هل تفتح المختارة أبواب الرئاسة لفرنجية؟
بقلم: اكرم كمال سريوي

 

في عام 2016 زار سليمان فرنجية كليمنصو، وكان يومها قد رشحه سعد الحريري لرئاسة الجمهورية.
فسارع سمير جعجع بقطع الطريق على فرنجية، وتبنى ترشيح العماد ميشال عون، وعقد معه اتفاق معراب. وهكذا انتُخب عون كمرشح اجماع مسيحي.

يوم انتُخب سليمان فرنجية الجد رئيساً عام 1970، بأغلبية صوت واحد، (50 لفرنجية و49 ل الياس سركيس)، لم يتحدث أحد عن غطاء مسيحي أو اسلامي للرئيس.
فانتخابه تم وفق اللعبة الديمقراطية داخل البرلمان، وكرئيس لكل لبنان واللبنانيين، وليس لطائفة أو فريق.

اليوم دخل لبنان مرحلة حكم التعطيل، وحق الفيتو لبعض القوى السياسية، التي تحتكر تمثيل طوائفها.

فالشرط الأول لانتخاب رئيس، هو موافقة الثنائي الشيعي عليه، أو بالأصح موافقة حزب الله.

لكن هذه الموافقة غير كافية لانتخاب رئيس، لأنه يحتاج إلى موافقة أحد الفريقين المسيحيين، أي التيار الوطني الحر، أو القوات اللبنانية.

عندما تخرج اللعبة عن المسار الديموقراطي، إلى مأزق الفيتوهات المتبادلة، والشروط والشروط المضادة، يصبح التوافق صعباً، والحوار دون جدوى، كما هو الحال الآن. ويستنجد كل طرف بأصدقائه في الخارج، لدعم موقفه وفرض شروطه.

النقطة الأسوأ، هي أن منطلق الفرقاء، هو البحث عن مكاسب شخصية، وحصة في جبنة الحكم، والخلاف ليس على برامج المرشحين الانتخابية، بل على الاسم.

انطلاقاً من التوازنات الطائفية، والانقسام الاسلامي المسيحي في لبنان، لعب الدروز دوراً محورياً في ايصال رئيس الجمهورية.

فهل تفتح المختارة اليوم، أبواب بعبدا أمام سليمان فرنجية الحفيد؟؟؟

تؤكد الزيارات المتبادلة الأخيرة بين التقدمي والمردة، أن لا خلافات شخصية، كما أن جنبلاط لا يرفض وصول فرنجية إلى الرئاسة.
لكنه يحرص على أن لا يحصل ذلك بالكسر والتحدي، ويربطه بوجود غطاء مسيحي للرئيس.

أبلغ باسيل فرنجية أنه لن ينتخبه، لكن مستعد للتعاون معه إذا اصبح رئيساً.

فهل يكون هذا الموقف إشارة كافية ليسير جنبلاط بانتخاب فرنجية؟

يبدو أن هذا الأمر محكوم بعدة أمور،
فمن ناحية يريد جنبلاط رئيساً توافقياً، لعلمه أن رئيس تحدٍ لن يتمكن من إنقاذ البلد، من المأزق الاقتصادي الذي وقع فيه.
من جهةٍ ثانية، يعلم جنبلاط أن استمرار الفراغ أمر كارثي، ويتسبب بشل البلاد، ومزيد من الانهيار في مؤسسات الدولة. كما أن الرهان على الخارج، لن يجدي نفعاً، فلدى الخارج ما يكفي من أزمات، تتقدم على الوضع اللبناني.

أعلن جنبلاط سابقاً بأنه يدعم التوافق على قائد الجيش، لكن يبدو أن هناك عقبات أمام إنجاز هذه التسوية.

فالتيار الوطني الحر يصرّ على عدم القبول بجوزاف عون، والقوات مترددة، لأنها تعلم أن الدستور يمنع انتخاب قائد الجيش، وهي لا تريد أن تُعلن موقفاً، مؤيداً لمخالفة للدستور.

إن كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن وجود مرشح وحيد، هو سليمان فرنجية، مع علمه بمواقف الأطراف من هذا الترشيح، يدل على أنه في الوقت الحالي، نحن أمام خيارين: إما انتخاب فرنجية، أو استمرار الفراغ، ولا وجود لخيار ثالث.

لن يوافق حزب الله الآن على مرشح غير فرنجية، على الأقل ليس قبل انتهاء الحرب في غزة، واتضاح صورة التسوية الكبرى، المتوقعة للمنطقة.

لكن اليوم ما زال نتنياهو مصراً على إطالة أمد مسلسل قتل وتهجير الفلسطينيين، وهذا يعني أن الوضع في جنوب لبنان على “كف عفريت”، والحرب قد تتوسع في أي وقت.

فإسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة لتوسعة عدوانها وشن حرب على لبنان، ولا تستطيع، حتى أمريكا، أن تمنعها من القيام بذلك.
لو وجدت إسرائيل أن لها مصلحة بتوسعة الحرب، لفعلت ذلك منذ البداية.
لكن نتنياهو يعلم أنه لن يحقق شيئاً من حربه على لبنان، حتى لو قام بالقتل والتدمير، لا بل قد تكون خسائره أكثر بكثير، من أي نتائج ايجابية يطمح إليها.

ولهذا السبب فقط، ما زالت إسرائيل، تعلن تفضيلها للدبلوماسية، في حل المسألة مع لبنان.

مرّ أكثر من سنة على الفراغ في بعبدا، وفي مراكز عديدة في الدولة، وفي ظل انسداد الأفق، واستحالة الإجماع والتوافق، ربما بات خيار فرنجية، بالنسبة لجنبلاط وارداً.
فالكل يعلم أن أي رئيس، هو أفضل من الفراغ، خاصة أن الرئيس لن يقلب التوازنات القائمة، فالصلاحيات هي بيد مجلس الوزراء، ورئيس الجمهورية يلعب دوراً، في رعاية التوازنات لا في إلغائها.
هل اسقط رياشي، فيتو القوات عن فرنجية، حتى أعلنت استعدادها لحضور أي جلسة، بجلسات متتالية لانتخاب رئيس؟.

المؤشرات لدى فرنجية ايجابية، وقد يعبر فعلاً إلى بعبدا، من بوابة المختارة.

فهل يكرر تجربة جده، عندما فاز بصوت من كمال جنبلاط؟

زر الذهاب إلى الأعلى