زيادة الرواتب هذا الاسبوع، والشامي لتصفية الودائع
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –
“الثائر” –

تعمل حكومة الرئيس ميقاتي، على تصريف الأعمال وتقطيع الوقت، بالحد الأدنى من الخسائر، في ظل مقاطعة وزراء التيار الوطني الحر لاجتماعاتها، والأزمات العديدة التي تعصف بالبلد، بدءاً من السياسة والعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، إلى الاقتصاد وتداعياته الكارثية على المستوى المعيشي، خاصة لموظفي القطاع العام، وصولاً إلى الحرب على جبهة الجنوب، والتي لا تملك الحكومة فيها قراراً أو رأياً.

تراجع الرئيس ميقاتي في جلسة السبت عن اقرار الزيادات للقطاع العام، (تحت ضغط قيادة الجيش وتظاهرة العسكريين المتقاعدين)، لأنه يوجد تفاوت كبير بين الموظفين، في المشروع الذي كانت اعدته الحكومة، كما قال ميقاتي.

مع العلم أن المشروع الذي كان مقترحاً، هو في الأصل صناعة ثلاثية، لرئيس الحكومة ميقاتي ونائبه سعادة الشامي ووزير المال يوسف الخليل.

ولقد اعدّ الثلاثي مشروعاً مالياً آخر، لدمج المصارف والقضاء على الودائع، لكن ميقاتي والخليل تنصلا منه ليتضح أنه من صناعة الشامي، إرضاءً لشركائه في المصارف.
والشامي ما زال مصرّاً على مخالفة القوانين اللبنانية، خاصة في تصنيف الودائع مؤهلة وغير مؤهلة. رغم رفض حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، لبدعة رياض سلامة هذه، كونها مخالفة للقانون.

وكان الهدف من المشروع الذي اعدته الحكومة لزيادة الرواتب، إرضاء موظفي الإدارة، وهضم حقوق العسكريين والمتقاعدين.

فاوضت الحكومة سابقاً بعض فئات الموظفين، لتقسيم صفوفهم وإضعاف جبهتهم، فتم إعطاء منح بسيطة (خلافاً للقانون)، للقضاة والأساتذة، وتم إسكاتهم بها.

مؤخّراً تنبّه موظفو القطاع العام إلى خطر العرض الميقاتي، المدعوم من وزير المال يوسف الخليل، بإعطائهم “بدل انتاجية” خلافاً لقانون الموظفين.

وعرفوا أن هذا التدبير سيحرمهم من حقوقهم، في احتساب تعويضات نهاية الخدمة والمعاش التقاعدي.

وهذا ليس فقط لمن سيحال قريياً على التقاعد، بل لكل الموظفين لأن كل ما هو مؤقت في لبنان يصبح دائماً.

طالب الموظفون بإعطائهم رواتب عادلة، كي يتمكنوا من القيام بعملهم. وطالب العسكريون المتقاعدون، بإعطائهم نسبة 85% من أي زيادة ستقر لموظفي القطاع العام، وذلك وفقاً لما ينص عليه قانون الموظفين.

يعترف بعض الوزراء والنواب بأنه لا بد من زيادة الرواتب، ولا يمكن الاستمرار بالوضع الحالي. فراتب الموظف اليوم يساوي 10% من راتبه قبل الأزمة، وأصبح لا يكفي لابسط مقومات العيش اللائق.
وعامل أجرة يومية يتقاضى شهرياً اكثر من 600 دولار، في حين راتب عميد متقاعد أقل من 400 دولار.

ردت الحكومة على مطالب زيادة الرواتب، بأنه لا يوجد لديها ما يكفي من الأموال، لإعطاء الموظفين حقهم. وبغية معالجة أزمة الإضراب والشلل في القطاع العام، قررت اعطاء زيادات متفاوتة للموظفين.

اقترحت الحكومة زيادة بدل النقل إلى 900 الف ليرة يومية، واصرت على مقترح بدل الانتاجية اليومي لموظفي الادارات العامة. بحجة أن عدد هؤلاء هو 8 آلاف موظف.

بينما يوجد حوالي120 الف موظف في القطاعات العسكرية، وأكثر من 100 الف متقاعد.
(طبعاً ارقام الحكومة هذه هي تقريبية).

أمًا للعسكريين، فاقترحت مبلغاً مقطوعاً، حدد ب 10 ملايين ليرة.

فيما المتقاعدون كانوا سيحصلون على ثلاث رواتب اضافية فقط، أي مبلغ حوالي 4 ملايين لموظفي الفئة الرابعة ويصل إلى 15 مليون لموظفي الفئة الأولى).
فماذا تعني زيادة 33 دولاراً للمتقاعد، بعد زيادة كل هذه الرسوم والتكاليف، من؛ الكهرباء، الى الهاتف، والمياه والانترنت، وغيرها، التي أقرّت في مشروع موازنة 2024؟؟؟

قال مصدر وزاري، أن توجه الحكومة في هذا الأسبوع، هو لاقرار نسبة زيادة واحدة لكل العاملين في القطاع العام والمتقاعدين.
لم يتم تحديد هذه النسبة، افساحاً في المجال لدراسة دقيقة، لا تسبب عجزاً مالياً او ارتفاعاً جديدًا في سعر صرف الدولار.
ويرجح المصدر أن تلجأ الحكومة إلى حل وسطي، وهو اعطاء الموظفين الاداريين ستة رواتب اضافية، مع زيادة بدل النقل الى 900 الف ليرة، وخمسة رواتب للعسكريين والمتقاعدين.

لكن هذا الحل يلاقي اعتراضاً، باعتباره غير كافٍ، فهو يبقي الراتب أقل من 20% من قيمته قبل الأزمة، فيما يطالب الموظفون بنسبة لا تقل عن 60%.

تقول الحكومة، أن المركزي طلب ان لا يتجاوز الانفاق الحكومي 8300 مليار ليرة شهرياً، أي حوالي 93 مليون دولار وفق سعر السوق.

وهذا يعني أن قدرة الحكومة على زيادة الرواتب شبه معدومة، وكل زيادة سترتب عجزاً في الموازنة.

لكن هذا الأسبوع على حكومة ميقاتي أن تتخذ قراراً حاسماً . فإما تبقي على حالة الشلل والفوضى، وعدم المقاربة الجدية لمسألة عودة انتظام القطاع العام، وابقاء موظفي القطاع العام تحت خط الفقر.

أو تتخذ قرارات حازمة بضبط الحدود وتفعيل الجباية، وتأمين مصادر تمويل اضافية، وزيادة الرواتب بشكل ينصف الموظفين في القطاع العام (اسوةً بما حدث في القطاع الخاص)، ويضخ الروح من جديد في شرايين الدولة، وإعادة تفعيل عمل القطاع العام.

زر الذهاب إلى الأعلى