خارج الصندوق* د. نرمين يوسف الحوطي

النشرة الدولية –

(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا – سورة الإسراء: 70).

كنت أقوم بهوايتي المفضلة «المشي» كالعادة في حديقة الشهيد والبعض يعلم أن حديقة الشهيد أصبحت مركزا مهما للرياضيين ليس فقط للمشي بل وغيره من الرياضات العديدة، وهذا ليس بموضوعنا.

عندما كنت أمشي لاحظت بعض الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 12 و15 عاما يشكلون دائرة وفي منتصفها أحدهم يقوم بالتمثيل كما لو أنه أعزكم الله «كلب»، وهذا ما شد انتباهي وجعلني أقترب منهم لأسمع ما هي مسرحيتهم وما هي حكايتهم وبالفعل عندما اقتربت وجدته يقوم بتمثيل شخصية ذلك الحيوان ويقوم الطلبة الآخرون بسؤاله عن إحساسه وشعوره وهنا استأذنتهم بالسؤال لأعرف ما أصل الحكاية التي تجعل فردا منهم يقوم بهذا الأداء المهين للبشرية، فقلت لهم: سلام عليكم.. عفوا ماذا تفعلون؟ فأجاب أحدهم: نجهز لدرس الغد. فقلت: درس؟! فأجاب آخر: نعم، درس من دروسنا التي نتلقاها في مدرستنا. فقلت: أحب التوضيح أكثر إذا كان ذلك ممكنا ولا يضيق من وقتكم؟ فقال من يقلد شخصية الكلب، أعزكم الله: نحن طلبة إحدى المدارس المتميزة ونأخذ بعض الدروس التي تجعلنا نفكر من خارج الصندوق لنحلق بخيالنا ونستنتج ونعيش خارج الصندوق ومن بعض تلك الأفكار طلب منا أن نعيش كحيوان. قلت: عفوا؟! فأكمل حديثه: نعم نتخيل أننا حيوان نقوم نحن باختياره، ومن ثم نعيش ونتصرف مثله بخيالنا ومن ثم نقوم بكتابة التعبير المطلوب منا.

فقلت: هل من الممكن أن تطلعوني على منهجكم؟ فأجاب أحدهم: هو ليس بمنهج بل ورقة تعطى لنا من قبل أستاذ المادة لنقوم بتجهيزها في الحصة القادمة ونحن هنا نساعد بعضنا في هذا الجو وذاك الفضاء المطلق لنتخيل ما يطلب منا. فقلت: هل من الممكن تطلعوني على الورقة الواجب؟ وإذا أحدهم يقوم بإعطائي الورقة وبالفعل عند قراءتها وجدت ما يلي:

٭ «إذا أردت أن تكون حيوانا؟ فأي حيوان تحب أن تكون؟ اكتب تعبيرا حول هذا».

٭ أكلت الزوجة حذاء زوجها؟ اكتب تعبير عن ذلك؟

أرجعت الورقة للطالب وقمت بسؤالهم عن مدرستهم وعرفت أنها تعد من المدارس المتميزة للطلبة المتميزين، وانتهى الحديث ولم أقم بالجدال والسؤال والمعرفة منهم عن شيء آخر! لأنهم مجرد طلبة يقومون بما طلب منهم، والسؤال هنا لمن بيدهم القرار ومن يقومون بوضع مناهج أبنائنا لتعليمهم على أسس دينية وتربوية وعلمية وعملية ليأخذوا بهم نحو مستقبل أفضل من أجل بناء الكويت.

هو ليس سؤالا، بل هو معلومة واضحة كوضوح الشمس في جميع الأديان والكتب السماوية ألا وهي «كرم الله عز وجل بني البشر عن سائر مخلوقاته» ألم يقرأها البعض ممن يضعون تلك الأسئلة ويقومون بتنظيم مناهج الطلبة أم أصبح تعليمنا وتربيتنا من خارج القانون الإلهي!

٭ مسك الختام: رفقا بأبنائنا الطلبة وانتقوا مناهجكم لأبنائنا واغرسوا القيم الإسلامية والهوية الوطنية وغيرها من مبادئ وتعاليم وقيم اصبح مجتمعنا يفتقرها والسبب أن التعليم والتربية أصبحا من خارج الصندوق!.

العرب الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى