تاريخ الطاقة المتجددة في مصر ومستقبل 2035

القاهرة – أحمد سبع الليل

يشهد العالم منذ بداية القرن الحادي والعشرين تفاقم أزمات الظواهر البيئية في كافة أنحاء العالم، لعل أبرزها زيادة التغيرات المناخية وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري  وفقدان التنوع البيولوجي وشحة بعض الموارد الطبيعية، الأمر الذي يهدد الحياة البيئية على كوكب الأرض وضياع حقوق الأجيال في التنمية المستدامة.

وتشير الدراسات والأبحاث العلمية في هذا الشأن أن الوقود الأحفوري على وجه الخصوص، ومصادر الطاقة التقليدية على وجه العموم هى المصدر الأساسي لكل هذه التغيرات وهي العامل الرئيسي في فقدان التنوع البيولوجي وتفاقم ظاهرة الأحتباس الحراري، بل وتوقع العلماء الأسوء من ذلك إذا لم يتم اتخاذ اجراءات منتظمة للانتقال الطاقى ودعم مصادر الطاقة المتجدةة كالرياح والشمس، والإستغناء التدريجي عن الفحم والبترول والوقود الأحفوري عامة.

وطالبت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى ضرورة إنهاء استخدام الوقود الأحفوري، كما طالبت بالعمل على أن يكون إنتاج معظم الكهرباء في العالم من مصادر منخفضة الكربون بحلول 2050، مؤكدة على ضرورة  التخطيط الجيد لإنهاء استخدام الوقود الأحفوري بشكل نهائي بحلول 2100.

والأمر في مصر ليس خطرا على نحو كبير، إذ تداركت الحكومات المصرية المتعافبة خلال فترة السبع سنوات الماضية ضرورة الإنتقال الطاقي نحو استخدام الطاقة المتجددة بديلا للوقود الأحفورى من جانبه أكد الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن رؤية مصر 2030 تهدف إلى بناء اقتصاد تنافسي ومتوازن ومتنوع في إطار التنمية المستدامة. وتلعب الطاقة المتجددة دوراً محورياً في ذلك، وهو دور تفصله استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى عام 2035 التي أطلقتها وزارة الكهرباء والطاقة المتجدة عام 2015.

وتابع “شاكر”، تسعى استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى عام 2035 إلى تنويع مصادر الطاقة وضمان أمن الطاقة واستمراره، كما تحدد الشروط الضرورية لدعم نمو مصادر الطاقة المتجددة بمشاركة جميع القطاعات، إذ تمتلك مصر العديد من موارد الطاقة غير المستغلة؛ مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتشير استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى عام 2035 أن الطاقة المتجددة ينبغي أن تسهم بنسبة %42 من إجمالي قدرة الطاقة بحلول عام 2035.

الفراعنة والطاقة المتجددة:

استخدم القدماء المصريين (الفراعنة) الرياح فى تسییر المراكب الشراعیة وكان ذلك في عام 3000 قبل المیلاد تقريباً، كما صنع القدماء المصريين أول صبغة صناعية فى العالم وتعرف باسم “الصبغة الزرقاء”،  و كانوا يستخدمونها فى تلوين صور الآلهة وأعضاء الأسرة المالكة لتبدو ساطعة وكأن الضوء ينبعث منها، حيث صنعوا هذه الصبغة الزرقاء من  سيليكات الكالسيوم وسيليكات النحاس وتعرف الآن باسم الصبغة المصرية الزرقاء ويمكن استعمالها فى توفير الطاقة و توليد الكهرباء، كما نشرت المجلة الأمريكية للفيزياء التطبيقية فى عددها الصادر في أكتوبر2018.

حيث أكد الباحثون فى معمل بيركيلى القومى الأمريكى للأبحاث العلمية أن هذه الصبغة الزرقاء ينبعث منها حوالى 100 % من الفوتونات أو الوحدات الضوئية التى تسقط عليها وتحقق ذلك بمعدل كفاءة طاقة حوالى 70 % حيث أن الفوتونات دون الحمراء لا تحمل نفس مقدار الطاقة التى تحملها فوتونات الضوء المرئى.

كما أكد زنكة سيمون نائب رئيس البعثة الألمانية بالقاهرة، أن المصريين القدماء يعتبرون من رواد استخدام الطاقة المتجددة حيث استخدموها فى تبريد وتدفئة المنازل من خلال تصميمات خاصة لاستقبال الطاقة الشمسية بطريقة معينة، مؤكدً أن هذا هو سبب إقامة معرض “تحول الطاقة فى ألمانيا” للمرة الأولى فى مصر فى المتحف المصرى خلال ابريل 2019.

محطة “بنبان” الشمسية فى مصر عاصمة العالم للطاقة الشمسية

تعمل وزارة الكهرباء و الطاقة المتجددة فى مصر خلال أيام قليلة على افتتاح، أكبر تجمع لمحطات الطاقة الشمسية بمنطقة بنبان بمحافظة أسوان ، بإجمالى عدد 32 محطة بقدرة 1465 ميجا وات بالكامل، من جانبه صرح المهندس جمال محمود نائب رئيس شركة نقل الكهرباء والمشرف على مشروع الطاقة الشمسية ببنبان بأن المشروع يضم 32 محطة شمسية بقدرة تصل إلى 1465 ميجاوات دخلت منها حتى الآن 17 محطة الخدمة بإجمالي 830 ميجاوات، فيما مستهدف دخول 15 محطة أخرى للتشغيل الفعلي خلال عام 2019، لافتاً إلى أنه جارى دعم محطة محولات بنبان 3 بتركيب 2 محول إضافي لتصل طاقتها إلى 1000 ميجا وات بدلاً من 500 ميجاوات، ليحصل المشروع على جائزة “أفضل مشروع على مستوى العالم” من البنك الدولى، بعد مساهمته فى توفير فرص عمل غير مباشرة لأكثر من ١٠ آلاف شخص، بحجم استثمارات ٢ مليار دولار.

أكبر محطات إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في مصر

واتجهت مصر للاستثمار  في طاقة الرياح؛ حتي باتت لها تجربة رائدة نالت إشادة من العالم أجمع؛ لما تمتاز به طاقة الرياح من انخفاض تكلفة الإنتاج وسلامتها البيئية وتخفيضها من انبعاث الكربون ودورها في مكافحة التغيير المناخي، حيث أطلقت مصر العام الماضي، إحدى أكبر المحطات لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في العالم في منطقة جبل الزيت على ساحل البحر الأحمر مقسمة على ثلاثة مشاريع متكاملة بكلفة تصل إلى 12 مليار جنيه (أكثر من 672 مليون دولار) ويبلغ إجمالي عدد توربينات الرياح في المشاريع الثلاثة الواقعة بمحاذاة الجانب الغربي للطريق الساحلي للغردقة 390 عنفة؛ يضم المشروع الأول 120 عنفة والثاني 110 والثالث 60 منها، ويُرجَّح أن تصل الطاقة الإنتاجية للمحطة الممتدة على مساحة 100 كيلومتر إلى 580 ميجاواط؛ بمعدل 240 ميجاواط من المشروع الأول و220 من الثاني و120 من الثالث.

تقول المهندسة زينب- كما ينادينها عمال المحطة-  أن مشروع الطاقة الشمسية بنبان، الأضخم في مصر على الإطلاق، في استخدام هذا العدد الكبير من ألواح الطاقة الشمسية، والذي سيساعد على انتاج ما يقرب من  1450 ميجا وات، واصفة انبهار أساتذتها بقسم الكهرباء بالكلية، والتي تحرص دائما على التواصل معهم حتى الآن، “كل الناس منبهرة بالمشروع، وحتى العمال اللي شغالين فيه منبهرين بتعبهم اللى بيشوفه بيكبر كل يوم”.

مضيفة: “يعتبر هذا مشروع بنبان من أفضل المشاريع التي قام البنك الدولي بتمويلها، والعالم كله في الخارج يري عظمة المشروع، نسمع عبارات المدح ولثناء على  المشروع والفكرة المصرية الخالص  عند قيام الشركات الأجنبية باستلام المراحل المنتهية ، وأن مشروع سيضع مصر في مكانة متقدمة في مجال الطاقة الشمسية”.

المهندسة إسراء يوسف، هندسة أسوان قسم كهرباء، خريجة 2017، انا سمعت عن المشروع وهو مجال جديد لمصر كلها، وقدمت في شركات كثيرة وكان الرفض دايما بسبب أني بنت، ولم أيأس لحد ام جت الفرصة في شهر يناير 2019، واشتغلت في شركتين قبل ذلك، والآن انا أعمل في شركة فرنسية وأيام قليلة ونقوم بتسليم المشروع الخاص بالشركة، والأمر في البداية يبان صعب ومستحيل لان ناس كثيرة أحبطتني وكانوا دايما بيقولوا طالشغل مش للبنات” ، و “احنا مش بنشغل بنات”، و “بنات ايه اللى تشتغل” خصوصا واان أحب العمل في المواقع وليس المكتب، ووصل بيا الحال أني اطلب من إحدي الشركات تدريب وليس تشغيل، والإصرار كان عنوان المرحلة وكان لابد من النجاح الحمد لله.

وتابعت إسراء”، أن البنت في الصعيد مش زاى بنت في أي مكان، لكن الأهل ساعدوني كثيرا ووالدتى وكيلة مدرسة ومدرسة، وأهلى بيقولوا لي دايما لو روحتي أي مكان هتثبتي نفسك، وانا مؤمنة جدا بكوني مهندسة تقدر تحل أي مشكلة في أي مكان، ووالدي كان بيحفزني جاد ويقولي أنتي في خطوة علي أول الطريق ولازم تكمليوالجميع بيقابل تحديات وصعاب ومن يتخطي تلك الصعاب هو من ينجح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button