الترقيات الأخيرة للبورصة الكويتية قد تخفف من تبعات ركود الأسواق العالمية

النشرة الدولية –

شهدت أسواق الأسهم العالمية أداء سلبيا خلال الفترة الحالية بسبب التباطؤ الذي يشهده اقتصاد الولايات المتحدة، فضلا عن انخفاض العائد على السندات الأميركية الطويلة الأمد التي انخفضت عوائدها ولأول مرة بالتاريخ إلى ما دون الـ 2% لتصل إلى 1.97%، الأمر الذي أثر سلبا على أسعار النفط التي شهدت خسائر حادة خلال اليومين الأخيرين، ما يعتبر مؤشرا لركود اقتصادي قادم.

وعلى وقع تلك المخاوف، التقت «الأنباء» باقتصاديين تحدثوا عن مدى تأثير الركود المحتمل على السوق الكويتي حيث رأوا أن البلاد بأمان كون أن الاقتصاد المحلي مرتبط بالانفاق الحكومي بشكل أكبر، فضلا عن ترقية البورصة الكويتية التي قد يكون لها تأثير إيجابي في التعويض عن تبعات ركود الأسواق العالمية.

في هذا الصدد، توقع المحلل والخبير الاقتصادي محمد رمضان أن يشهد الاقتصاد الأميركي حالة من الركود خلال الفترة القادمة بعد فترة طويلة من الصعود المستمر، وبالتالي متوقعا له أن يشهد انكماشا لربعين متتاليين لسبب يعود إلى طبيعة الدورة الاقتصادية من ارتفاع وهبوط، وبسبب الحرب التجارية الحالية بين الولايات المتحدة والصين.

وأضاف في تصريحه أن مديري المحافظ الأميركية بدأوا خلال الآونة الأخيرة بالتحول من الأسهم الأميركية إلى أسواق أخرى، في مؤشر على توقعاتهم بالركود المتوقع، وكما هو معروف فإن أي ركود في الاقتصاد الأميركي سيكون له تأثير على الاقتصاد العالمي، بسبب ارتباط الاقتصاد الأميركي بالعديد من الاقتصادات العالمية الاخرى.

وتوقع رمضان أن يلجأ المستثمر إلى السندات الحكومية أو السندات عالية الجودة في المرحلة الحالية، حتى وإن انخفضت عوائدها بهدف الحفاظ على رأسماله، بالإضافة إلى التحول إلى الاسهم الدفاعية التي لا تتأثر بالأزمات بشكل كبير، فعلى سبيل المثال تحول المستثمرون نحو أسهم «ماكدونالدز» خلال أزمة 2008، حيث حققت هذه النوعية من الاسهم ارتفاعا كبيرا بسبب تحول الجمهور نحو المطاعم الاقتصادية والرخيصة في ظل الازمة المالية آنذاك.

وفي الوقت نفسه استبعد رمضان تحول المستثمرين نحو الذهب، مشيرا إلى ان الذهب لا يعطي العائد الذي يطمح له المستثمر، بسبب ارتباط الذهب بالعملات أكثر من ارتباطه بالاقتصاد، مبينا أنه في حالات ركود الاسواق لا يعتبر الذهب ملاذا آمنا إلا في حالة واحدة ألا وهي هبوط العملات.

عن توقعاته للاقتصاد المحلي، أكد رمضان أن الاقتصاد المحلي مرتبط بالانفاق الحكومي بشكل أكبر، بمعنى أنه كلما زاد الانفاق الحكومي على المشاريع التنموية، زادت أرباح الشركات وانعكس ذلك على أسعار الاسهم.

ومضى يقول إن ما شهده سوق الكويت للاوراق المالية مؤخرا من ترقية لمؤشر «فوتسي» و«MCSI»، تبعها دخول سيولة أجنبية كبيرة، قد يكون له تأثير إيجابي في التعويض عن تبعات ركود الاسواق العالمية، وبالتالي فإن العوامل المؤثرة على السوق الكويتي ترتبط أكثر بإعلان الحكومة الكويتية عن خطط إنفاق رأسمالي أكبر خلال السنوات المقبلة، وبالتالي فإن السوق الكويتي قد يرتفع حتى في حال انخفاض أسعار النفط.

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لمركز كورم للدراسات الاستراتيجية طارق الرفاعي ان الأخبار السيئة من الولايات المتحدة أول أمس والتي تدور حول عائد سندات الخزانة الأميركية، وانعكاس هذا المنحنى بحيث أصبح العائد على السندات قصيرة المدى أعلى من العائد على السندات طويلة المدى يرجع إلى سبب القلق في أسواق المال.

وأضاف الرفاعي أن المستثمرين قلقون بشأن التوقعات المستقبلية ويبحثون عن الأمان وبذلك فالمؤشرات الأخيرة من انعكاس المنحنى لن تشجع المستثمر بشراء سندات طويلة الأجل وتحقيق عوائد أقل، وبشكل عام فإنهم يتوقعون حدوث ركود اقتصادي قريبا.

وأشار إلى أن هناك تخوفا من قبل المستثمرين بعد انخفاض العائد على سندات الخزانة لمدة 3 أشهر إلى أقل من 2%، مما يدل على مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة في المستقبل القريب، حيث اتضح من قبل شهر من تأثيرات البنك الفيدرالي على أن الدورة الاقتصادية الحالية شارفت على الانتهاء وهو ما ينذر بأزمة كبيرة شبيهة بالأزمة المالية العالمية في 2008.

من جهته، قال الرئيس التنفيذي الاسبق في شركة ايكاروس للصناعات النفطية والخبير الاقتصادي سهيل بو قريص ان الانخفاضات الحادة الحادثة حاليا في الاسواق المالية العالمية تعزى الى الازمة التجارية المشتعلة حاليا بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، مشيرا الى ان سياسة ترامب تعد احد الاسباب الاضافية التي يمكنها ان تتسبب في مغبة مالية جديدة غير محسوبة العواقب، لافتا الى ان المؤشرات الاقتصادية والمعطيات الحالية تتجه الى أزمة جديدة تشبه الأزمة المالية العالمية في 2008 التي أربكت الأسواق وخلفت وراءها آثارا كبيرة مازالت عالقة حتى الآن في جدار الأسواق.

وأضاف بوقريص ان الوضع حاليا ليس جيدا فقبل انقلاب منحنى عائد السندات الذي احدث هزة عصيبة في الاسواق العالمية اول امس أقدمت البنوك المركزية عالميا على تخفيض معدلات الفائدة، وانتهاج سياسات تيسير نقدي، لتحفيز التضخم والنشاط، مشيرا الى ان المؤشرات والأحداث القائمة حاليا والتي على رأسها احتدام الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتظاهرات في هونغ كونغ والأزمات السياسية في بعض دول العالم بدأت تثير القلق بين الأوساط الاستثمارية والمالية فأي أزمة من تلك الأزمات سالفة الذكر يمكنها ركل اقتصاد دولة برمته وتحويله الى اقتصاد هش وذلك بغض النظر عن ديمومة انقلاب منحنى عائد السندات الذي أثار حفيظة الأسواق العالمية.

وأوضح ان «الركود الاقتصادي هذه المرة قد يكون أكبر مما كان عليه في أي وقت سابق والتوقعات غير محددة حتى الآن».

وحول تأثر الأسواق الخليجية وأسواق المنطقة بشكل عام قال لا شك ان الأسواق العالمية والإقليمية مرتبطة ببعضها البعض ولا يمكن الفصل فيما بينهم، لاسيما ان هناك العديد من الشركات الخليجية المستثمرة في الأسواق العالمية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى