النسخة التالية من نزاعات “ترامب” العالمية” حرب العملات”!
النشرة الدولية –
خرج الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بتصريحاته المثيرة للجدل، فبعد تصعيد لهجته ضد الصين وشن حرب تجارية وفرض رسوم جمركية ضدها، أطلق عبارات ضد البنك المركزي الأوروبي واتهمه بالتسبب بسياساته في خفض قيمة اليورو، الأمر الذي ربما يسفر عن حرب عملات، وفقا لتقرير نشرته “التليجراف”.
وحذر مراقبون أوروبا بأن أي استغلال للسياسة النقدية للعمل على خفض قيمة اليورو، ربما يقابل برد عنيف من إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، فهل استعدت دول التكتل الموحد لذلك؟
بالطبع، أي مزيد من الخفض في أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي إلى -0.5% أو أكثر، سيفهم من جانب إدارة “ترامب” على أنه تلاعب في سعر صرف العملة.
أيضاً، أي محاولة لإطلاق برنامج برنامج تيسير كمي جديد سيعتبر بمثابة سياسة مقنعة لخفض سعر صرف اليورو حيث إن الأموال وقتها سوف تتجه نحو أوراق مالية عالمية الأمر الذي يضغط على العملة الأوروبية.
قال بنك التسويات الدولية إن 300 مليار يورو (حوالي 340 مليار دولار) من أموال التيسير الكمي الأوروبي وصلت لندن وحدها بين عامي 2014 و2017، ولو أقدم البنك المركزي الأوروبي على وقف ارتفاع العملة (على غرار ما فعله البنك الوطني السويسري)، فسوف تواجه أوروبا انتقاما فورياً.
يمتلك البنك الوطني السويسري حيازة أجنبية بقيمة 760 مليار دولار – نحو 120% من الناتج المحلي الإجمالي – كما يمتلك حصصا في “آبل” و”مايكروسوفت” و”أمازون دوت كوم” و”فيسبوك” و”إكسون موبيل”.
قال “ترامب” إن البنك المركزي الأوروبي يضعف قيمة العملة الموحدة للحصول على ميزات تنافسية على حساب الدولار الأمريكي، وتسلط هذه التصريحات الضوء على مدى القلق مما أعلنه رئيس البنك “ماريو دراجي” بعمل كل ما يلزم لمواجهة تباطؤ نمو الاقتصاد.
أشار محللون إلى أن قيمة الدولار مرتفعة، فقد ارتفع مؤشر العملة الأمريكية إلى أعلى مستوى في 17 عاما أوائل يونيو.
ربما تسببت سياسات “ترامب” المتعلقة بالخفض الضريبي في دفع عجز الموازنة إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي بالتزامن مع رفع الفائدة العام الماضي، وعلى أثر هذا المزيج، ارتفع الدولار، ولن يعترف البيت الأبيض بذلك، بل إنه سيلقي باللوم على جهات أخرى.
أما عن منطقة اليورو، فقد استفادت بتحقيق فائض في الحساب الجاري في الوقت الذي تعرضت فيه لضغوط أمريكية وحرب تجارية بفرض رسوم جمركية ضد صادراتها للولايات المتحدة.
بالعودة إلى “ترامب”، فإن تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن أوروبا انصبت مؤخراً على سعر صرف العملة – رغم تهديدات تجارية سابقة – ولم يقتصر الأمر على البيت الأبيض، بل إن الحزب الديمقراطي المناهض بدأ يخرج بمرشحيه للانتخابات الرئاسية بأفكار مشابهة، وظهر ذلك في تصريحات المرشحة “إليزابيث وارن” بإطلاق ما يسمى بـ”الوطنية الاقتصادية” وإدارة نشطة للعملة.
يرى معهد السياسات الاقتصادية في واشنطن أن برامج شراء السندات في أي دولة تعد بمثابة تلاعب في سعر الصرف، وتعد وزارة الخزانة الأمريكية سياسة تتعلق بسعر الصرف ويمكن أن تطالب الفيدرالي بدعمها.
يشبه ذلك سياسة الرئيس “رونالد ريجان” أثناء الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو والتي اعتمدت على دعم مناهضي الاتحاد السوفيتي لاستنزافه عسكريا واقتصاديا.
يحاول رئيس المركزي الأوروبي “دراجي” وقف منطقة اليورو من الوقوع تحت براثن الركود في ظل تراجع توقعات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع الديون الإيطالية.
في ضوء هذه الضغوط على كاهل اقتصاد منطقة اليورو، كرر “دراجي” تصريحه الشهير بأن البنك المركزي سيستخدم كافة الأدوات في جعبته لإنعاش الاقتصاد، ولكن هذه المرة، واجه هذا التعهد انتقادات لاذعة من “ترامب”.
انخفضت قيمة اليورو بنسبة 14% سنويا منذ أن ألمح “دراجي” لأول مرة عام 2014 إلى مشتريات السندات التي تعد بمثابة أداة تحفيز نقدي قوية، وكما اكتشفت اليابان، من الصعب في ظل اقتصاد يعاني من تراجع التضخم دون المستهدف وفائض تجاري هيكلي أن يمنع عملته من الارتفاع والتلاعب في سعر صرفها، وهذا ما لن يسمح “ترامب” بحدوثه.
تظن الأسواق أن تكرار “دراجي” تصريحاته بشأن فعل كل يلزم لوقف تباطؤ نمو الاقتصاد يعد بمثابة إشارة على عدم فاعلية سياسات البنك المركزي الأوروبي ولا يمكنه إنقاذ الاقتصاد بمفرده، وبالتالي، ما بالنا بضغوط “ترامب” بعدم التلاعب في سعر الصرف؟