الهتافات ”الخادشة“ في تظاهرات بيروت تصدم من لا يعرف طبيعة المجتمع اللبناني
النشرة الدولية –
لم يستطع النشطاء وحتى الكثير من السياسيين العرب أن يتفهموا معنى ودواعي هذا الكمّ الهائل من الهتافات ”الخادشة“ التي رُفعت في مظاهرات الأيام الثلاثة الماضية بمختلف المدن اللبنانية.
فشعارات الثورة والتغيير الجذري ومحاربة الفساد والشكوى من العوز، اختلطت في عديد الحالات بمطالبات الإطاحة برموز النظام، وهي مطالبات أخذت شكل شتائم بمفردات جنسية طالت السياسيين وأمهاتهم.
ولذلك امتلأت صفحات السوشيال ميديا على امتداد المنطقة بفيديوهات تصّنف طبيعياً أنها ”بذيئة“ لما تتضمنه من شتائم تستخدم المسميات والأوصاف الحميمة.
في واحدة من هذه الأشرطة يقف أحد الشباب وسط التظاهرة حاملاً ورقة تتضمن أسماء السياسيين اللبنانيين… كلما صاح باسم أحدهم ردّ عليه حشد المتظاهرين بشتيمة مقذعة من خلال أمه.
وفي شريط آخر تظهر سيدة بيروتية وقورة وتبدأ بانتقاد السياسيين وتجريحهم بالشتيمة الدارجة التي تشكل أمراً استثنائياً في الثقافة اللبنانية. المستمعون يطلبون منها أن تنطق بالشتيمة كاملة، فتضحك وتلبي طلبهم، ليتحول المشهد إلى وجع شعبي ممزوج بالشتيمة.
وكانت مشاهد وشعارات وهتافات مماثلة رُفعت في تظاهرات الاحتجاج على القمامة قبل عامين، وأيضا في الاعتصامات الاحتجاجية على ميزانية 2019
وكما صدمت بعض الهتافات اللبنانية مسامع الكثيرين في العالم العربي لأنهم لم يعيشوا لغة الثقافة الاجتماعية اليومية في لبنان والتي ترى في هذا النوع من الشتائم أمراً عادياً، كذلك صدموا بمشاهد المشاوي وحلقات الدبكة وبظهور بعض الفتيات في التظاهرات وهن يرتدين ملابسهن العادية التي تبدو في نظر عرب آخرين أنها ”مكشوفة أوفر“، وهو ما حصل مع الملياردير المصري نجيب ساويرس الذي عبر عن هذه الدهشة بنكتة استثارت ردوداً غاضبة من فنانات لبنانيات.
النكتة الذكية أو المكشوفة
استخدام التعابير المكشوفة في الشعارات السياسية وحتى في حديث السياسيين اللبنانيين بالجلسات نصف المغلقة، يقابله ولع بالنكتة السياسية ذات الإيحاءات الجارحة ، والتي تسميها الإعلامية والفنانة اللبنانية انطوانيت عقيقي بـ ”النكتة الذكية“ وتبررها بأن ”السياسيين اللبنانيين ما تركوا للمواطنين بديلاً عن النكتة الجنسية“.
مركز تشاتم هاوس الملكي البريطاني للدراسات الاستراتيجية ،كان تناول هذه الظاهرة اللبنانية العادية، غير المألوفة أو ربما غير المفهومة في العالم العربي، من زاوية أن ”موروث الثقافة الاجتماعية اللبنانية يقوم على القناعة والإيمان بأن السياسة صناعة قذرة، وأن السياسيين طبقة منفصلة وحدها موسومة بالقذارة“.
ولذلك فإن النكت المكشوفة على السياسيين، وتجريحهم بشتيمة أمهاتهم، أمر ليس استثنائياً في بيروت، وإن ظهر كذلك خارج لبنان.