستراتيجي لمصر حتى يضعف من قدرتها في مواجهة الصهاينة، فدمر الغرب المتوحش وبطرق همجية مباشرة وغير مباشرة الجارتين ليبيا والسودان، وهما رغم طبيعتهما الجغرافية إلا أنهما يشكلان ظهر مصر في التراجع، وقوة إضافية في التقدم صوب تحرير فلسطين، وأغرت الدول الغربية وبعض الدول العربية، اثيوبيا للتطاول على المياة المصرية في نهر النيل على أمل زيادة التهديد لمصر، ليقدم الغرب بتدمير العمق الاستراتيجي لدول المواجهة هدية العون للكيان الصهيوني حتى يمنحه التفوق العسكري، إضافة لوجود جسور جوية من الإسلحة المتطورة برزت في أبشع صورها خلال الاعتداء الصهيوني على غزة.
وقد يعتقد البعض ان الغرب قد اكتفى بتدمير الدول الثلاث “العراق وليبيا والسودان” بحروب أهلية وبحروب غربية همجية، ليكون كل ذلك نقطة البداية لتحويل الأمة العربية لمجرد رقم في حسابات دول الغرب وربما ولايات من ضمن ولايات البيت الأبيض المنتشرة خارج أمريكا، فانتقل لتدمير سوريا ومصر ونجح في سوريا بفضل القوى العربية التي قدمت العون للغرب ومرتزقته بالمال والسلاح وهي القوى ذاتها التي أدارت ظهرها لغزة، لتصبح عاصمة الأمويين حديقة خلفية لروسيا وإيران فيما حقول نفطه محتلة أمريكياً، وفشل الغرب بشكل ذريع في مصر لقوة الجيش المصري وقدرته على السيطرة على أراضيه وعدم منح القادمين لزراعة الموت القدرة والفرصة لحصد الأرواح البريئة، إضافة لمساحة مصر الكبيرة لتنجوا من مخططات السوء الغربي والعمالة العربية.
وحتى تكتمل سلسلة التهديد فقد فرض الغرب قيوداً اقتصادية مرهقة على لبنان والأردن مما جعل من الصعوبة بمكان أن يقوم أي منهما بعمل منفرد، فيما لا تملك السلطة الفلسطينية مقومات الدولة حتى تقوم بدورها لتشكل عبء إضافي على القضية، وأشغل الغرب تونس إقتصادياً ليسير العالم العربي في دوامة الأمن العسكري والاقتصادي، ودوامة الثراء الفاحش حد الجنون، لتفرض واشنطن عقب ذلك فردية الحرب والاعتداءات الصهيونية على غزة ومنع أي طرف من التدخل عسكرياً واقتصادياً، لتخوض غزة حربها منفردة عن العالم أجمع، وتنجح في إحياء القضية الفلسطينية من جديد لكن دون ظهر يسندها ولا عين تبكيها في ظل غياب القوة الاستراتيجية العربية، وعدم وجود معاهدة دفاع عربية مشتركة أو اقتصادية وبالتالي اختفى الحس القومي العربي، لتصبح الأمة كاملة كالريشة في مهب الريح.
آخر الكلام:
الغرب حاول تحويل الأنظار وعدسات الكاميرات عن أبطال الخنادق لتركز على قيادات الفنادق، وحاول منح من في الفنادق دور البطولة على أمل أن تنسى الشعوب الأبطال الحقيقين في الأنفاق، لكن الشعوب استفاقت من غفوتها على صوت غزة وصورتها المخفية التي تشبه ملثمها ابو عبيدة فعشقوها وعشقوا أبطالها لتكون الناقوس الذي سيجعل الأمتين العربية والإسلامية تستفيقان للاستعداد للمعركة الأخيرة.