“الميدل إيست” وشركات الطيران ومكاتب السفر: الاحتيال بالدولار* عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
على جميع الذين اعترضوا الأسبوع الفائت على قرار شركة طيران الشرق الأوسط (الميدل ايست)، اللبنانية، بيع تذاكر السفر بالدولار الأميركي وتصدوا له، أن يعلموا أن القرار لم يُتخذ وقتذاك اعتباطياً، إنما عن سبق الإصرار. كما لم يُتخذ القرار الجائر بحق المواطنين في غرف الشركة، إنما في كواليس السلطة السياسية. فالضغط الشعبي سحب القرار ودفع شركة طيران الشرق الأوسط للعودة عنه. ولكن المتآمرين على المواطنين أصدروا قراراً بديلاً لا يقل خطورة ووقاحة عن الأول، لكنه يفوقه استغلالاً للمواطن اللبناني.
القرار الأول الذي اتخذته شركة الميدل إيست، وتراجعت عنه بعد أقل من 24 ساعة، قضى بحصر بيعها تذاكر السفر بالدولار الأميركي، مع تجاهل تعارض القرار مع المصلحة العامة التي تقتضيها مهام شركة وطنية كـ MEA وما يمكن ان يرتّبه من أعباء إضافية على اللبنانيين… وجاء القرار السابق إرضاءً لمكاتب السياحة والسفر، وبطلب من رئيس الحكومة لتوحيد أسعار تذاكر السفر بين شركات الطيران والمكاتب. وبدلاً من توحيد الأسعار بالليرة اللبنانية، عمدت الميدل إيست إلى اتخاذ قرار ثان يقضي بتعليقها بيع تذاكر السفر، وحصر العملية بمكاتب السياحة والسفر فقط (تهرباً من البيع بالسعر الرسمي للدولار).
وبذلك تكون شركة طيران الشرق الأوسط، ومن قبلها رئيس الحكومة ووزير السياحة، قد سحبوا فتيل الشارع الذي ثار عند إقرار الدفع بالدولار، وأعادوا الالتفاف على المواطن وسلبه بطريقة أخرى، عبر مكاتب السياحة والسفر التي انفردت ببيع تذاكر السفر بالدولار الأميركي أو بالليرة اللبنانية وفق سعر الدولار لدى الصرافين أي على أساس 2450 ليرة (وفق سعر صرف الدولار في تاريخ كتابة هذا النص).
والنتيجة أن شركة طيران الميدل إيست توقفت عن بيع تذاكر السفر عبر مكاتبها، وفق ما يؤكد نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر، جان عبّود، في حديث إلى “المدن”، وبالتوافق بين النقابة وشركات الطيران. وحُصرت خدمات طيران الشرق الأوسط بكافة الخدمات المتمّمة كتغيير الحجز أو تغريم العميل عن إلغاء الحجز أو حجز تذاكر مقابل miles أو reward tickets وباقي الخدمات باستثناء بيع تذاكر السفر.
ويبقى الأمر الأكثر سوءاً هو حصر مكاتب السياحة والسفر عملية سداد سعر تذكرة السفر ليس بالدولار فحسب، بل أيضاً عبر البطاقات المصرفية، أو عبر شيكات مصرفية بالدولار، وفق عبّود، وذلك لأن المكاتب تتعامل مع اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) بالدولار. وماذا عن الأشخاص الذين لا يملكون حسابات مصرفية، وبالتالي لا يمكنهم سداد ثمن التذاكر عن طريق بطاقة مصرفية أو شيك مصرفي؟ يقول عبّود وبكل ثقة: فليستعينوا بأحد أفراد عائلاتهم أو أقاربهم ممن يملكون حسابات مصرفية… “بيقدر يستعين الشخص المسافر ببيو أو خيو أو قرايبو أو حتى جارو”.
وبعد تواصل “المدن” مع أكثر من مكتب للسياحة والسفر، لاستطلاع آلية الحجز عقب توقف طيران الميدل إيست، تبيّن أن عدداً من المكاتب لا تمانع بدفع ثمن التذاكر نقداً، وليس عبر البطاقة المصرفية أو شيك، ولكن بالدولار أو بالليرة وفق سعر صرف الدولار لدى الصرافين في توقيت الحجز.
أما شركات الطيران الخاصة، فقد عمد بعضها إلى حصر بيع التذاكر بمكاتبها فقط، على أن يكون الدفع نقداً أو عن طريق بطاقة ائتمانية، وليس عبر مكاتب السياحة والسفر. وذلك نظراً للصعوبات التي تواجهها الشركات الأجنبية لاستحصال أموالها عبر التحويلات والشيكات المصرفية. وكان عبّود قد حذّر في وقت سابق من صعوبة التحويلات المصرفية، التي باتت تهدد استمرار عمل الشركات الأجنبية في لبنان، لاسيما بعد إقفال بعض الشركات روابط إصدار التذاكر(CIP)، محذّراً من انسحاب IATA من السوق اللبنانية.