المطالبات النسوية و«الطابع المصلحي»؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

الجريدة –

النائبة جنان بوشهري في مجلس 2024 كانت بحق واجهة للديموقراطية، حيث سجلت ظهوراً لافتاً في الصحف ووسائل الإعلام للمرأة في الانتخابات النيابية، لكن اسمها عكس صورة يتيمة عن هذا الحضور.

ورغم تعديل قانون الانتخابات فإن نساء قليلات تمكنّ من تحقيق الفوز منذ مجلس 2009، وهن السيدات الأربع «معصومة مبارك وسلوى الجسار وأسيل العوضي ورولا دشتي»، وفي مجلس مارس 2012 خلت المقاعد من أي نائبة، وفي مجلس ديسمبر 2012 فازت ثلاث سيدات، ومجلس 2013 سيدة واحدة، ومجلس 2016 كانت سيدة واحدة من الفائزين، أما مجلس 2020 فلم يدخله أي عنصر نسائي، في حين أن مجلس 2022 ضم سيدتين، ومجلس 2023 فازت سيدة واحدة هي جنان بوشهري.

ومع أن عدد الناخبات يفوق عدد الناخبين الرجال إلا أن المرأة أكثر ميلاً للتصويت للرجال، وهذه الظاهرة وبحسب قراءة كتاب السيد علي العريان «شخصية الفرد الكويتي» والفصل الخاص بالذكورية والنسوية يؤكد تفشي الفكر الذكوري في المجتمع.

يشير العريان إلى أن الذكورية تبرز في الأدوار المجتمعية وتتداخل أحياناً مع القوانين والتشريعات، فالمسؤول عن الرعاية المالية للأسرة هو الرجل، في حين المسؤول عن رعاية الأطفال وتربيتهم هي المرأة، وإن كانت بعض الأسر الحديثة تميل كثيراً إلى التعاون فيما بينها، إلا أن تلك الأدوار تبقى جلية وواضحة في المجتمع، وتأخذ شكلها في قاعات المحاكم، من جانب آخر يميل الفرد الكويتي إلى تصنيف بعض أنواع الرياضة إلى رياضة مناسبة للرجال فقط، مثل رفع الأثقال والملاكمة بل كرة القدم أيضا، وقد ينظر إلى المرأة التي تمارس ذلك بأنها تتشبه بالذكور سلوكيا مما يثير امتعاض البعض، ومع ذلك فإن عدداً من الكويتيات يمارسن مختلف أنواع الرياضات بما فيها تلك التي ينظر إليها على أنها خاصة بالذكور، كما أن هناك أنواعاً من الرياضة تناسب النساء ويعاب على الرجال ممارستها مثل الرقص.

ثم يستشهد المؤلف بأحداث أخرى ذات علاقة كالمعاكسات والتحرش الذي يمارسه الذكور من مختلف الأعمار، وكذلك جرائم الشرف، حيث تقتل المرأة بسبب علاقة جنسية خارج إطار الزواج الشرعي، وأحياناً بسبب ارتباطها العاطفي برجل حتى لو لم يصل الأمر إلى حد الممارسة الجنسية.

وهناك دائما موضوع يثير مناوشة بين ذوي الفكر الذكوري والنسوي، ومن المنازعات التي ثارت ما يتعلق بممارسة النساء اليوغا، ولعبة البادل، وإقامة دورات الرقص الشرقي، ومشاركة النساء في ماراثونات، وإنشاء وحدة الدراسات النسوية والجندرة في جامعة الكويت.

يذهب الكاتب إلى استنتاجات خاصة به، يطلقها على أغلب المطالبات النسوية التي تتصف «بالطابع المصلحي» كون النساء لا يتبنين رؤية للمطالبات تنطلق من إصلاح شامل لكل أوجه التمييز على أساس الجندر، بل إنما مطالباتهن غالبا ما تنطلق من النزعة المطالبة بحقوق المرأة والتملص من التزاماتها على النمط الغربي، مع الإبقاء على حقوق المرأة على النمط الشرقي الإسلامي، وفي حين هي ترفض قوامة الرجل التي يقررها الإسلام، فإنها في الوقت ذاته لا تتوانى عن المطالبة بنفقات الزوجية ودياً، أو حتى من رفع دعوى قضائية تلزم الزوج بسدادها، وهذا أمر نابع من مشكلة أكبر تتقاذف الفرد الكويتي في كل الميادين، وهي أن ثقافته مزيج من خليطين متناقضين، فمن ناحية هو إسلامي عربي شرقي، ومن ناحية أخرى هو عرضة لطوفان العولمة العاتي ومنفتح على الغرب، بفلسفاته العلمانية وتحرره ورفضه للدين، فتشكلت أفكار الفرد الكويتي، بطريقة متناقضة لا تقوم على منظومة فكرية واحدة منسجمة كما يعتقد الكاتب.

زر الذهاب إلى الأعلى