إلى سمو رئيس الوزراء.. مهم وعاجل
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
شدّني مؤخراً اهتمام سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ د.محمد الصباح بالتحديات الاقتصادية التي نواجهها، فأولى خطوات مواجهة هذه التحديات، هي أن نعرفها ونعترف بها.
فبلا شك، أي متابع للشأن الاقتصادي، يستشعر الخطر، كوننا دولة لا تزال، وبعد مضي عقود على اكتشاف النفط، تعتمد المصدر أحادي الدخل، نبيع النفط، ونطعم ميزانية تلتهم الرواتب معظمها، وبرغم اننا يجب أن نعترف اننا ولله الحمد نعيش في رخاء، لكنه مرتبط بمدى الطلب على النفط، فهل نضمن استمرارية هذا الطلب؟!
ورغم أننا جميعاً نعي ان الدول الناجحة، هي الدول التي تجيد ادارة الاقتصاد بحيث تدير مواردها، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الرفاهية والرخاء للشعب، فهل أدرنا مواردنا، بشكل جيد؟
تاريخياً، نشأ الاقتصاد الكويتي على التجارة، بلد مفتوح على البحر، ومنفتح على الآخر، وتربطه علاقات تجارية بالعديد من الدول، لكن بدا وكأن النفط جاء ليجلب معه الرخاء، وايضا الكسل التجاري، فلم نستثمر لا تاريخنا التجاري، ولا مواردنا المالية بالشكل المطلوب، حيث ان الواقع يشير الى ان الاقتصاد الكويتي يعاني من خلل واضح يمكن تلخيصه بعوامل الاعتماد شبه الكلي على النفط، اختلال بالميزانية حيث تشكل الايرادات النفطية نحو %88 من الايراد الكلي للبلاد، والرواتب تفوق %80 من المصروفات، وخلل في التركيبة السكانية وفي تركيبة القوى العاملة وضعف النظام التعليمي وعدم مواءمة مخرجات التعليم وسوق العمل.
واصبح لزاماً علينا ان نعالج هذه الاختلالات، ولعل أول العلاجات هو تنويع مصادر الدخل، حيث يمكن وبكل بساطة، تنويع مصادرنا من خلال عدة موارد، منها: زيادة الاستثمار بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ادارة أملاك الدولة وفقاً لأسعار السوق الفعلية، استثمار الموقع الاستراتيجي للكويت، من خلال تعزيز استثمارات النقل، وكذلك جذب الاستثمارات الأجنبية، سن ضرائب على الشركات تتوازى مع ارباحها، التوجه نحو الصناعات التحويلية، تعزيز قطاع السياحة والتفكير بها كصناعة تدر أموالاً، السياحة التعليمية، فرض ضرائب على تحويلات الوافدين وغيرها من حلول.
ولعل الحل الأهم والأكثر الحاحاً، هو الاصلاح الجذري للنظام التعليمي، فيجب أن تفكر الدولة بأن موردها الأهم ليس النفط بل الطاقة البشرية، لدينا مجتمع شاب، قد يكون مصدر قوة لأي دولة متى ما استثمر بالشكل المطلوب لكننا للأسف وبسبب سوء التعليم نهدر طاقاتنا الشابة، فالطالب يتعلم تعليما هزيلا في المدارس، وباعتراف الحكومات السابقة، ليقبل بتخصص لا يحتاجه سوق العمل، وقد لا يكون رغبة الطالب ذاته ايضاً، لكنه مجرد تخصص يكسبه شهادة بكالوريوس، ويتخرج ويصف طابورا في ديوان الخدمة المدنية، وتكون الحكومة ملزمة عرفاً بتعيينه، لتكدس موظفين لا تحتاجهم بمختلف الوزارات، بينما لو استطعنا استثمار شبابنا، باصلاح النظام التعليمي، ومن ثم توجيههم نحو التخصصات الحديثة التي نحتاجها في سوق العمل ولازلنا نجلب الوافدين لادائها، سنضمن اننا حللنا جزءا كبيرا من خللنا الاقتصادي.
وختاماً، لم تعد لدينا رفاهية الوقت أو الانتظار، المنطقة تتغير، وتتطور اقتصادياً، فإما أن نلحق بركب تطورها الاقتصادي والاستثماري، أو أن نعض لاحقا، لا سمح الله، أصابع الندم.. ونبقى أسرى اقتصادياً لتقلبات أسعار النفط.