1+1=0.. أحيانًا علينا العودة.. المأساة غزة!
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

بدأت المعادلة- ببساطة عند ورود أنباء عن  تفعيل أنظمة الدفاع الجوي في أصفهان إيران  وانفجار يهز شمال غرب  المدينة، التي تقع في وسط إيران وتتصل بأغلب المحافظات من كل جهاتها، مساحتها 105.937 كلم2 على بعد 340 كم شمال العاصمة طهران، سكانها أكثر من 2 مليون، و400 ألف نسمة، ثلثهم من اليهود الطيالسة.

ما حدث، كما أرادت له شبكة إيه بي سي نيوز، عن مسئول أمريكي: صواريخ إسرائيلية ضربت موقعًا في إيران، وفي وقت آخر قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إنه: إذا صح الهجوم الإسرائيلي على إيران،(..) فإنها ضربة نُفذت بهذا الشكل كي تنهي إسرائيل الحدث.

.. المدهش، أن “واشنطن بوست” الأمريكية، نقلًا عن مسئول إسرائيلي: الهدف من الهجوم إرسال إشارة إلى  إيران بأن “إسرائيل “لديها القدرة على الضرب داخل الجمهورية الإيرانية”.

*  196 يومًا من الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة

منذ  196 يومًا من الحرب العدوانية الإسرائيلية المستعرة على غزة، تقوم حكومة الحرب الإسرائيلية النازية، الكابنيت بالمزيد من المجازر والإبادة الجماعية لشعب فلسطين وأهلها في قطاع غزة.

.. هي تلك” المعادلة الصعبة”، التي فتحت كل الأبواب والنوافذ والأجواء، على نوعية من عشرات المعادلات والألاعيب، ونبش ملفات الصراع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، عدا عن خصوصية الصراع البيني- الإسرائيلي/الفلسطيني، ما وضع، في ظل الحرب  على غزة، جيوسياسية أمنية عسكرية قد تفجر في أي لحظة، وهي ما حذرت منه قيادات الجوار الفلسطيني: الأردن  ومصر ولبنان، عدا عن الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، تحذيرات تغيب وسط ويلات الحرب التي دعمتها مباشرة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وغيرها في سبيل أنها فصائل وحركات المقاومة الفلسطينية، التي تعمل مع حركة حماس، سعيا لتقديم الفهم الاستعماري على حقائق التاريخ وقرارات الشرعية الدولية ومظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

هنا، تبدو القراءة، التي تشير إلى أبسط معادلات الرياضيات والمعرفة والانسانية:هل يصح ان نقول ان [ 1+1=0..]، وهل يحق-أحيانا!-ان نفكر بالحرب على طريقة حروب المختبرات وغرب أبحاث الجامعات؟

.. باختصار، ما حدث فجر الجمعة 18 نيسان أبريل، وضع سياق التفكير السياسي الاستراتيجي، يثير سؤال المعادلة من أرقام إلى مسميات: [إيران+ إسرائيل= صفر الحرب]، كيف؟

*”الحرب العالمية صفر”.

بالعودة إلى تاريخ الحروب في القرن الماضي،  والذي قبله، وصولًا إلى الألفية الثالثة، نجد أن حالة النتيجة “صفر”، لها أسرارها، وملفاتها التي اكتوت بها الإنسانية، فقد

اندلعت في عام 1853 واحدة من أضخم الحروب في التاريخ الأوروبي، وهي التي عرفت في التاريخ العسكري والأمني، بتسميات مختلفة كـ”الحرب الشرقية” و”الحرب التركية” و”حرب القرم”، علمًا بأن العمليات الحربية شملت القوقاز، وإمارات الدانوب، وعدة بحار هي: البلطيق وبارنتس والأبيض وآزوف والأسود؛ وكذلك المجرى الأسفل لنهر آمور، وكامتشاتكا وجزر الكوريل.

حدة المعارك بلغت أقصاها في القرم تحديدًا، وفي سنوات 1853- 1855 من تلك الحرب وقفت كل من إنجلترا وفرنسا وتركيا وسردينيا ضد روسيا. وبسبب النطاق الواسع لهذه الحرب أطلق عليها بعض المؤرخين تسمية “الحرب العالمية صفر”.

هنا نجد أن الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، إلى الحرب الروسية الأوكرانية، إلى حرب غزة، مقدمات لفناء البشرية عبر المد النووي، وأن فلات الحرب الذرية في غفلة من غرف المعرفة والمعادلات الرياضية، فالعالم اليوم يدخل “صفر الحضارة وفناء الإنسانية”، وعلى المجتمع الدولي فهم معادلة: [إيران+ إسرائيل= صفر الحرب]، أي لحظة الغليان الفناء القادم.

*الوكالة الدولية للطاقة الذرية

على هامش الرد الإسرائيلي على “الرد- الضربة” الإيرانية، تحركت

الوكالة الدولية للطاقة الذرية،: نؤكد أن المنشآت النووية، لا ينبغي أبدًا أن تكون هدفًا في النزاعات العسكرية

وأكدت(..)  عدم وقوع أضرار في المواقع النووية الإيرانية ونتابع الوضع من كثب.

في يوم 17 نيسان أبريل الجاري، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية “رافائيل غروسي”، لشبكة CNN، إن مفتشي الوكالة عادوا إلى المنشآت النووية الإيرانية بعد أن أغلقتها السلطات، لـ”اعتبارات أمنية”.

 

ضمن أبعاد المعادلة “صفر الفناء “، يقدر “غروسي” أن “الوضع في المنشآت الإيرانية “يبدو” أنه يسير كالمعتاد”؛ ذلك أن الوضع كان “متوترا للغاية” خلال  نهاية الأسبوع.

 

الوكالة، تقول دون قيود: “أن في أوقات الصراع، ربما يكون استهداف المنشآت النووية مغريًا لصانع القرار العسكري، لكنه سيكون خطأً فادحا له عواقب وخيمة جدا”.

 

“غروسي”  ليس لديه، بحسب أقواله: “أي معلومات أو أي مؤشر على وجود تخطيط من جانب إسرائيل أو أي دولة أخرى لاستهداف المنشآت النووية”، وأن الوكالة “لا تزال في حالة تأهب ويجب أن يكون هناك ضبط النفس الشديد من جانب الجميع”.

 

.. والوكالة تشير، وهي تراقب معادلات وألاعيب إدارة الحرب: أما بالنسبة لبرنامج إيران النووي، فقالت إن إيران “تواصل جمع كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بمستويات قريبة جدا جدا، متطابقة من الناحية الفنية، مع تلك المطلوبة للأسلحة النووية”، محذره أن: “هذا لا يعني أن هذا يعادل سلاحًا نوويًا”.

.. وهكذا بدأت معالم الخوف من التصعيد الإقليمي والدولي، وجاءت الردود، تعيد قطبي النووي المجانين “إيران وإسرائيل”، إلى خلفيات نتائج الحرب الإسرائيلية النازية على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس، فعلى أثر الرد الإسرائيلي على أصفهان بإيران، عزز الإعلام الإسرائيلي.

وعمم ترهات المتطرف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي ينتقد الهجوم على إيران بكلمة واحدة: “ضعيف”، في مقابل ذلك أعلن ما يسمى بالحرس الثوري الإيراني  حالة التأهب القصوى في جميع قواعده ومعسكراته في إيران.

 

*مخاوف الحالة “صفر الفناء”

 

صحيفة “جيروزاليم بوست”، الإسرائيلية، سارعت في مقال بعنوان “الهجوم على إيران بجوار موقع نوويّ يبعث برسالة”، أنه: كان بإمكاننا فعل ما هو أسوأ”، وأن  الهجوم- الرد الإسرائيلي على إيران “أصاب القوات الجوية الإيرانية في أصفهان، والتي تقع إلى جانب موقع نوويّ”.

.. ما أرادت أن يصل، إلى المجتمع الدولي، إنّ الرسالة الإسرائيلية، من خلال الرد؛ كانت  تريد إيصال رسالة عسكرية أمنية: “لقد اخترنا عدم ضرب مواقعكم النووية هذه المرّة، لكن كان بإمكاننا أن نفعل ما هو أسوأ هنا”.

 

.. حتما تعي الصحيفة العبرية، أنها تنطق باسم التطرف وحكومة الحرب الإسرائيلية، الكابنيت: “إسرائيل تبعث برسالة واضحة إلى إيران بأنّ الهدف من الهجوم على أصفهان لم يكُن إيذاء إيران فحسب، بل كان يهدف أيضًا إلى توضيح مدى تعرض مواقعها النووية للخطر”.

.. وحول واقع الرد، كشفت الصحيفة: “استخدمت صواريخ بعيدة المدى من الطائرات في هذا الهجوم لتجنُّب قدرات الكشف الرادارية لطهران”.

 

المعادلة إذا، باتت واضحة، [إيران+ اسرائيل=صفر الحرب]، فقد حددت  “جيروزاليم بوست”، أنه: “من خلال عدم مهاجمة الموقع النووي في أصفهان أو المواقع النووية الأخرى في موقع “نطنز النووي وموقع” فوردو”، فإنّ،- دولة الاحتلال الإسرائيلي- لا تسعى إلى حرب إقليمية متصاعدة”، وأشارت:”لقد كان هذا هجومًا دقيقًا للغاية في منتصف الطريق، مصمّمًا للتهديد والتقليل من احتمال وقوع ضربة إيرانية مضادّة أخرى”، وذلك بعد الهجوم الإيراني الكبير على إسرائيل الأسبوع الماضي.

 

.. الغريب أن كل ذلك، يأتي  مع حمى  التقارير الإيرانية التي “تنفي بشدة ” حدوث أيّ “هجوم صاروخيّ” على أصفهان، ومع أن إيران تعلم أن العالم والإعلام الدولي، بالذات الأمريكي والأوروبي والعربي، يتابع بقلق مآلات النتائج المتوقعة.

هنا أشير  بحذر وترقب، إلى ما  ورد في  صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن مسئول إسرائيليّ تأكيده أنّ “جيشنا شنّ غارة في داخل إيران ردًّا على هجومها بالصواريخ والمسيّرات على إسرائيل”في مقابل ذلك  نقلت  الصحيفة  تأكيد ضابط كبير بالجيش الإيراني في أصفهان أنّ: “الأصوات التي سُمِعت في مدينة أصفهان كانت ناجمة عن تصدّي الدفاع الجويّ لجسم مشبوه”، مشيرًا إلى أنّه ” لم تُسجَّل أيّ خسائر في المدينة”.

*تحليل مغاير لـ أ ف ب..

في تحليل عاجل، لوكالة “أ ف ب”، قالت إن الرد الإسرائيلي، في إشارات، يشير، من خلالها(..) الهجوم “المدروس” المنسوب إلى إسرائيل ضدّ إيران وردّ فعل طهران المعتدل عليه، إلى أنّ الطرفين يمكن أن ينخرطوا في وقفٍ للتصعيد حتى لو بقي الوضع متفجّرًا، بناء على ما يذهب إليه عدد من المحللين، برغم خشية المجتمع الدولي أن تتحوّل عقود من العداء بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية إلى حرب شاملة، في وقت يواصل الجيش الإسرائيلي حربه في غزة في أعقاب الهجوم الذي نفّذته حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على  إسرائيل،.. وتعمدت الوكالة الإعلامية المعروفة، إلى مصادر لوسائل إعلام أمريكية، التي نسبت عن مسئولين أمريكيين قولهم إنّ الانفجارات التي وقعت الجمعة قرب قاعدة عسكرية في قهجاورستان الواقعة بين أصفهان ومطارها في وسط البلاد، مرتبطة بهجوم إسرائيلي ضدّ إيران ردًا على الهجوم الإيراني على الأراضي الإسرائيلية خلال نهاية الأسبوع.

وتأتي هذه التطورات الجديدة بعدما هدّدت إسرائيل بالرد على هذا الهجوم وعلى الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة حليفتها الرئيسية.

*ماذا يقول مايكل هوروويتز في تحليل المخاطر الجيوسياسية؟!

.. ما برز في تحليل وكالة الأنباء الفرنسية، نقلها  لرأي المحلّل في مؤسسة “لو بيك” للاستشارات للمخاطر الجيوسياسية” مايكل هوروويتز” من  إنّ  ما حصل:”هذا ردّ محسوب يهدف إلى إظهار قدرة إسرائيل على ضرب الأراضي الإيرانية من دون إثارة أيّ تصعيد”.

مايكل هورويتز، ذاته كان قال: “أن إسرائيل لن تكون قادرة على شن هجوم في رفح والرد على إيران في الوقت نفسه”، “سيكون هناك تسلسل قرار يجب اتخاذه”.

*كيف يمكنك، كسياسي، أو عسكري إثبات أن 1 + 1 = 0؟

من السهل جدًا إثبات هذا السؤال عن طريق خداع الرياضيات باستخدام بعض خصائص الأعداد المركبة.

يقف السياسي، والعسكري أمام لوح إلكتروني، يستعرض أيا منهما، التوترات في المنطقة، والإقليم وكل الشرق الأوسط، ليس شرطًا الهدوء الدبلوماسي، أو الأمني، في قدرتها على فك لغز المعادلة، يبدو فهم آلية النطاق المحدود نسبيًا للهجوم الإسرائيلي والرد الضعيف من جانب إيران يشيران على ما يبدو إلى تراجع خطر التصعيد الفوري، وهذا أمر فاشل في لعبة فكفكة أي معادلة عسكرية، وهنا يتبادر لأي سياسي، الركون إلى ملفات الصراع، ولا أحد يريد قول الحقيقة، وهي خارج نطاق ما يحدث.

الحل العملي، إدراك تحولات الجيوسياسية الأمنية في العالم، والابتعاد عن الخداع، لمنع الحالة “صفر الفناء”، لنقر بأن الولايات المتحدة الأمريكية، ودول وأوروبا الاستعمارية، تركن إلى إطالة أمد وانين الإنسانية جراء الحروب المفتوحة على الإبادة الجماعية والتهجير والجماعات، ليس العجز هو الوضع القائم، بل شهوة القتل وتغيير الخرائط وفتح المزيد من  مواقع الصراع دون طائل، والنموذج القائم بدأ من هوس إسرائيلي عدواني، استقطاب التطرف والمجازر وصعق العالم.

.. في وسط ذلك تدفع غزة استمرار الحرب الإسرائيلية النازية على سكانها الذي باتوا في المحرقة، فمن يحاول الآن إيقاف الحرب، لعل المعادلة تجد من يحلها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى