شبكات التواصل الاجتماعي تفشل في استئصال الحسابات المزيفة

فشلت مواقع التواصل الاجتماعي، بدءاً من “فيسبوك” ووصولا إلى “يوتيوب” في الحيلولة دون تمكّن المستخدمين من إنشاء حسابات مزيّفة وشراء متابعين زائفين عبر الإنترنت، والترويج لمحتوى رقمي مزيّف، هذا ما يؤكده تقرير جديد نشرته مجموعة معتمدّة من قبل منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

ووفقاً لباحثين اشتروا “أدوات” من أجل التلاعب والاحتيال في مواقع التواصل الاجتماعية، ورصدوا ردود الفعل لتلك المواقع على النشاط المخادع الذي أحدثوه، وفقاً للباحثين، فإن النتائج تعارضت بشكل صارخ مع البيانات الصادرة عن “فيسبوك” و”تويتر” و”غوغل”، تلك البيانات التي ما برح يدّعي مصدّروها بأن شركاتهم، ومنذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام 2016، فرضت قيوداً صارمة على مثل هذه الأنشطة.

مركز التميز الاستراتيجي للاتصالات التابع لـ”الناتو”

ولكن، وعلى الرغم من التطمينات التي تشيعها المواقع المذكورة، فقد تمكّن الباحثون في مركز التميز الاستراتيجي للاتصالات التابع لـ”الناتو” من شراء ما يقرب من 55 ألف تفاعل (مزيّف) غير مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة لمتابعين مزيفين، كما هو الحال مع التعليقات وعدد مشاهدات المحتوى عبر الإنترنت.

يقول معدّا التقرير؛ سيباستيان باي ورولف فريدهايم: إننا نجري عملية تقويمٍ لفيسبوك وأنستغرام وتويتر ويوتيوب، هذه المواقع التي لا زالت عاجزة عن مكافحة التلاعب على منصاتها.

ويضيف الباحثان أن “الضبط الذاتي لا يعمل (لدى تلك المواقع)، هذا فيما صناعة التلاعب والاحتيال تزدهر عاماً تلو آخر”، مستطردين بالقول: “لا نلحظ أي مؤشر على أن عمليات التلاعب والاحتيال في وسائط التواصل الاجتماعي قد باتت أكثر تكلفة أو أشد تعقيدا”، في إشارة إلى أن المواقع المذكورة لم تتخذ إجراءات كفيلة بوقف تلك العمليات أو محاصرتها على أقل تقدير.

جلبة وضوضاء في العالم الافتراضي

وفي حين أن نحو 10 بالمائة من الأنشطة المخادعة التي اشترتها المجموعة التابعة لـ”الناتو” كانت ترتبط بحملات سياسية عبر الإنترنت، إلا أن حصة الأسد من أدوات التلاعب والاحتيال عبر الشبكة العنكبوتية، بما في ذلك إنشاء وشراء حسابات مزيفة، كانت ترتبط بأغراض تجارية.

ومثل هذا الأمر يثير أسئلة قد تكون صعبة بالنسبة لمنصات التواصل الاجتماعي التي تعتمد أعمالها على تسويق الإعلانات عبر الشبكة العنكبوتية لتصل إلى المستخدمين الحقيقيين، وليس إلى حسابات مزيفة تم إنشاؤها من أجل إحداث جلبة وضوضاء في العالم الافتراضي.

المواقع المذكورة، دافعت عن موقفها، وأكحدت على أنها زادت من صعوبة شراء مثل هذه التفاعلات المزيفة عبر منصاتها، وأنها قد استثمرت، جماعياً، ملايين الدولارات في التكنولوجيا المتعلقة بأدوات تعديل المحتوى، من أجل إحباط عمليات الاحتيال والتلاعب.

العضو البارز في جماعات الضغط العالمية في “فيسبوك”، نيك كليغ، صرّح للصحفيين، في بروكسل، الاثنين الماضي قائلاً: “لقد زدنا على نحو كبير حجم عمليات الإزالة التي نقوم بها لشبكات التدخل الخارجي على منصاتنا”، مضيفاً: “في هذا العام وحده، قمنا بإنزال نحو 50 شبكة مما نسميه السلوك المنسق غير الموثوق”.

ومن أجل اختبار دفاعات شركات وسائل التواصل الاجتماعي، أنفق الباحثون في مركز التميز الاستراتيجي للاتصالات، بين شهري أيار/مايو وتموز/يوليو الماضيين، 300 يورو فقط للحصول على أدوات التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي في روسيا، وأتاحت لهم المبلغ المذكور شراء 3500 تعليق عبر الإنترنت، وأكثر من 25 ألف إعجاب من وسائل التواصل الاجتماعي، و20 ألف مشاهدة فيديو و5100 متابعة حسابات مزيّفة.

ولتجنب التدخل في الأحداث السياسية في العالم الحقيقي، حصر المحللون أنشطتهم غير الموثوقة في الترويج لمحتوى وسائط اجتماعية غير ضار مثل منشور على تويتر يقول “مرحباً”!.

وفي النهاية، تمكّن الباحثون من تحديد ما يقرب من 19 ألف حساب مزيّف على الإنترنت تم استخدامه للتعامل مع منصات التواصل الاجتماعي، بشكل أو بآخر، كما اكتشف التقرير تفاعلات وهمية ترتبط بما يقرب من 8 مائة صفحة من صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الحكومية والسياسية الرسمية، بما في ذلك صفحات رؤساء دول وعدد كبير من السياسيين الأمريكيين والأوروبيين.

الباحثون والمحللون، قاموا بإخطار شركات التواصل الاجتماعي عن عمليات التلاعب والاحتيال التي قاموا بها، وذلك بهدف قياس مدى استجابة تلك الشركات، لكن، وبعد شهر من شراء أدوات التلاعب والاحتيال، قال الباحثون المعتمدون من قبل “الناتو”: إن 80 بالمائة من روابطهم المزيّفة عبر الشبكة العنكبوتية لا تزال فعّالة، وبعد ثلاثة أسابيع من الإخطار، وُجد أن نحو 95 في المائة من الحسابات غير الموثوقة لا تزال نشطة على الشبكة العنكبوتية.

وخلص التقرير إلى أنه وعلى الرغم من قيام شركات التواصل الاجتماعي بإزالة عدد كبير من الحسابات المزيّفة، إلا أنها لم تتوصل إلى آلية تستطيع من خلالها التصدي لهذه الظاهرة، مع الإشارة إلى أن ثمة تباين في استجابات مواقع التواصل الاجتماعي بما يتعلق بمكافحة عمليات الاحتيال والتلاعب على مناصاتها، فلدى “تويتر” على سبيل المثال آليات قوية نسبيا لتحديد الحسابات المزيّفة وإزالتها، وذلك وفقاً لتقرير الصادر عن مركز المذكور والذي هو عبارة عن منظمة عسكرية تابعة لـ”ناتو” مقرها في العاصمة اللاتفية، ريغا، وتشتمل مهامها على تحديد التدخل الأجنبي المحتمل عبر الشبكة العنكبوتية،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى