شهادات الوزراء والمسؤولين المقربين من نتنياهو هي أدلة إدانته

النشرة الدولية – بعد تحقيقات استمرت أكثر من ثلاث سنوات وجه الادعاء الإسرائيلي الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني اتهاماً بتقاضي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة لبنيامين نتنياهو أبرز السياسيين الإسرائيليين من أبناء جيله.

تضمنت التحقيقات، الاطلاع على التسجيلات السرية وعلاقات نتنياهو بأباطرة الإعلام أصحاب النفوذ وبالإضافة إلى هدايا السيجار والشمبانيا المخالفة للقانون، فيما لم يكشف المحققون عن هوية من قدموا أول البلاغات عن فساد تصرفات السياسي المحافظ المخضرم الذي يطلق عليه أنصاره «الملك بيبي».

لكن المحققين بدأوا انطلاقاً من هذا الخيط وبانتظام ينتقون أعضاء في الدائرة المقربة من رئيس الوزراء الذين سبق أن اختارهم نتنياهو بنفسه ومسؤولين كباراً لكي يكونوا شهود إثبات عليه.

وتم الكشف عن الأدلة المتزايدة في سلسلة من التسريبات المثيرة التي أضعفت ما قال ممثلو الادعاء إنها خطة من نتنياهو للتحكم في صورته العامة من خلال تبادل المنافع مع المؤسسات الإخبارية من أجل تغطية إيجابية.

كان الرجل الذي قاد التحقيقات هو أفيخاي ماندلبليت المدعي العام الإسرائيلي الذي عينه نتنياهو في 2016، وسبق أن عمل أميناً لمجلس وزراء نتنياهو بدءاً من 2013.

وقال ماندلبليت لدى إعلان الاتهامات «حظيت بالعمل معه وشهدت مواهبه وقدراته المتعددة كرئيس للوزراء. وقد اتخذت القرار بتوجيه الاتهام له بقلب حزين».

وسبق أن نفى نتنياهو ارتكاب أي مخالفات منذ بداية التحقيقات وحافظ على نبرة التحدي في الكلمة المشحونة بالانفعالات التي وجهها للشعب بصفته رئيساً للوزراء مساء يوم توجيه الاتهامات له. ووصف نتنياهو القضايا بأنها «محاولة انقلاب» للإطاحة به بناء على «تلفيقات».

بدأت التحقيقات بورود بلاغات على استحياء للمحققين

قال مصدر بأحد أجهزة إنفاذ القانون على صلة مباشرة بالتحقيق لرويترز «فاحت رائحة عفونة. لكن لم يكن الشق الجنائي واضحاً فيها».

بدأ ماندلبليت تحقيقاً مبدئياً في يوليو/تموز 2016، عقب تعيين نتنياهو له. وسرعان ما ركز المحققون على تعاملات بين رئيس الوزراء والإسرائيلي أرنون ميلتشان المنتج السينمائي في هوليوود والملياردير الأسترالي جيمس باكر.

وستؤدي هذه التحقيقات في نهاية المطاف إلى القضية رقم 1000 المتهم فيها نتنياهو بالاحتيال وخيانة الأمانة وذلك لما تردد عن طلب هدايا وتسلمها من باكر وميلتشان كان من بينها إمدادات منتظمة من السيجار والشمبانيا.

وتقول عريضة الاتهام إن نتنياهو ساعد ميلتشان في الحصول على منافع مختلفة في أعماله. وقدم كل من ميلتشان وباكر شهادته في التحقيقات ولم توجه لهما أي اتهامات.

وخلال تحقيق منفصل مع أري هارو الرئيس السابق لديوان رئيس الوزراء وقع المحققون على كنز آخر تمثل في تسجيلات سرية على هاتف هارو المحمول.

ووثق المحققون سلسلة من الاجتماعات بين نتنياهو وأرنون موزيس صاحب صحيفة يديعوت أحرونوت أفضل صحف إسرائيل مبيعاً واللذين كان عداء كل منهما للآخر في ذلك الوقت من المعلومات العامة.

وقال المصدر واصفاً اللحظة التي سمع فيها المحققون للمرة الأولى التسجيلات «كانت مذهلة».

وفي لقاءات عقدت بين 2008 و2014 قيل إن الإثنين ناقشا صفقة كانت تقضي بأن يقدم موزيس تغطية إيجابية لنتنياهو وتغطية سلبية لخصومه السياسيين في حين يسعى نتنياهو لفرض قيود على صحيفة إسرائيل هيوم اليومية المملوكة لقطب صناعة القمار الأمريكي شيلدون أديلسون وهو من أنصار نتنياهو.

وتتضمن عريضة الاتهامات ضد نتنياهو 63 صفحة من اجتماع عقد في 2014

وتقتبس عريضة الاتهام التي جاءت في 63 صفحة من اجتماع عقد في ديسمبر/كانون الأول 2014، خلال الاستعداد لانتخابات 2015. ويقول ممثلو الادعاء إن الرجلين بحثا مشروع قانون كان من شأنه أن يحد من توزيع صحيفة إسرائيل هيوم.

وتقول العريضة إن موزيس قال لنتنياهو «نحن بحاجة للتأكد من أنك ستكون رئيساً للوزراء. وبافتراض أنه سيصدر قانون اتفقنا أنا وأنت عليه سأبذل أنا قصارى جهدي لكي تستمر أنت بقدر ما تريد».

ولم يكتب قط لمشروع القانون الذي ناقشه الرجلان أن يخرج للنور.

وقال المصدر لرويترز إن التسجيلات صدمت المحققين واستغرق استيعابها ست ساعات.

وقال المصدر «كانت مأساة كبرى. فمن الصعب تصديق إمكانية حدوث شيء من هذا القبيل».

وكانت هذه التسجيلات هي التي أطلقت التحقيق الذي أدى إلى القضية رقم 2000 المتهم فيها نتنياهو بالاحتيال وخيانة الأمانة والمتهم فيها موزيس بالرشوة.

وكان هارو قضى فترتين بصفته رئيس ديوان نتنياهو قبل أن يستقيل في 2015، وسط اتهامات بأنه حقق منافع على نحو خاطئ لصالح أعماله الشخصية أثناء شغل المنصب. وتحول هارو إلى شاهد ملك على نتنياهو في 2017، في إطار صفقة اعترف فيها هارو بالاحتيال وخيانة الأمانة.

ونفى محامو موزيس ارتكابه أي مخالفات في بيان مكتوب ووصفوا اتهامات الادعاء بالرشوة بأنها «تفسير خاطئ ومحرف» للتسجيلات.

هناك قضية اخرى يواجهها نتنياهو وهي القضية 4000

أما أخطر القضايا المرفوعة على نتنياهو فهي القضية 4000 ولم تبدأ برئيس الوزراء. ففي 2017 كانت هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية تحقق مع شاؤول إلوفيتش رئيس شركة بيزك إسرائيل تليكوم أكبر شركات الاتصالات في إسرائيل.

كانت الهيئة تتحرى ما إذا كان إلوفيتش قد تربح بشكل مخالف للقانون من صفقة ترجع لعام 2015، اشترت فيها بيزك بقية الأسهم التي لم تكن تمتلكها في شركة للبث التلفزيوني الفضائي.

ولم يكن نتنياهو، الذي كان حينها وزيراً للاتصالات، محط شبهات.

كان أحد الشخصيات الرئيسية في التحقيق شلومو فيلبر المدير العام لوزارة الاتصالات الذي اختاره نتنياهو لهذا المنصب الحكومي عقب توليه وزارة الاتصالات.

وقال المصدر إن التحقيق كشف عن قناة خلفية سرية بين بيزك وفيلبر الذي وافق في 2018 على تقديم أدلة تدين نتنياهو.

وعثر المحققون فيما بعد على أدلة تشير إلى تورط رئيس الوزراء في تحركات على مستوى الإجراءات التنظيمية يقول المحققون إنها حققت منافع قيمتها نحو 1.8 مليار شيكل (500 مليون دولار) لشركة بيزك. ونفت الشركة ارتكاب أي مخالفات.

كانت بيزك تسيطر على موقع إلكتروني إخباري له شعبية كبيرة يسمى والا. وتقول عريضة الاتهام إن نتنياهو قدم التسهيلات التنظيمية مقابل تغطية أفضل لأخباره هو وأسرته. وتصف العريضة عشاء استضاف فيه نتنياهو وزوجته سارة إلوفيتش وزوجته إيريس قبل أسابيع من انتخابات 2013.

وقالت عريضة الاتهام «اتفق المدعى عليهم على أن يكون بمقدور نتنياهو وزوجته تقديم مطالب للسيد والسيدة إلوفيتش فيما يتعلق بتغطيتهما الإعلامية».

وتتهم النيابة نتنياهو وزوجته بمحاولة الاحتيال

وتتهم العريضة نتنياهو وزوجته بأنهما قدما مئات المطالب خلال السنوات القليلة التالية إلى موقع والا لتغيير عناوين ورفع تقارير سلبية عنهما وزيادة التقارير الإيجابية.

واتهم المحققون إلوفيتش وزوجته بالرشوة وتعطيل سير العدالة. كما وجهت لشاؤول إلوفيتش تهمة غسل أموال. ونفى الزوجان ارتكاب أي مخالفات.

واستشهدت عريضة الاتهام بمثال صارخ على تأثير نتنياهو في الأخبار بمقابلة نادرة مع موقع والا قبل أيام من انتخابات 2015.

وقال الصحفي دوف جيلهار الذي أجرى المقابلة مع نتنياهو لهيئة البث التلفزيوني الإسرائيلية في مارس/آذار «كان نتنياهو غاضباً بشدة من الأسئلة». وأضاف أنه بعد انتهاء المقابلة «خلع نتنياهو الميكروفون وألقى به على الأرض. لم يقل شيئاً. نهض وسار إلى مكتبه وأغلق الباب بعنف».

وقال جيلهار لهيئة البث إنه توقع أن تذاع المقابلة الحصرية بسرعة لكن يومين مرا قبل أن تذاع نسخة معدلة منها بعد تحريرها دون مشاركة الصحفي نفسه.

وتقول عريضة الاتهام إن التعديلات أملاها نتنياهو ونير هيفيتز المستشار الإعلامي لأسرة رئيس الوزراء في ذلك الوقت المتحدث الرسمي السابق باسمه.

وانقلب هيفيتز إلى شاهد ملك في 2018. ووجهت لنتنياهو اتهامات بالرشوة في هذه القضية وكذلك الاحتيال وخيانة الأمانة.

وقال نتنياهو عن الشرطة والمحققين «لم يسعوا وراء الحقيقة بل كانوا يسعون ورائي».

ورفض المدعي العام ماندلبليت اتهامات نتنياهو. ووصفه مصدر مقرب منه بأنه مع المعجبين بشدة برئيس الوزراء.

وقال المصدر «لكن في النهاية لا مجال للعواطف. فإما أن تحكي الأدلة الحكاية أو لا تحكيها».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى