هل سيتغير قطاع السياحة بعد الكورونا؟
بقلم: ريم القمري

النشرة الدولية –

تفشي فيروس كورونا ”كوفيد 19” يطرح تحديا كبيرا أمام قطاع السياحة هذا القطاع الهش جدا والذي كان دائما عرضة لازمات باعتباره قطاعا ليس مستقبل بذاته بل دائم الارتباط بالقطاعات الاقتصادية الاخرى وايضا بالتقلبات السياسية والمالية العالمية. ويعتمد قطاع السياحة، أكثر من أي نشاط اقتصادي آخر، على التفاعل بين الناس لذلك فان تأثره بأزمة كورونا من تحجير السفر وايقاف طيران معظم بلدان العالم وارساء الحجر الصحي الشامل والاجباري عبر العالم آثر بصفة مباشرة على هذا القطاع وأصابه بالشلل التام.

صناعة السياحة في تونس، واحدة من أبرز القطاعات المتضررة محليا، ويمكننا القول إن الموسم السياحي في بلاده انتهى بكل المقاييس، بسبب تطورات الفيروس على مستوى الدول المصدرة للسياحة أي أننا حتى لو استطعنا التحكم في الوباء خلال النصف الأول من العام الحالي، فإن عودة السياح لن تكون بالسرعة المطلوبة، ولا بد أيضا من تهيئة الظروف لعودة نشاط القطاع وهذا يتطلب امكانيات كبيرة خاصة أن هذا الوباء العالمي، سيؤثر مباشرة وتأثيرا كبيرا على مؤسسات القطاع السياحي حيث ستتفاقم مديونية القطاع المتراكمة أصلا منذ سنوات بسبب عديد العوامل منها مثلا التهديدات الارهابية في فترات سابقة، أي أن القطاع يعاني مصاعب شتى منذ 2011 و ان كان تحسن خلال السنوات الاخيرة و شهد انتعاشه نسبية نمو سلبي حسب المؤشرات والارقام فأن “نسبة النمو ستكون سلبية في 2020، وقد يتجاوز الانكماش حاجز 2 -2.5 بالمئة

وبحسب بيانات رسمية، جذب تونس في 2019، نحو 9.4 ملايين سائح، فيما بلغ إجمالي إيرادات القطاع قرابة ملياري دولار، وهي عملة صعبة هامة للبلاد ان تراجع العائدات بالعملة الصعبة، سيكون له تأثير على المالية العمومية وارتفاع العجز الجاري، والعجز في ميزان المدفوعات، وهو ما سيؤدي إلى اللجوء إلى الاقتراض الخارجي إذا لو جاز لنا القول إن كل القطاعات تضررت من هذا الوباء العالمي، يبقى قطاع السياحي من أكثر القطاعات تضررا كما أسلفنا الذكر. ويكفي أن نفكر قليلا بحركة التنقل والسفر من وإلى مختلف دول العالم المتوقفة سواء بحرا أو جوا او حتى برا أحيانا لنفهم أي مأزق يعيش قطاع السياحة اليوم. وما ترتب عن ذلك من خسائر فادحة لدى أغلب وكالات الاسفار العالمية التي وجدت نفسها أمام حجوزات أصبحت لاغية.

حتى السياحة الداخلية هي عاجزة عن سد هذه الثغرة بسبب الحجر الصحي الشامل والاجباري. مما سيضطر بعض الفنادق إلى الغلق لحين عودة الوضع الطبيعي وما سيترتب عن ذلك من بطالة في صفوف العاملين في قطاع السياحة والتي ستكون كبيرة وهامة. إجراءات عاجلة وكان وزير الصحة السيد محمد علي التومي قد صرح، أن الحكومة تسعى إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتفادي تداعيات أزمة فيروس كورونا على القطاع السياحي موضحا في اطلالته الاعلامية خلال فترة الازمة أنه من بين الاجراءات الممكن اتخاذها إعادة جدولة الديون، وأيضا تأجيل استحقاق الصناديق الاجتماعية وأقساط القروض.

وأكد الوزير التونسي أنه إلى حد الآن لا يمكن التكهّن بتوقيت نهاية الأزمة الصحية، مشددا على أنه يمكن تدارك التداعيات السلبية إذا ما انتهت الأزمة قريبا. مشيرا الى ان التأثير لا يشمل فقط القطاع السياحي فقط، بل أيضا كل القطاعات الأخرى مثل النقل البحري والجوي والصناعات التقليدية وايضا القطاع الفلاحي وهي جميعها مرتبطة بقطاع السياحة.

هذا ويشغل القطاع السياحي أكثر من 400 ألف شخص، ويساهم بحوالي 7 بالمئة من الناتج الداخلي الخام وحسب منظمة السياحة العالمية فقد انخفضت الحجوزات عالميا بنسبة 11 بالمئة منذ ظهور كورونا فضلا عن إغلاق المطارات وإلغاء الرحلات الجوية وإغلاق الحدود. تغيرات ما بعد الكورونا يتوقع خبراء الاقتصاد والمهتمين بقطاع السياحة تحديدا ان يشهد هذا القطاع بعد ازمة كورونا تغيرات هامة وربما كبرى ولعل أبرز هذه التغيرات سيتمثل في انخفاض أسعار الرحلات البحرية الى جانب المزيد من الاهتمام والتركيز بالنظافة والتعقيم، أيضا قد نشهد انخفاض هام في أسعار حجز غرف الفنادق وأسعار تذاكر الطيران مما من شانه أن يشجع على السفر والسياحة وينعش شركات الطيران واصحاب الفنادق وذلك مع توفر مرونة أكثر في مسألة الحجر و أيضا تشجيع و دعم السياحة الداخلية بأسعار مشجعة و تتلاءم مع امكانيات الموطن، و هو ما من شانه أن يساهم بشكل كبير انقاذ الموسم السياحي . كلها اجراءات قد تكون ضرورية ليتجاوز قطاع السياحة أزمة كورونا ويعود للنشاط بشكل تدريجي، وهو ما سيسرع بخروجه من عنق الزجاجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى