البطاريق لا تطير* صلاح الساير
النشرة الدولية –
حسب تفسير علماء البيولوجيا والفسيولوجيا فإن «عدم الاستعمال» ربما يكون سببا لضمور الأعضاء وتلاشيها.
وخير مثال الزائدة الدودية في الجسم البشري التي كانت نوعا من الأمعاء أكبر حجما ومفيدا، وكانت قيد الاستعمال في جوف الإنسان القديم (العاشب) الذي كان يعيش في عصر الالتقاط يجمع الحشائش والأعشاب ويلتقط الثمار ليأكلها، فكانت عملية الهضم تحتاج لذلك العضو الذي بدأ بالضمور على نحو تدريجي بعد أن عرف الإنسان أنواعا أخرى من الأطعمة يمكن هضمها بسهولة دون الحاجة له فأصبح عاطلا عن العمل وزائدا عن الحاجة.
في كتابه «أصل الأنواع» تحدث العالم الإنجليزي «تشالز داروين» عن الأعضاء الضامرة أو المتلاشية أو الأثرية، وذكر أن (أعضاء الجسم التي توجد في هذه الحالة الغريبة تحمل طابع «عدم الاستعمال» الذي أدى في الأجيال المتعاقبة الى الاختزال التدريجي للأعضاء حتى صارت أثرية)، وذلك ما حدث لعيون الحيوانات الـــتي تقـــطن الكهوف المظلمة وبحيراتها، مثل الخفافيش والأســماك العمياء.
وكذلك في حالة أجنحة الطيور التي تقطن الجزر البعــيدة ولـــيس بمقدورها الطيران عبر البحار العظيمة فضمرت وتقلصت أجنحتها كما حدث لطائر البطـريق.
على هذا المنوال يبدو ان ثمة أعضاء أو حواس في الجسد البشري مرشحة للضمور والزوال بسبب عدم الاستعمال.
وأول هذه الأعضاء والحواس (الأذن البشرية) بعد ان أضحى الناس يهرعون إلى تصديق الإشاعات بما يعرف بركوب (الباصات) دون الحاجة الى سماع الأخبار الصحيحة من مصادرها، وبعضهم حتى وان (استمع) وأعاد الاستماع مرات، فإنه يستمر على موقفه وكأن العودة إلى الحق والنزول من الباص خطيئة كبرى.
وهكذا فإن أصحاب الأهواء والآراء المسبقة يلغون الحاجة للإصغاء وبالتالي يلغون الحاجة للأذن التي سيكون مصيرها الزوال مثلها مثل عيون الخفاش.
الأنباء الكويتية