الحكومة ورواتب القطاع العام
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

الثائر –

رغم أنها لم تمثل أمام البرلمان، ولم تحظ بثقته، وهي حكومة تصريف أعمال، دأبت حكومة الرئيس ميقاتي، على مخالفة الدستور والقوانين، وذلك باعتراف الوزراء والنواب، ومعظم اساتذة القانون في لبنان.

لكن الأسوأ من ذلك كله، هو استمرار مسار حماية المخالفين، وتغطية الفاسدين، وتعطيل القطاع العام، وادارة البلد بعقلية التاجر، وكأنه شركة خاصة، يتم فيها اعطاء منح لفئة من الموظفين، ومنعها عن فئة أخرى.

لا شك أن أولى الفئات المتضررة من السلوك الحكومي هم المتقاعدون، يليهم العسكريون، باستثناء الجمارك طبعاً، الذين يتقاضون رواتب تفوق باضعاف، ما يتقاضاه زملاؤهم في الاسلاك الأخرى.

ابتدعت الحكومة طرقاً غريبة ومخالفة لكل القوانين، في زيادة الرواتب. وحاولت شق صفوف الموظفين، فوضعت في رأس الهرم موظفي المالية، وبعدهم القضاة، ودكاترة الجامعة المتفرغين، ثم تتضاءل عطايا الحكومة لاساتذة المدارس الرسمية، وخاصة المتعاقدين منهم، وبعدهم أعطت جزء بسيط للعسكريين .

وترد الحكومة مدافعة عن إجراءاتها بأمرين:
أولاً عدم توافر الأموال الكافية، لإعطاء رواتب عادلة لكل الموظفين
وثانياً أن عدد موظفي بعض الإدارات العامة قليل، بينما العدد كبير جداً في القطاع العسكري وقطاع التعليم.

مقاربة الحكومة التي تبدو واقعية، لكنها مخالفة لمبدأ قيام الدولة. فالمسؤولية في كثرة عدد الموظفين، لا يتحملها الموظف بحرمانه من حقوقه، ولا يمكن أن تكون حجة ومبرراً لمخالفة الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، ولا لإصدار مراسيم أو تعاميم، مخالفة للقانون والدستور.

الدولة تحتاج إلى دستور وقوانين، والحكم يحتاج إلى سياسة العدل والانصاف، والحاكم يحتاج إلى النزاهة والضمير.
وإلا تحولت الدولة مزرعةً، والحكم مساسةً، والحاكم قرصاناً.

تعلم الحكومة وغالبية اللبنانيين، أن المشكلة الاقتصادية، ناجمة عن؛ الفساد، والسرقات، والهدر، والتهرّب الضريبي، واستباحة أملاك الدولة والمال العام.

لكن يحلو لكثير من المسؤولين، وتجار الهيئات الاقتصادية، وأصحاب البنوك، الذين نهبوا أموال المودعين، وما زالوا يتنعمون بها ويحتجزونها، بغطاء من الحكومة الميقاتية، ويمنعوها عن أصحابها، الذين جمعوا أموالهم بعرق الجبين.
يحلوا لهؤلاء التهويل على الموظفين، والقاء كل اللوم على سلسلة الرتب والرواتب، متناسين كل مزاريب الهدر والفساد، والارتكابات التي يقومون بها بحق لبنان.

لو قُدّر أن تقوم دولة في لبنان، تحرص على المال العام، وتجبي كامل مستحقاتها، وتحاسب كل من تجرّأ أو تُسوّل له نفسة المساس بالمال العام، أو التفريط بحقوق الدولة، لتحول لبنان إلى دولة غنية، قادرة على أن تكون منارة هذا الشرق، وعنوان ازدهاره.

الدولة تحتاج إلى قادة حقيقين، يحملون فكراً نيراً، وإرادة صلبة، وعزماً على تحقيق مصلحة الوطن والمواطن.

الدولة تحتاج إلى مواطنين شرفاء، وليس إلى سكان.
الدولة تنهض؛ بعقول راجحة، وسواعد قوية، ووطنية صادقة.
الدولة تنهض بقضاء عادل، وجيش قوي، وإدارة سليمة.

يمكن أن تجد دولة بلا مصارف، و بلا تجار، أو حتى بلا نواب ووزراء.
لكن كيف يمكن بناء دولة، دون جيش، ودون قضاء، ودون مدرسة وجامعات؟

من يسعى اليوم لتدمير القطاع العام، وسلب الموظفين أبسط حقوقهم بالعيش بكرامة، هو في الحقيقة يريد تدمير الدولة، والقضاء على الوطن في لبنان.

لقد حان الوقت لقول الحقيقة، ولا بد أن ترحل هذه الحكومة الظالمة العرجاء، ولتأتي سلطة إصلاح حقيقي، من أصحاب العقول لا من أصحاب الجيوب.

لكن قبل هذا وذاك فلنحتكم إلى الدستور، وننتخب رئيساً صالحاً.

وكفى لهذه السلطة مساسة، وتغطية للفساد والفاسدين

زر الذهاب إلى الأعلى