المواطنة والتعايش والاعلام
السعودية – فاطمة أبوسرير / صحافية ومترجمة –
يعاني الشباب العربي من خلل في قيم المواطنة أثمرت الشقاق والفرقة بين الشعوب العربية المختلفة وحتى بين أبناء الشعب الواحد، حتى أصبح الاختلاف ذريعة للتحلل من مسؤولية الشباب في التنمية المجتمعية، مما أدى للتفكك وانهيار الحس الوطني، وجعلت هذه الظواهر الشباب منهزمين نفسياً وصورتهم لدى العالم أنهم من أمم متخلفة ظلامية رجعية ثقافتها تعتمد على القشور، من هنا شهدت بعض هذه الدول ومجتمعاتها أشكال مروعة من القمع الممنهج في ظل انتهاكات للحريات العامة والشخصية، ولحقوق مكونات أساسية فيها، وظلت التوترات مكتومة حيناً، ومنفلتة حيناً آخر في ظل الانقسامات الدينية والمذهبية والطائفية، بينما البديل المستحب للإصلاح الاعتراف أن لكل دين تاريخه وثقافته وتراثه الحضاري الفريد والمُنوع.
ويبقى التعايش السلمي مهماً لرفع مستوى التنوع الثقافي وتعزيزه، مما يؤدي إلى كسر حاجز الخوف بين مكونات المجتمع، وبناء علاقات بين الشباب من مختلف أطراف المجتمعات العربية، وتطوير التوجهات والسياسات حتى تكون مجسدة بالطموحات المشتركة نحو توسيع نطاق الجهود المبذولة في تعزيز التعايش السلمي، واحترام التنوع، وترسيخ المواطنة المشتركة، والاتفاق على إطار مؤسسي لإطلاق خطط عمل فاعلة للمُضي قُدماً في تطبيق برامج وأنشطة لمواجهة المخاطر، وتسخيرها لتشكل متغيراً جديداً في سلوك الشباب على أرض الواقع.
إن إعادة التفكير في دور الإعلام في المستقبل المستدام للأجيال القادمة تعد مسؤولية منسوبيه في توظيف الثورة الرقمية بالشراكة مع المنظمات الوطنية، والعمل بدأب في ترسيخ قيم التلاحم بين أطياف المجتمع عبر وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي، وإرساء قيم الانتماء والمواطنة الصالحة وثقافة السلام والتحفيز على الوسطية والاعتدال.
وتكون هذه التجارب وعاء لتشكيل وتكوين المدافعين عن التعايش وإنتاج الخبرات في مجال المواطنة والقيم الإنسانية المشتركة، لتحقيق هدف قبول التعددية، وبدون توافق أبناء الوطن الواحد لن يتحقق التقدم والنهوض والارتقاء بالمجتمع، بينما الأوطان تتسع لجميع أبنائها بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين.