ناشطين بيئيين ينددوا بالأغنياء في دافوس
النشرة الدولية –
دعا المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام، العديد من النشطاء الشباب الاجتماعيين والبيئيين من جميع أنحاء العالم إلى دافوس، كقوة موازية للقادة السياسيين الغربيين ورؤساء الشركات الذين يدعمون إنتاج الوقود الأحفوري مقابل التلوّث ومخاطره.
ونددت الناشطة غريتا تونبرغ الثلاثاء بالتقاعس الدولي في مكافحة التغيّر المناخي أمام كبار قادة قطاع المال والأعمال في العالم، فيما دانت منظمة غرينبيس المدافعة عن البيئة أيضا، قيام مصارف وشركات تأمين وصناديق تقاعد بتمويل الطاقات التي تساهم في ارتفاع حرارة الأرض.
وبدأت أعمال الدورة الخمسين لمنتدى الاقتصادي العالمي في المنتجع الواقع بجبال الألب السويسرية في مسعى إلى مواجهة تداعيات احترار الأرض على البيئة والاقتصاد.
وقال كبير خبراء الاقتصاد لدى “آي.إتش.إس ماركيت” كريس وليامسن، إن “التغيّر المناخي يعد موضوعا ساخنًا في دافوس”، مضيفا، أنه كان هناك “تبدّل في الجو العام” وكان هناك إدراك بأن التغيّر المناخي يشكّل خطرا على الاقتصاد.
وفي حفل ترحيب في دافوس، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن “البشرية انتزعت لمدة طويلة موارد من البيئة وأنتجت في المقابل النفايات والتلوّث”.
تضع مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب المناهضة للطاقة المتجددة وانسحابه من اتفاقية باريس للمناخ التي تم التفاوض عليها في عهد سلفه باراك أوباما ودعمه لقطاع الوقود الأحفوري في مواجهة مع غالبية الحضور في المنتدى.
وخلال كلمته في مستهل الدورة الـ50، روّج ترامب للوقود الأحفوري ورفع الضوابط التنظيمية والتحسّن الذي يشهده الاقتصاد الأميركي في رسالة تتعارض بشكل صارخ مع التحذيرات التي أطلقها المدافعون عن البيئة.
وقال ترامب، “علينا رفض نذيري الشؤم الأزليين وتنبؤاتهم بنهاية العالم”، بعد ساعات على مخاطبة الناشطة السويدية تونبرغ المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث أشارت إلى أن الحكومات لم تقُم بشيء لمواجهة التغيّر المناخي.
ووصف ترامب أمام جمهور كانت تونبرغ في صفوفه، المحذّرين من خروج الاحتباس الحراري عن السيطرة وغير ذلك من الكوارث البيئية بأنهم “ورثة عرّافي الأمس الحمقى”.
وصعد ترامب على المنبر في دافوس بعدما ألقى الرئيس السويسري خطابا دعا فيه العالم إلى الاهتمام بالأرض، متباهيا بالولايات المتحدة “كأول منتج للنفط والغاز الطبيعي”.
وانتقد زعيم حزب الخضر الألماني روبرت هابيك تصريحات الرئيس الأميركي، قائلا، إن خطاب ترامب ”كان كارثة بالنسبة للمؤتمر”، موضحا، “علينا أن نبدأ الحرب ضد دونالد ترامب لأنه يقف على الجانب الآخر”.
وقال ترامب “أنا مؤمن كبير جدا بالبيئة”، مضيفا “لكن علينا رفض أنبياء الشؤم الأزليين وتنبؤاتهم بنهاية العالم” دون أن يذكر كلمة التغيّر المناخي في حديثه.
وقال هابيك إن خطاب ترامب أوضح المشكلة “فبعض الساسة يسارعون في الاتجاه الذي وضع كوكبنا في الموقف الصعب الذي نحن فيه”.
وانتهت أحدث جولة من محادثات المناخ برعاية الأمم المتحدة بخيبة أمل، وتحسّر الناشطون على ضعف طموح بعض الحكومات، لكن ولأول مرة، توصل تقرير المخاطر السنوي، الذي أعدّه المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أنّ أهم خمس قضايا تتصدر قائمة الاهتمامات تتعلق جميعها بالبيئة، من تقلبات الطقس الحادة إلى فقدان التنوّع البيولوجي والحوادث مثل تسرّب النفط والتلوّث الإشعاعي.
جاء ذلك في الوقت الذي أشار فيه فريق يضمّ أكثر من 750 من الخبراء وصنّاع القرار الذين شملهم التقرير إلى أنّ الحروب التجارية وصعود التيارات القومية في أنحاء العالم، يزيد الصعاب أمام البلدان للعمل معا على إيجاد حلول.
وأكد علماء أميركيون هذا الأسبوع، أن العقد الثاني من القرن الـ21 أكثر عقود الكوكب حرارة، وأن عام 2019 ثاني أكثر الأعوام المسجلة حرارة، وهو ما تجلّى في ذوبان ثلوج غرينلاند، وموجات الحر في شمال أوروبا، والعواصف والفيضانات التي ضربت عدة جزر وسواحل، وحرائق الغابات في مناطق منكوبة بالجفاف في أنحاء من العالم.
وقال رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغيه برنده، “المشهد السياسي يعاني من الاستقطاب، في وقت يرتفع فيه منسوب مياه البحر، وتشتعل حرائق بسبب المناخ. هذا العام، ينبغي على قادة العالم العمل مع جميع قطاعات المجتمع لإصلاح وتنشيط أنظمة التعاون بينهم، ليس من أجل منافع قصيرة الأجل فحسب، وإنما لتناول المخاطر العميقة التي نواجهها”.
قالت إميلي فارنورث، مديرة مبادرات تغيّر المناخ في المنتدى، إن “القدرة الواضحة على رؤية الأحداث المرتبطة بالتقلّبات الحادّة في الطقس، وحرائق الغابات والفيضانات تؤدّي إلى زيادة الوعي”، مضيفة، “ما نراه الآن هو حقيقة ما يعنيه الأمر”.
المخاطر البيئية التي نبهت لها فارنوث، وينبه عليها الخبراء وناشطو البيئة تزداد سوء بفعل مواصلة الشركات والدول على إنتاج الوقود الأحفوري.
ودانت منظمة غرينبيس المدافعة عن البيئة الثلاثاء، إنتاج الوقود الأحفوري ومصارف وشركات تأمين وصناديق تقاعد تساهم في تمويله وهو ما يساهم في ارتفاع حرارة الأرض.
وقالت المنظمة، إن المنتدى الاقتصادي العالمي، يسعى إلى تغيير صورته “كناد للأغنياء”، بدعوته لناشطين عن البيئة، لكنّ عددا من شركات القطاع المالي التي تحضر بانتظام إلى دافوس تستثمر بلا هوادة في صناعات استخراج الطاقات الأحفورية مع أنها المسبب الرئيسي للاحترار في الأرض.
وفي تقرير بعنوان “إنه القطاع المالي الغبي”، أشارت غرينبيس إلى استثمارات هذه الشركات منذ توقيع اتفاق باريس الذي يهدف إلى الحد من ارتفاع حرارة الأرض، في ديسمبر 2015.
وأوضحت المنظمة غير الحكومية، أن عشرة مصارف تحضر دائما لقاءات دافوس، موّلت وحدها بين 2015 و2018 قطاع الطاقات الأحفورية بما يصل إلى ألف مليار دولار.
وتشمل هذه المصارف حسب المنظمة غير الحكومية “جي.بي مورغان تشيز” و”سيتي” و”بنك أوف أميركا” و”آر.بي.سي رويال بنك” وباركليز و”ميتسوبيشي يو اف.جي” و”تي.دي بنك” و”سكوتيابك” و”ميزوهو” و”مورغان ستانلي”.