غونثالو غيريرو الإسباني المتمرد!* د. أفراح ملا علي
النشرة الدولية –
يعد غونثالو غيريرو بلا شك واحدا من أهم أبطال التاريخ الإسباني بالنسبة لي كباحثة، حتى ان كانت هذه الشخصية لا تتعدى حدود تاريخ الكشوفات الإسبانية للعالم الجديد. والذي اعتبره الإسبان «المتمرد» الذي حارب ضدهم مع قبائل الهنود الحمر المايا!
يصل غونثالو غيريرو الى القارة الأميركية الى مكان يدعى «لا اسبانيولا» في كوبا، بعد رحلة بحرية من بنما، والتي تنتهي بغرق السفينة ومن عليها بمقربة من شبه جزيرة جوكاتان، ولم يتبق منها إلا عشرون ناجيا، والذين بدورهم يلاقون مصرعهم على يد قبائل كوكومس، فلا ينجو من هذه المجزرة الا غونثالو والراهب خيرونيمو دي اغيلار، اللذين لاذا بالهروب ولكنهما سرعان ما تم أسرهما من قبل رئيس قبيلة «شامنكان».
الراهب خيرونيمو متعلق ووفي لعاداته وديانته المسيحية كونه شماس كنيسة، إلا إن غونثالو غيريرو ينتزع جلده ويتحول الى مقاتل مميز لقبيلته الجديدة ويضيف إليها استراتيجيات حربية جديدة، ولكنه يبقى تحت مظلة العبودية، بالرغم من فوز قبيلته ضد قبيلة «تاكسمار» ولكنه يحصل على رتبة رئيس المقاتلين.
وفي أحد الأيام عندما كان يعبر غونثالو مع رئيس القبيلة النهر سباحة، هجم تمساح متربص عملاق يطلق عليه «كايمان» على رئيس القبيلة، وبدل ان يهرب غونثالو ويتحرر من عبوديته وينقذ حياته هجم بوحشية على التمساح وقتله، فيقرر رئيس القبيلة تحريره فورا ليصبح مقاتلا حرا له كل الأحقية بوشم بدنه ووجهه وتخريم جسده بالفضة والذهب دلالة على رتبته العسكرية. ويتزوج من الأميرة «زازيل ها» وينجب منها ثلاث أطفال.
وفي تلك الأثناء يصل «كورتيس» مع سفنه الإسبانية ويبدأ بالبحث عن غونثالو والراهب خيرونيمو.
يصل جواسيس ورسل «كورتيس» إلى الراهب ليعود هو وغونثالو، ويفاجأ الراهب خيرونيمو بشخصية غونثالو الجديدة بعد ثماني سنوات والذي يتحدث بطلاقة لغة المايا.
يرفض غونثالو الرجوع لإسبانيا فهذه أرضه الجديدة وهنا زوجته وأبناؤه، ويودع صديقة الراهب قائلا: كيف سيتقبلونني مع كل هذه الأوشام بوجهي وكل هذه الحلي المطعمة بجسدي وأطفالي من هندية حمراء! اذهب وليحمك الرب فأبنائي جميلون جدا!
يعود الراهب خيرونيمو الى «كورتيس» الذي لم يتعرف عليه بالبداية بسبب سوء لغته الإسبانية والتي تدهورت بعد ثماني سنوات من التحدث فقط بلغة المايا. فيصبح واحدا من أهم مترجمي «كورتيس» تاريخيا هو و«مالينشي».
يصل جيش «كورتيس» الى قبيلة غونثالو فيدافع عن ارضه الجديدة ضد الإسبان ويغلبهم، حتى شيع بأن هناك رجلا ابيض يقود القبيلة وهو اكثر وحشية منهم.
وفي يوليو من سنة ١٥٣١ يقرر القبطان دافيلا بأمر من «كورتيس» الهجوم على المنطقة لاعتقادهم انها مليئة بالذهب، إلا انه لم يجد سوى مقاتلين من الهنود الحمر والذين خدعوه قائلين: غونثالو غيريرو مات في منزله!
ولكن الحقيقة ان غونثالو يقتل في سنة ١٥٣٦ على يد جيش القبطان لورينثو الاسباني الذي تحالف مع رئيس قبيلة «تيكامايا» حاليا هوندوراس. لاغتيال غونثالو بسهم مسموم يخترق سرته وصولا الى منتصف عموده الفقري. وقبل النفس الأخير يوصي بحماية أبنائه وزوجته ويموت بملامح تصرخ ألما.
تبقى جثة غونثالو في قلب المعركة الدامية ويضطر مقاتلوه للانسحاب، حتى يعودوا فيما بعد ليلا لرمي جثته بالنهر تمجيدا يليق للمقاتل البطل.
يعد غونثالو غيريرو أب التمازج العرقي وتقبل الآخر ولكن الكثير من المخطوطات ترعب قارئها والتي ذكرت ظهور مقاتل موشوم الوجه ولكن بلحية مسيحية تحوم بجانب السفن الإسبانية ليلا، لدرجة التشكيك بموته!..
دمتم بحب كل الأجناس وتقبل الآخر..