سوريا الانتقالية إلى أين: مجازر الساحل السورى جرس إنذار!
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية
الدستور المصرية –
إذا أردت أن تترك الأنباء عن تظاهرات فى مدينة «القامشلى» شمال شرق سوريا، وهى مظاهرات حاشدة، تحمل السلاح الأبيض، رفضًا للمجازر التى ارتكبها مسلحون تابعون للنظام الجديد، الحكومة السورية الانتقالية، التى رأسها أحمد الشرع/ أبومحمد الجولانى، ما يحدث، أن التظاهرات تعلق على سخونة الحدث، وهو فعل دموى ضد أهالى الساحل السورى.
وفى محاور البحث عن الأسباب، الخفايا والأسرار، وردنى خبر أكثر أهمية، يكشف عن تصريحات من مكتب السفاح نتنياهو، تؤكد عقد «ظهر اليوم» اجتماعًا رباعيًا فى الناقورة داخل الحدود اللبنانية بمشاركة ممثلين عن الجيش الإسرائيلى والولايات المتحدة وفرنسا ولبنان، تم الاتفاق فى اجتماع الناقورة على إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة تهدف إلى تحقيق الاستقرار فى المنطقة، المخفى، حسب المصدر إن أكبر المجموعات التى تم الاتفاق عليها يخص سوريا وتحديد مستقبل التواجد الإسرائيلى بين لبنان وسوريا، وفق إصرار دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية على احتلال هضبة الجولان مجددًا، وأيضًا مناطق جبل الشيخ وصولًا إلى ممرات عكار، والاجتماع الرباعى ناقش مطولًا أحداث الساحل السورى، وكيف دخلت لبنان مجموعات كبيرة من اللاجئين الذين فروا من مجازر الساحل السورى.
803 قتلوا بدم بارد فى الساحل وحماة
فى حقائق تتباين فى نسبة مصادر، منذ الـ٤٨ ساعة الأخيرة، وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، المرصد السورى لحقوق الإنسان مقتل 803 أشخاص، بينهم 172 عنصرًا من الأمن العام السورى، نتيجة الانتهاكات والمجازر بدم بارد فى الساحل السورى ومحافظة حماة، خلال الفترة بين 6 و10 آذار/ مارس.
المصادر تؤكد لافتة أن القوى المنضوية شكليًا تحت مظلة وزارة الدفاع وأمن الحكومة الانتقالية فى سوريا، بينها تنظيمات إسلامية أجنبية «..»، ارتكبت انتهاكات جسيمة واسعة النطاق، بطابع انتقامى طائفى.
قتل خارج نطاق القانون، مشددة على أن الانتهاكات تركّزت فى طرطوس واللاذقية، إذ شهدت تدهورًا أمنيًا غير مسبوق، وصفتها بـ«أسوأ موجات العنف التى شهدتها البلاد منذ سقوط نظام المخلوع بشار الأسد».
وأوضحت التقارير أن المجموعات المسلحة المرتبطة بنظام الأسد، نفّذت هجمات منسّقة استهدفت مواقع أمنية وعسكرية تابعة لوزارتى الدفاع والداخلية فى الحكومة الانتقالية، ما دفع القوات الحكومية الرسمية إلى شنّ عمليات أمنية موسعة لملاحقة المهاجمين.
عمليًا، أوردت المصادر أن العمليات الأمنية شاركت فيها فصائل عسكرية محلية، وتنظيمات إسلامية أجنبية منضوية شكليًا تحت مظلة وزارة الدفاع، ومجموعات محلية من المدنيين المسلحين الذين قدموا الدعم للقوات الحكومية دون أن تكون لهم تبعية رسمية لأى تشكيل عسكرى محدد.
وفى سياق متصل، حللت التقارير، رغم تفاوت نتائجها، العمليات الأمنية، التى وصفت بأنها: لم تقتصر على ملاحقة المتورطين مباشرة فى الهجمات، إذ سرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة ارتُكبت خلالها انتهاكات جسيمة واسعة النطاق، اتّسم معظمها بطابع انتقامى وطائفى، «وكان للفصائل المحلية والتنظيمات الإسلامية الأجنبية التابعة شكليًا لوزارة الدفاع الدور الأبرز فى ارتكابها»، لكنها أشارت إلى أن تعقيد المشهد الأمنى الحالى، «يجعل تحديد المسئوليات مهمة شاقة ومعقدة للغاية».
النتيجة، أن التسريبات من مراكز حقوق الإنسان التى تعمل من خارج سوريا ترى أن ما جرى: عمليات قتل خارج نطاق القانون، شملت إعدامات ميدانية وعمليات قتل جماعية ممنهجة بدوافع انتقامية وطائفية، إضافة إلى استهداف المدنيين، ضمنهم أفراد الطواقم الطبية والإعلامية بالإضافة إلى العاملين فى المجال الإنسانى. كما طالت الانتهاكات المرافق العامة وعشرات الممتلكات العامة والخاصة، متسببة فى موجات نزوح قسرى طالت مئات السكان، فضلًا عن اختفاء عشرات المدنيين وعناصر من قوى الأمن الداخلى.
فى بعض المؤشرات، وبعيدًا عن دقة الأرقام التى قالت إنه رصد مقتل ما لا يقل عن 803 أشخاص، بينهم 39 طفلًا و49 سيدة جراء أعمال العنف والقتال، ضمنهم 172 عنصرًا من قوات الأمن الداخلى ووزارة الدفاع، و211 مدنيًا، قُتلوا على يد المجموعات المسلحة المرتبطة بنظام الأسد.
وأوضح تقرير أن 420 شخصًا من المدنيين والمسلحين منزوعى السلاح، بينهم 39 طفلًا و49 سيدة و27 من الكوادر الطبية، قتلوا على يد القوى المسلحة المشاركة فى العمليات العسكرية والحملة الأمنية التى شنّتها وزارة الدفاع على المناطق التى تمركزت بها المجموعات الخارجة على القانون المرتبطة بنظام الأسد. بالإضافة إلى 49 قتيلًا، بينهم 15 طفلًا، و10 سيدات، وأحد الكوادر الطبية، فى حماة.
وأشار تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والمرصد السورى لحقوق الإنسان إلى أن الحصيلة لا تشمل القتلى من المسلحين خارج نطاق الدولة أثناء الاشتباكات، «لأن قتلهم لا يعتبر انتهاكًا للقانون».
ولفت إلى أن الأحداث شهدت تصاعدًا خطيرًا فى الخطاب والسلوكيات الطائفية، ما فاقم من آثار الانتهاكات على المدنيين، الذين تعرضوا لعمليات قتل جماعى وانتقامى، فضلًا عن الاستهداف الممنهج لممتلكاتهم، ما تسبب بموجات نزوح واسعة وأزمات إنسانية متفاقمة.
تركيا تعتقد أن اتفاق الشرع/ الجولانى وعبدى شاهين سيخدم السلام والاستقرار
سياسيًا وأمنيًا، قال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، إن التنفيذ الكامل للاتفاق الموقع بين الرئيس السورى أحمد الشرع وفرهاد عبدى شاهين قائد ما تعرف بقوات «قسد»، سيخدم الأمن والسلام والاستقرار فى سوريا، وأن الرابح من الاتفاق سيكون جميع السوريين.
وأوضح أن تركيا تعتبر كل جهد لتطهير سوريا من الإرهاب خطوة فى الاتجاه الصحيح.
أردوغان، يرى مسار الأمور فى سوريا الانتقالية: «نولى أهمية كبيرة لوحدة أراضى جارتنا سوريا والحفاظ على بنيتها الوحدوية وتعزيز وحدتها وتضامنها»؛ «بإمكاننا إفساد المؤامرات وضمان مستقبلنا بقدر ما نعلى من إخوتنا كعرب وأتراك وأكراد»، حسبما نقلت عنه وكالة الأناضول من أنقرة.
وزير الحرب الإسرائيلى يتجول فى جبل الشيخ
ما زالت الأزمة تراوح فى طورتها بين دول المنطقة، والمجتمع الدولى ودول جوار سوريا، وفى المؤشرات قيام وزير الدفاع الإسرائيلى المتطرف يسرائيل كاتس، الذى قام بجولة تحريضية فى جبل الشيخ والجولات المحتل، منها قال أمام المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس، الذى كان يناقش وضع سوريا وإحداث الساحل السورى، ونسب عنه القول بتعنت وعنجهية:
١- الجيش الإسرائيلى يستعد للبقاء فى سوريا لفترة غير محدودة.
٢- عندما يفتح الجولانى عينيه كل صباح سيرى الجيش الإسرائيلى يراقبه من جبل الشيخ وسيتذكر أننا هنا.
٣- سنحافظ على المنطقة الآمنة وعلى جبل الشيخ وسنضمن أن تكون المنطقة الآمنة بجنوب سوريا منزوعة السلاح.
٤- سندافع عن سلامة الدروز فى المنطقة.
٥- هاجمنا أمس 40 هدفًا عسكريًا فى جنوب سوريا لتطبيق السياسة التى أعلنا عنها لإحباط التهديدات ضد إسرائيل.
٦- سنوثق العلاقة مع سكان المنطقة وسنبدأ يوم 16 من الشهر الجارى بخطة عمل الدروز فى بلدات الجولان.
وفى البعد الجيوسياسى الأمنى للتحريض الإسرائيلى الصهيونى، أن دولة الاحتلال، تعيد التهديد بالحرب القادمة، وفق ألاعيب السفاح نتنياهو، وبالتالى خلط أوراق الجبهات الصراعات، مع بقاء الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، برغم أن المفاوضات بشأن إيقاف الحرب تجرى مع الدول الوسطاء فى الدوحة مع مؤشرات أيضًا متباينة.
الاتفاق مع الأكراد خطوة أولى
يعتقد المحلل السياسى، رئيس تحرير موقع المدن اللبنانى، منير الربيع أن سوريا «الانتقالية» قد تتجاوز الفتنة والتقسيم، وفق قرادة سياسية وأمنية، تتم بعد الاتفاق مع الأكراد كخطوة أولى.
كان متوقعًا أن يكون التفاعل الدولى مع الجرائم التى ارتكبت فى الساحل السورى سريعًا، حسب قول الربيع، وأن ذلك بخلاف ما كانت عليه الحال عندما أقدم نظام الأسد على ارتكاب المجازر بحق الشعب السورى.
ويرى أن هذا التفاعل الدولى له أسبابه الكثيرة، لا سيما أنه على الرغم من الاحتضان الدولى الكبير لسوريا ما بعد الأسد، إلا أن المواقف المرحبة والفرصة الممنوحة للإدارة الجديدة، لم تقترن بالأفعال وخصوصًا على صعيد رفع العقوبات.. يستعرض المحلل، رسائل كثيرة وصلت إلى الإدارة السورية الجديدة تفيد بأن هناك «فترة اختبار» لتعاطيها مع الداخل ومع الخارج، على أن تبقى سياسة «الخطوة مقابل خطوة» هى السائدة؛ وحدد الربيع رؤيته فى أزمة ومجازر الساحل السورى بالتركيز على:
أولًا:
تعددت المواقف الدولية التى صدرت تجاه ما يجرى فى سوريا، بين من سارع إلى إدانة المجازر التى ارتكبت، ومن عبّر عن رفضه أى محاولة إخلال بالوضع السورى، ومن حمّل مسئولية ما جرى لفلول الأسد، مع غمز من قناة دول إقليمية.
ثانيًا:
دخلت الإدارة السورية فى سباق مع الوقت ومع القوى الإقليمية والدولية فى محاولة للملمة التداعيات، وذلك من خلال الاتفاق مع الأكراد، بما يرسل إشارات طمأنة إلى الأمريكيين.
ثالثًا:
بعدما تحركت روسيا فى اتصالاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولى، لبحث تطورات الوضع السورى، بينما كانت فرنسا تسعى إلى عقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن. فى المداولات التى جرت بين الدول، كان هناك:
١- اقتراح روسى نوقش مع بعض الدول الغربية لاتخاذ موقف أو قرار عملانى، يصل إلى استخدام الجو السورى للتحرك والتدخل لمنع حصول مجازر بحق طائفة بعينها.
٢- كانت بعض المواقف الغربية تركز على ضرورة حماية الأقليات.
٣- حاولت موسكو التقارب والتقاطع مع واشنطن حول هذا الهدف، كما هناك تقاطع مع إسرائيل لتقويض نفوذ الشرع وسلطته.
رابعًا:
يأتى ذلك بعد تصريحات إسرائيلية كثيرة تشير إلى ضرورة أن تبقى سوريا خاضعة «للمدى الحيوى الإسرائيلى»، وأن تكون تل أبيب صاحبة اليد العليا، مع الإشارة إلى أن مشروعها يرتكز على الأقليات، أو تقسيم سوريا إلى أقاليم.
«سوريا» الانتقالية أمام مفترق طرق خطير
أما عن القول إن «سوريا» الانتقالية تقف أمام مفترق طرق خطير؛ ذلك لأن المعالجة السريعة أو استمرار التوترات واتساعها سيهدد بتقسيمها إلى مناطق نفوذ، وهذا يعود بالاستقرار إلى أيام الرئيس الأسد، قبل هروبه، وهو أمر، أو حال، وفق الربيع، يتعارض مع الهدف الاستراتيجى الذى أعلنه الرئيس السورى أحمد الشرع/ الجولانى، ومع مواقف كل الدول العربية، بالذات دول جوار سوريا وتركيا، التى شددت على التمسك بوحدة الأراضى السورية، خصوصًا أن هناك قناعة لدى جهات عديدة، بأن أى مشروع لتقسيم سوريا أو خلق اهتزاز أمنى دائم ومستمر فيها بما يكرس مناطق النفوذ الموزعة على أساس طائفى أو دينى أو مذهبى، فإنه سيكون نموذجًا يطال كل الدول المجاورة. وهو حتمًا سيكون مشروعًا يلبى الطموح والهدف الإاتراتيجى الإسرائيلى فى جعل دول المنطقة والكبيرة منها، خصوصًا معرضة لاهتزازات، أو مقسمة إلى أقاليم، ما يجعل إسرائيل تتجاوز «عقدة مساحتها» وتكرّس أكثر منطق «يمينية الدولة ويهوديتها من الناحية القومية».
وفى ظل أزمة الساحل السورى، تجد سوريا نفسها مهددة من الداخل والخروج. فجنوبًا هناك التهديد الإسرائيلى المستمر والاعتداءات المتواصلة وعملية القضم المستمرة، بالإضافة إلى المحاولات الإسرائيلية الساعية إلى الاستثمار بالصراعات الداخلية لاستمالة مجموعات مختلفة من الشعب السورى. هذا الأمر واجه الشرع/ الجولانى بالتقارب مع قوات سوريا الديمقراطية، والاتفاق الذى أُبرم، وسط الدلالات الجيوسياسية الأمنية، تتصل بالعمل على اتفاق مماثل مع السويداء.
وفى ذات السياق، تحتاج سوريا اليوم، إلى تجاوز عقبات أساسية، وربما مصيرية منها:
– القدرة على إجهاض محاولة «فلول الأسد» للسيطرة على الساحل السورى وبقية مناطق النزاع.
– فتح قنوات التنسيق مع قسد ومع الدروز، على أن يُستتبع ذلك بمسار سياسى كامل حول اكتمال عقد السلطات وتشكيل الجيش الوطنى وحلّ كل الفصائل.
– أى خطر يتهدد سوريا، سينعكس على جميع دول جوار سوريا، والمنطقة، تحديدًا الأردن ولبنان والعراق، وهى دول فى مواجهة تحديات من دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، ومن الحدود الشرقية والشمالية، بنتيجة ما يجرى فى سوريا وانعكاسه على البيئات اللبنانية، الأردنية العراقية المختلفة.
وضع إيران الراهن ودعم فلول الأسد فى سوريا
عديدة هى المعلومات التى ادعت أن إيران، بحالها الراهنة، أنها مهمة بالتدخل فى أحداث الساحل السورى، ما جعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تصف التهم بـ«السخيفة والمرفوضة»، مضيفة أنها تولى أهمية كبيرة للعلاقات مع تركيا، لكنها ترفض «التوجهات التى تهدف إلى الإسقاط فيما يتعلق بسوريا»، ويقول المحلل السياسى السورى محمد الشيخ، إن الأزمة تفترض طرح سؤال استراتيجى:
هل يسمح وضع إيران بدعم فلول الأسد فى الساحل؟
ويشير: فى وقت توجه اتهامات لطهران بدعم فلول نظام الأسد المخلوع فى الساحل السورى ضد الإدارة الجديدة، وسط توتر بالعلاقات بين أنقرة وطهران، تتعلق بسوريا.
إيران اعتبرت ما حدث فى الساحل السورى: «أحداثًا غير سارة» وقعت فى الساحل الغربى لسوريا، وهى «مأساوية للغاية»، إيران «تدين بشدة هذه الأفعال، ولا يوجد أى مبرر لأى عمل من أعمال العنف والقتل ضد المدنيين»، إنه «اختبار مهم وحقيقى للغاية للحكام السوريين للقيام بواجبهم وهو حماية أرواح وممتلكات كل السوريين».
وفيما يتعلق بالتوترات مع تركيا بسبب سوريا، قالت إيران، إنها تولى أهمية كبيرة للعلاقات بين البلدين: «نحن لا نقبل التوجهات التى تهدف إلى الإسقاط فيما يتعلق بسوريا. يجب على كل الدول التى لها تأثير ما فى التطورات فى سوريا أن تقوم بواجباتها».
من جانبه يقول المحلل السياسى، فراس علاوى، إن لا دولة تريد أن تكشف عن انخراطها بأحداث الساحل السورى، وإن التدخل بدعم الفلول لم يكن بحجم ما يشاع عنه، «مثل وجود غرف استخباراتية وما شابه ذلك». ويرجح أن إيران «لم تتدخل مباشرة بدعم فلول نظام الأسد، باستثناء بعد التنسيق عن طريق حزب الله».
ويرى علاوى فى تصريحات نشرت فى المدن اللبنانية، أن «النفى الإيرانى يعود إلى وضع إيران السيئ مقارنة بما كان حال طهران عليه فى السابق، إبان دعمها نظام الأسد»، مؤكدًا أنها «ليس بوارد أو لديها القدرة على دعم أى تمرد فى الوقت الحالى، لأنها تعرف بأنه التمرد لن يعيد إنتاج نظام الأسد».
ويضيف أن إيران «لا تريد أن يؤخذ عليها أنها تريد تأجيج الوضع فى المنطقة، عبر دعم التمرد ضد الإدارة السورية الجديدة، واتخاذه كذريعة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ضدها، وبالتالى سينقلب ضدها، لا سيما أنها تعرف أن دعم معركة التمرد، ستكون خاسرة».
وعليه، يرجح علاوى أن دعم فلول نظام الأسد ضد الإدارة السورية كان «روسيًا أكثر ما هو إيرانى»، و«لم يكن مباشرًا».
تقرير «Washington Post»: «فصل جديد فى سوريا»
مما أوردته الصحافة الأمريكية، ما ذكرته صحيفة «The Washington Post»، عن الوضع الخطير الذى يهدد سوريا الانتقالية، وهى رصدت أن الأحداث، بدأت- نؤشر إلى أن الأمور تنحرف عن مسارها فى سوريا، وما اندلع صراع دموى بين الموالين للنظام السابق وقوات الحكومة الإسلامية، حيث شرعت الأخيرة فى تنفيذ المذابح الطائفية بالمدنيين التى كان الكثيرون يخشونها عندما تسلمت قوات المتمردين.
الصحيفة تستعيد حراك الحكومة السورية الانتقالية
السلطة، كانت قبل ثلاثة أشهر. وفى الثامن من كانون الأول، انهار حكم بشار الأسد فجأة، وهرب الرئيس السورى السابق إلى موسكو. من جانبها، شكلت القوات الإسلامية التابعة لهيئة تحرير الشام حكومة مؤقتة مع رئيس بالوكالة، أحمد الشرع المعروف سابقًا باسمه الحربى، أبومحمد الجولانى»، الذى «بعد تسلمه السلطة، بدا وكأنه رجل أكثر اهتمامًا بإصلاح بلد محطم أكثر من سحق الأقليات. وقال لصحيفة الإيكونوميست فى أواخر كانون الثانى: «ستدور المرحلة المقبلة التى تمتد لخمس سنوات حول إعادة بناء الدولة على أسس جديدة وحديثة. وسوف نعمل على تعزيز العدالة والمشورة، وسوف نقوم على مشاركة كل شرائح المجتمع فى إدارة البلاد».
لكن فى أواخر الأسبوع الماضى انهار الاستقرار النسبى المتوتر الذى شهدته سوريا بعد سقوط الأسد. ففى منطقة اللاذقية الساحلية، معقل الطائفة العلوية، اشتبكت قوات الأمن التابعة للحكومة الإسلامية مع مقاتلين موالين للأسد، وامتد القتال إلى محافظتى حمص وطرطوس المجاورتين.
وفى نهاية الأسبوع، أصدر البطريرك إغناطيوس إفرام الثانى الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية وغيره من قادة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بيانًا مشتركًا دعوا فيه إلى «وقف فورى لهذه الأعمال المروعة، التى تتعارض بشكل صارخ مع كل القيم الإنسانية والأخلاقية»، وحثوا على «التوصل إلى حلول سلمية تحفظ كرامة الإنسان وتحافظ على الوحدة الوطنية».
منظمات حقوق الإنسان الدولية لا تستطيع إجراء تقدير دقيق
لواشنطن بوست أكدت «أن العنف يمثل انتكاسة مؤلمة لأمة دمرتها سنوات من الحرب الأهلية الوحشية، واستخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، والحصيلة المرتفعة للضحايا المدنيين لدرجة أن منظمات حقوق الإنسان الدولية لا تستطيع إجراء تقدير دقيق. وفى عام 2017، قصف نظام الأسد، بمساعدة روسيا، ضاحية جوبر فى دمشق وحولها إلى أنقاض. وبعد ما يقرب من عقد من الزمان، لم تتم إعادة بناء أى شىء».
وأضافت الصحيفة، «يريد السوريون بشدة رفع العقوبات الغربية المفروضة على بلادهم، وكان لديهم حجة معقولة مفادها أن العقوبات المفروضة لمعاقبة نظام الأسد لا ينبغى أن تنطبق على حكومة يديرها الرجال الذين أطاحوا به. إن الكثير من الناس فى سوريا يستحقون المزيد، ويستحقون فرصة لبناء مستقبل أفضل لأطفالهم. ولكن بالنظر إلى المذبحة التى اندلعت الآن فى سوريا، فمن الصعب أن نتصور أن الولايات المتحدة أو الحكومات الغربية الأخرى سترفع العقوبات فى أى وقت قريب. ونأمل ألا تكون سوريا قد أغلقت فصلًا مظلمًا من تاريخها لتبدأ فصلًا جديدًا».
حلول لا تؤدى إلى الإنقاذ
سوريا اليوم، حلم المستحيل السورى وفق الدولة الانتقالية، لا تزال تراهن على الوقت لاستمرار السلطة، وفق متغيرات وظروف تغشى المنطقة، وربما تحيل كل المجتمع الدولى إلى نفق صراعات لا نهاية لها، لهذا المؤشرات أن وضع سوريا بات مكشوفًا على احتمالات دوامة من الصراعات الداخلية، والخارجية، ذلك أن وضع سوريا، لن ولم يتغير ما دامت الدولة تنازع مع مكونات سوريا، وحاجة السوريين إلى السلام والأمن ونهاية صورتها مع المجتمع الدولى وتحديدًا مع دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى والولايات المتحدة التى ما زال سيف العقوبات مسلطًا على الحدث السورى سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، ذلك ما يضع الفوضى مكان أى استقرار أو تكوين الدولة الواحدة.. الآتى مختلف، وفيه المزيد من الصراعات الدموية.