ماذا يعني إحتلال إسرائيل لغور الأردن وشمال البحر الميت؟
النشرة الدولية –
تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء ضم غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل في حال فوزه في الانتخابات المقبلة.
وجاء تعهد نتانياهو المثير للجدل قبل أسبوع من الانتخابات العامة في إسرائيل، فكيف يترجم تعهده على الأرض؟
أعلن نتانياهو في خطاب تلفزيوني مساء الثلاثاء أنه يتطلع إلى ضم غور الأردن بمجرد فوزه في الانتخابات.
وقال نتانياهو «هناك مكان واحد يمكننا فيه تطبيق السيادة الإسرائيلية بعد الانتخابات مباشرة»، مستعيناً بخارطة لغور الأردن لتوضيح خطته.
وتابع مخاطباً الإسرائيليين «إذا تلقيت تفويضاً منكم للقيام بذلك أعلن اليوم عزمي إقرار سيادة إسرائيل على غور الأردن وشمال البحر الميت».
يتوجه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع للمرة الثانية خلال خمسة أشهر بعد فشل رئيس الوزراء في تشكيل ائتلاف حكومي.
وتعهد نتانياهو قبل انتخابات أبريل بفرض السيادة الإسرائيلية أو ضم جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ولكن دون إعطاء إطار زمني.
لكن إعلان الثلاثاء كان أول خطوة محددة وواضحة لتنفيذ القرار الذي تعهد به.
تمثل منطقة غور الأردن حوالي ثلث الضفة الغربية، ويقع معظمها على طول الجانب الشرقي من الأراضي القريبة من الحدود الأردنية.
وتقع معظم أراضي غور الأردن في المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية المحتلة التي تسيطر إسرائيل على 60 في المئة منها فعلياً.
ويؤثر تعهد نتانياهو إذا ما أصبح واقعاً على 65 ألف فلسطيني يقطنون في غور الأردن، وفقاً للمنظمة الحقوقية الإسرائيلية «بتسيلم».
ووفقاً للإحصاءات الإسرائيلية، يعيش في غور الأردن 9000 مستوطن من أصل 400 ألف في مستوطنات الضفة الغربية التي بنيت على أراضي الفلسطينيين البالغ تعدادهم 2.7 مليون نسمة.
وتعتبر المنطقة مهمة من الناحية الاستراتيجية وتتخذ العديد من الشركات الإسرائيلية منها مقراً لها وخصوصاً الشركات الزراعية.
ويعتبر السياسيون اليمينيون في إسرائيل ومنذ فترة طويلة المنطقة استراتيجية لا يمكن التخلي عنها أبداً.
ويرى الفلسطينيون أن السيطرة الإسرائيلية على عمق الضفة الغربية تنهي فعلياً إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقال نتانياهو إن مدينة أريحا الفلسطينية التي تقع في غور الأردن غير مشمولة بتعهده.
أثار تعهد نتانياهو غضب الفلسطينيين الذين أعلنوا أن مثل هكذا خطوة ستدمر كل عملية السلام.
وقالت المسؤولة في منظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي لوكالة فرانس برس «إنه لا يدمر فقط حل الدولتين بل يدمر كل فرص السلام».
أما رد الفعل الأكثر أهمية بالنسبة لنتانياهو فيتمثل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعطى دعمه في الماضي دفعاً قوياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
وقال نتانياهو الثلاثاء إنه يعمل بدعم من الولايات المتحدة، لكنه لم يوضح ما إذا كان ترامب وافق على خطة الضم الجديدة.
ومن المقرر أن يعلن ترامب الذي لم يعلق بعد على تعهد نتانياهو، عن خطة السلام للصراع الإسرائيلي الفلسطيني التي أعدتها إدارته، بعد الانتخابات الإسرائيلية.
وحذر الاتحاد الأوروبي من أنه في حال تنفيذ نتانياهو تعهده، فإنه «يقوض قابلية قيام حل الدولتين وإمكانيات السلام الدائم».
يرى كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية عوفر زالزبرغ أن إعلان نتانياهو كان محاولة منه للحصول على مزيد من الدعم اليميني في انتخابات الأسبوع المقبل.
وأشارت استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة إلى أن نتانياهو قد يجد صعوبة وللمرة الثانية في تشكيل ائتلاف حكومي، حتى لو كان حزب الليكود هو الأكبر في البرلمان.
وعلق زالزبرغ بالقول إنه ليس من المؤكد أن نتانياهو سيفوز أو أن شركائه في الائتلاف سيدعمون مثل هذه الخطة.
ويقول زالزبرغ إنه إذا طبقت خطة نتانياهو بالفعل، ربما ستكون التداعيات الأكثر إيلاماً على للفلسطينيين رمزية أكثر منها عملية.
إذ تسيطر إسرائيل فعلياً على المنطقة، لكن ضم جزء كبير من الضفة الغربية رسمياً سيمثل إشارة واضحة إلى أن الدولة اليهودية لا تنوي التخلي عنها.
ويقول زالزبرغ «قد يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير للدعم الفلسطيني لحل الدولتين ويقود صانعي القرار الفلسطينيين إلى خطوات سلبية».
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان في وقت متأخر الثلاثاء إنه في حال تنفيذ نتانياهو لتهديده، لن تكون اتفاقات السلام المبرمة مع الدولة اليهودية سارية.
وقالت عشراوي إن التعهد ما هو إلا جزء من المحاولات الإسرائيلية الأوسع لإجبار الفلسطينيين ببطء على الخروج من الضفة الغربية.
وأضافت «نتانياهو يحاول الاستيلاء على الأرض دون الشعب ليقول له إنك حر في المغادرة».
أما المستوطنون الإسرائيليين الذين يعيشون أو يعملون في غور الأردن، فيعني الضم بالنسبة إليهم أن التطورات في المنطقة لن يقررها الجيش بعد الآن بل الوزارات الإسرائيلية، ما يجعل الحصول على تصاريح دخول أسهل.
ويقول زالزبرغ «الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للإسرائيليين هو رمزية التغيير الفعلي على الأرض حيث سيشعر المستوطنون أنهم خضعوا حقاً للسيادة الإسرائيلية».