بانوراما (كشف حساب) ماذا حدث لبنانياً في العام 2023؟
بقلم: الإعلامية أماني نشابة
لا شك بأن العديد من الأخبار الساخنة، كان في غالبيتها غير مدعاة للتفاؤل، فقد طغت على الشأن اللبناني على مدار العام 2023 والذي يوشك على الانتهاء خلال الأيام القليلة القادمة، ففي العام المنصرم، ترسخت أحداث جسيمة، تحولت فيها الدولة اللبنانية الى دولة تصريف أعمال بالكامل منذ أن أصبح كرسي رئاسة الجمهورية شاغراً وطغت عليه سياسة شراء الوقت والترقيع هي السائدة، وأصبحت مؤسسات وإدارات الدولة التي باتت تعمل بالوكالة والتكليف أو من خلال التمديد لقادتها.
اقتصادياً خيمت أجواء الأزمة المالية الحادة، وظل البلد يرزح في ظلها، وبصورة متواترة منذ العام 2019، لم يتغير الحال الى الافضل، مع غياب اي بوادر لخطط جديدة للنهوض، كان الخاسر الأكبر فيها هو المواطن.
طبعاً يمكن الجزم بعدم وجود أي تطور بالملف الاقتصادي بملء سدة الرئاسة الأولى،
فكانت النتيجة أن اغلق العام 2023 على تطورات ربما لم يكن يحسب لها، كان لها الوقع على تطورات أمنية وعسكرية كبيرة، تزامناً مع ما قرره حزب الله تحويل جبهة الجنوب لمساندة ودعم لجبهة غزة في ظل تهديدات إسرائيلية بتوسيع رقعة الحرب، إذا لم يتراجع حزب الله لحدود منطقة شمالي الليطاني تطبيقاً للقرار 1701 الذي أنهى حرب 2016.
وفيما يخص الملف الرئاسي أي تطورات جديدة ولا اي خرقاً أساسيا خلال 2023، برغم من التدخلات والمساعي، الداخلية منها والخارجية، وحتى اللمبادرات لإخراج لبنان من عنق الزجاجة، مع تمسك الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، بمرشحهم رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، في الوقت الذي تخلت فيه قوى المعارضة عن ترشيح رئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض لصالح التقاطع مع «التيار الوطني الحر» على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، ومع هذا الاصطفاف بقي الوضع في المربع الأول دون تغيير.
وفي الوقت نفسه، تبنت العاصمة الفرنسية، ترشيح فرنجية، في إطار مبادرة جرى التسويق لها، تقضي بانتخابه رئيساً، وذلك في مقابل أن يكون السفير السابق نواف سلام رئيساً للحكومة، تراجعت عنها بعد تلاقيها مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وقطر ومصر في إطار ما يُعرف باللجنة الخماسية الدولية المعنية بالشأن اللبناني، يتصدرها حالياً ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي تم تمديد ولايته مؤخراً عاماً كاملاً السباق الرئاسي إلى جانب فرنجية.
طبعا يمكن القول بأن غياب رأس الدولة إلى خروج مؤسساتها عن الانتظام العام المفترض، ولذلك واصلت حكومة تصرف الأعمال عملها بالحد الأدنى، مع تراجع واضح العمل التشريعي لمجلس النواب وبشكل لم يسبق له أن حصل، ويأتي ذلك مع رفض معظم القوى السياسية المسيحية أن يواصل مهامه بشكل طبيعي، عادّة أن وظيفته الحصرية يجب أن تكون انتخاب رئيس للبلاد.
وجاء ذلك، لم تتمكن فيه حكومة تصريف الأعمال، من القدرة على إنجاز التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية والمالية المطلوبة، ومع انهاء خدمات مدير الأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم على التقاعد مطلع مارس (آذار) الماضي، حل مكانه بالتكليف الضابط الأعلى رتبة وهو اللواء إلياس البيسري.
وعلى الجانب الأخر، جاء انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، المثير للجدل، رياض سلامة في آب الماضي، شغل منصبه بالتكليف النائب الأول للحاكم وسيم منصوري.
في الفترة القليلة الماضية، مدّد مجلس النواب ولاية قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية عاماً كاملاً، وضمناً ولاية قائد الجيش الذي كانت ستنتهي ولايته في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل وبعد اشتباك سياسي كبير.
وقبل ذلك، كان سبق كل ذلك تأجيل مجلس النواب اللبناني وللمرة الثانية خلال عامين الانتخابات البلدية التي كان من المقرر إجراؤها في شهر مايو (أيار) الماضي كحد أقصى حتى تاريخ 31/5/2024.
وخلافاً لما هو مفترض بأن تحصل الانتخابات كل 6 سنوات، مع العلم بأن آخر مرة جرت فيها كان العام 2016، ولم تجري الانتخابات بدوافع عدة منها، لوجيستية ومالية، رغم دعوات المجتمع الدولي بضرورة الالتزام بموعدها.
أما الملف الكبير والذي القى ظلاله الثقيلة جداً على الدولة اللبنانية، كان ملف النزوح السوري، وهو الذي ظل مشتعلاً، كان حصل أن هدد مطلع شهر أكتوبر الماضي بانفجار أمني مع وقوع أكثر من إشكال بين لبنانيين ونازحين سوريين؛ ما أدى إلى سقوط جرحى.
بدون شك، كانت هناك تفاعلات وتجادلات شعبية وسياسية ضد النزوح السوري في لبنان، مع شبه إجماع على وجوب عودة النازحين إلى بلادهم؛ نظراً للفاتورة الاقتصادية والمالية المرتفعة التي يتكبدها لبنان.
ومع الإجراءات المشددة التي يتخذها الجيش اللبناني على الحدود لمنع دخول السوريين بشكل غير شرعي، بدأت المؤسسات الرسمية اللبنانية وبخاصة وزارة الداخلية خطوات عملية «للحد من الوجود غير الشرعي للنازحين تحت طائلة المحاسبة»، بحسب وزير الداخلية بسام المولوي الذي طالب البلديات بتقديم تقرير دوري كل 15 يوماً، توضح فيه كل ما فعلته بشأن الوجود السوري في مناطقها.
كانت مفوضية شؤون اللاجئين، عملت على تسليم قاعدة البيانات الخاصة بالنازحين السوريين للمديرية العامة للأمن العام بعد أكثر من عام من مطالبة لبنان الرسمي بالحصول على هذه الداتا لتنظيم الوجود السوري، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن تسليمها إلا في أغسطس الماضي.
في أكتوبر الماضي تلقى لبنان صفعة مدوية بعد الإعلان عن أنه لم يتم العثور على غاز بعد عمليات الحفر في احد الآبار في البلوك 9 البحري التابع للبنان، وبعد غبطة كبيرة ببدء عمليات الحفر في أغسطس الماضي في البلوك 9، وهو أحد البلوكات التي تقع بجانب الحدود البحرية التي تم الاتفاق عليها ما بين لبنان وإسرائيل السنة الماضية بوساطة أميركية، جاءت نتائج الحفر مخيبة رغم إصرار وزارة الطاقة على أن النتائج لا تنسف إمكانية وجود غاز في آبار أخرى في هذا البلوك.
وشهد العام المنصرم وفي في الأشهر الـ6 الأولى منه، اندلاع مواجهات مسلحة نهاية يوليو (تموز) في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب لبنان بين حركة «فتح» والمجموعات المتشددة. وشهد المخيم جولتَي عنف، رست الأولى على 13 قتيلاً وأكثر من 65 جريحاً بينهم قيادي في «فتح» قضى ومرافقوه في كمين، بينما أسفرت الجولة الأخرى في سبتمبر الماضي عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 85 آخرين بجروح.
ومع اندلاع حرب غزة، دخل لبنان في مرحلة جديدة من الصراع مع إسرائيل مع قرار «حزب الله» تحويل جبهة الجنوب جبهة مساندة ودعم للمقاتلين في القطاع. وما لبثت قواعد الاشتباك التي التزمت بها تل أبيب و«حزب الله» منذ عام 2016 أن تلاشت مع سلوك المواجهات بين الطرفين منحى تصعيدياً. ودخلت مجموعات فلسطينية ولبنانية لتقاتل إلى جانب عناصر «حزب الله» الذين قتل منهم ما يزيد على 100.