أكل الشحم واللحم* د.جنان الحربي
النشرة الدولية –
من منا لا يعشق اللبن الدسم أبوزبدة أو مجبوس الدجاج ولحم العجل بالدهن العداني.
الدهون بشكل عام تعتبر من المركبات الأساسية في جسم الإنسان فهي تعمل على إمداده بالطاقة التي يحتاجها في روتينه اليومي. ومن هذه الدهون، الدهون المشبعة الضارة مثل دهون جلد الدجاج والزبدة.
تعد الدهون الضارة من أسوأ أعدائنا، حيث تزيد من خطورة الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية ومرض السكري وترفع كذلك من مستويات الكولسترول في الدم وقد تؤدي إلى التهابات المفاصل والعظام.
ومن انواع الدهون الأخرى، الدهون الصحية المفيدة غير المشبعة أو المتحولة، فهي غالبا ما تكون سائلة في درجة حرارة الغرفة وتتواجد بكثرة في النباتات. يحتاج جسم الإنسان إلى كميات معتدلة من هذه ولا يستطيع الاستغناء عنها لأنها تساعد على امتصاص بعض الفيتامينات والأحماض الأمينية الأساسية.
تعتبر الدهون غير المشبعة مصدرا جيدا للمواد المضادة للاكسدة كما انها تحافظ على ثبات درجات حرارة الجسم. من أمثلة الدهون المفيدة تلك الموجودة في المكسرات وسمك السلمون والسردين والأفوكادو وزيت الزيتون وزيت عباد الشمس والكانولا ولا ننسى محسنة مزاج النساء الشوكلاته الداكنة.
دائما ما أتساءل عن سبب ضرورة تناول المواد الدسمة لدى أغلب الناس على الرغم من معرفتهم بمدى خطورتها على حياتهم.
أصبحت الوجبة الدسمة المشحمة عادة غذائية متأصلة لدى أغلب الناس وشرب اللبن كامل الدسم من بعدها هو المتعة وبه تكون اللذة. فنرى الكثير من تدلت كروشهم وانتفخت بطونهم من كثرة أكل الشحم واللحم الأحمر.
لا تقتصر ظاهرة أكل الشحوم على الإنسان، فالكثير من الكائنات الحية تعيش وتكبر من نهب شحوم الغير مثل النمل السارق أو النمل اللص.
معروف عن النمل أنه يعيش في مستعمرات اجتماعية منظمة، حيث تعمل كل نملة عملها بإتقان لتحافظ على المصلحة العامة، ولكن لهذه القاعدة شواذ مثل النمل اللص الذي يختلف في أسلوب المعيشة عن البقية. يعيش هذا النوع من النمل في مستعمرات صغيرة جدا وتكون عادة من النوع المتنقل.
يسمى النمل اللص علميا «سولينوبيس موليستا» وهو معروف بين النمل بحبه للنهب والسرقة. فجرائم النمل اللص في التعدي على ممتلكات الغير معروفة في عالم النمل. يعشش هذا النمل بالقرب من مستعمرات النمل الأخرى متخفيا في النهار ويظهر ليلا ليسرق صغارهم وغذاءهم وعرق جبينهم الذي تعبوا ولهثوا في تجميعه طوال فترة الصيف الحارة استعدادا لفصل الشتاء. فالنملة عادة «تعد في الصيف طعامها وتجمع في الحصاد أكلها».
النمل اللص لئيم جدا لا تقتصر سرقاته على أمثاله من النمل بل يسرق مني ومنكم فتات الطعام وكل ما يحلو له بخفة.
يُعرف النمل اللص أيضا بـ «نمل الشحوم» كونه يتغذى على الشحم الدسم ويشتم رائحته من بعد عن طريق قرون استشعار ذات نظام حسي متطور. يعيش نمل الشحوم عادة عالة على النمل الآخر ويؤسس مستعمرات جديدة من وراء سرقة الآخرين على وجه الخفية.
السرقة لدى نمل الشحوم هي حكمة الله سبحانه وتعالى في خلقه وأمره (ولله في خلقه شؤون).
ولكن ما رأيكم عندما يصبح الإنسان عبدا لنفسه وشهواته فيتناول الوجبات الكاملة الدسم عمدا؟
د . الحربي أستاذ المساعد بقسم العلوم – التطبيقي وخبيرة علم الحشرات