بين الوفرة والعبدلي خريطة طريق جديدة للزراعة
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

الخبير الزراعي محمد الفريح فتح ملف الزراعة والأمن الغذائي في الكويت ولم يغلقه، فقد أهدى إلينا كتابه القديم الجديد بعنوان «الزراعة في الكويت رؤية جديدة» وأفرغ فيه مخزون معرفته العلمية وتجاربه الميدانية في هذا الحقل منذ سنوات طويلة.

أول سؤال يتبادر إلى الذهن: ماذا يشكل قطاع الزراعة في الاكتفاء الذاتي بالأمن الغذائي؟

استطلعت الأمر مع خبراء لهم باع طويل في هذا المجال ومنهم الأخ حسين أحمد قبازرد من قدماء أهل الزراعة والزميل عدنان مكاوي المختص بالصحافة الزراعية، والزميل أيضا صاحب الكتاب «أبو بدر» الفريح، فبدا أن هناك ثلاثة أجنحة للقطاع الزراعي بمفهومه الشامل وبحسب حجم إنتاجه نسبة إلى مساهمته بالاكتفاء الذاتي يأتي إنتاج الدواجن والبيض بالمرتبة الأولى، بالنسبة إلى الدواجن، فالكويت تنتج نحو 30% من الدجاج وتستورد 70% أما بالنسبة إلى البيض فلديها اكتفاء ذاتي يصل إلى 950 مليون بيضة سنوياً.

المحور الثاني يتصل بالخضراوات والفواكه، وهذا المحصول يبقى أقل من الاحتياجات الكلية للسكان، فما زالت الكويت تستورد كميات كبيرة من الدول المجاورة والعربية والعالمية وما يعرض في الأسواق والسوبر ماركات دليل على ذلك.

أما المحور الثالث فيتمثل بقطاع الثروة الحيوانية، وهو الأدنى من حيث الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، وبنسبة عالية قد تصل إلى 80% وأكثر من الاحتياجات التي تأتي من الأسواق العالمية.

وبعيداً عن فكرة التسويق والترويج فقد أضاف الأخ محمد الفريح مرجعاً ذا أهمية نظراً إلى تخصصه في الصناعات الغذائية، وكتابه «رؤية جديدة» عبارة عن مذكرات قام بكتابتها وتسجيلها كي تعم الفائدة على وطنه وإخوته المزارعين، حيث يدرك «أبوبدر» تحديات المناخ في الكويت للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بالأمن الغذائي، لذلك حرص على «إبراء ذمته» بعمل جردة حساب ومن المواقع التي شغلها، سواء في هيئة الزراعة أو في القطاع الخاص، للمراسلات والمطالبات والنصائح التي وجهها وقدمها للمسؤولين، والأهم من ذلك وضعها ضمن جدول وأتبعها بعبارة «لم يتم الرد» على الموضوع الذي اقترحه.

ومن أصل (36) مطالبة واقتراح كانت نسبة عدم الرد والحفظ نحو 90% وهو ما يعطي الانطباع بأن المعنيين كانوا سلبيين تجاه ما اجتهد في عرضه والتوصية به، وبهذا يقول «إدارة الهيئة لم تطلع على هذه المذكرات ولم تناقشها ولم يسأل عنها أصلاً؟». واضح أن لدى «بوبدر» الرغبة والحافز الوطني بتطوير الزراعة في الكويت واستخدام أعلى المواصفات العالمية للنهوض بها.

الاقتصادي والكاتب مروان أحمد سلامة وصفه بالرجل العصامي والمثابر الذي مارس العمل في مجال الزراعة والثروة الحيوانية والغذائية كموظف ومدير وصاحب عمل ومستشار، فالكتاب أشبه بـ«خريطة طريق» للمهتمين بالزراعة وحصيلة تجارب امتدت إلى أكثر من خمسين سنة.

اكتسب مهارات وخبرات جعلت البعض يشير إلى أنه «إذا أردت معرفة الجديد في عالم صناعة الدواجن وإنتاج البيض، فما عليك إلا التوجه إلى خبير هذه الصناعة الحيوية في المنطقة العربية بوجه عام والكويت بوجه خاص المهندس الزراعي محمد إبراهيم الفريح الذي عرك هذه الصناعة منذ عام 1971».

عن سلامة الأغذية وضرورة فك التشابك بين الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة يوصي ويقترح بعمل دراسة شاملة بالتعاون مع دول متقدمة في هذا القطاع لإنشاء هيئة سلامة الأغذية، بحيث يكون لديها مختبر مركزي جديد يتبع هيئة الزراعة والثروة السمكية.

يذكر في أحد فصول الكتاب لمحات عن تاريخ الزراعة في الكويت وظهورها في مرحلة ما قبل النفط، فقد كانت مقتصرة على مناطق الجهراء والفنطاس والفحيحيل والفنيطيس، ثم جاءت فترة الخمسينيات لتتولى الحكومة هذا القطاع وتتجه الأنظار في الستينيات لإقامة المزارع في العبدلي والوفرة، ويقدم للقارئ «وجبات غذائية وزراعية» من واقع الخبرة والتجربة والمعرفة العلمية التي زادته قيمة وفائدة.

زر الذهاب إلى الأعلى