كيف تتحرّك الدبلوماسية الأوروبية لمحاولة ثني إسرائيل عن ضمّ أجزاء من الضفة؟
منذ إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خطته لضمّ أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، طالب الاتحاد الأوروبي الحكومة الإسرائيلية بالتراجع عن مخطط الضم، مذكرا إياها بأن الاستيطان مخالف للقانون الدولي، ومحذرا إياها في الوقت نفسه من أن الاتحاد سيضطر لاتخاذ موقف “صعب” في حال مضت إسرائيل في مشروعها.
خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط
وبموجب الاتفاق الذي تشكلت بموجبه الحكومة الائتلافية في إسرائيل، حدد الأول من تموز/يوليو موعدا للإعلان عن استراتيجية تنفيذ جزء من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، والمتعلق بضم المستوطنات الإسرائيلية ومنطقة غور الأردن الاستراتيجية في الضفة الغربية.
أوروبا تعتبرأن خطوة ضم الأراضي الفلسطينية لن تمر دون اعتراض
وفي هذا السياق تتصاعد الانتقادات الدولية للمشروع. جوزيف بوريل ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد قال إن خطوة ضم الأراضي الفلسطينية لن تمر دون اعتراض. كذلك الأمم المتحدة وعلى لسان مفوضتها السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، أكدت أن مخطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة “غير شرعي” وأن “آثاره ستستمر لعقود”. وقالت باشليه “لا يمكن توقع العواقب المحددة للضم، لكنها قد تكون كارثية للفلسطينيين ولإسرائيل ولكل المنطقة.
سفير فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي يطالب باتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل
وفي حديث له ليورونيوز دعا سفير فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي عبد الرحيم الفرا الدول الاوروبية إلى ضرورة إرسال رسالة شجب واضحة لإسرائيل بشأن خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وأوضح السفير الفلسطيني أن “أوروبا لها ثقلها في الموازين الدولية وهي قادرة على أن تقوم بأشياء عملية كثيرة وأن تكون بديلا يحل مكان الولايات المتحدة في موضوع الوساطة في تحقيق عملية السلام مشيرا أن أمريكا لم تعد راعية للسلام لأنها ليست وسيطا نزيها ” منذ أن قررت الإدارة الأمريكية اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ومنذ أن قررت واشنطن نقل سفارتها من تل بيب إلى القدس وبعد أن وضعت بداية هذا العام خطتها للسلام او صفقة القرن على الطاولة وقالت إن هذا هو الشيء الوحيد المتاح في الوقت الحالي”
مؤكدا من جانبه أن “أمريكا خرجت تماما من البوابة العريضة لأن تكون وسيطا نزيها للسلام”. مضيفا من جانب آخر أن “الاتحاد الأوروبي ينبغي له أن ” يلعب دورا أكبر من دور الرفض و الشجب” ويتجلى الأمر بنظره في ” ضرورة استخدام دول الاتحاد العصا والجزرة..فإسرائيل لا تفهم إلا هذه اللغة.إسرائيل لا تفهم إلا لغة الإجراءات العقابية”.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 كانون الثاني/يناير من واشنطن خطة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين تنص على أن تضمّ إسرائيل مستوطناتها في الضفة الغربية التي احتلتها بعد حرب العام 1967. وتشمل الخطة الإسرائيلية ضمّ منطقة غور الأردن الاستراتيجية التي تشكل ثلث مساحة الضفة الغربية. ويعيش في الضفة الغربية نحو 450 ألف إسرائيلي في مستوطنات وسط 2,7 مليون فلسطيني. ورحبّ الإسرائيليون بخطة ترامب التي رفضها الفلسطينيون رفضا قاطعا.
الاتحاد الأوروبي أكبر المعارضين للمشروع الإسرائيلي بشأن خطّة الضمّ
الاتحاد الأوروبي يعتبر أكبر المعارضين للمشروع الإسرائيلي، حتى أن دوله بدأت التفكير بعقوبات محتملة ضد إسرائيل في حال أنجزت الضم. ذلك أن أكثر ما يقلق إسرائيل هو الموقف الأوروبي، فرغم أن فرض عقوبات يتطلب إجماعاً من دول الاتحاد – وهو ما فشل به التكتل خلال السنوات الأخيرة، لمعارضة المجر والنمسا- لكن هناك خطوات عقابية لا تتطلب إجماعاً، كالاتفاقات التجارية أو المنح أو المشاريع التعاونية.
حض أكثر من ألف نائب أوروبي من 25 دولة قادتهم يوم الأربعاء الماضي على التدخل لوقف مخطط إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
وفي رسالة نشرت في عدة صحف وأرسلت إلى وزراء الخارجية الأوروبيين، قال 1080 نائبا أوروبيا إنهم “يشعرون بقلق عميق من السابقة التي سيخلقها هذا الأمر في العلاقات الدولية”.وأضافت الرسالة “مثل هذه الخطوة ستقضي على آفاق عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية وتهدد المعايير الأساسية التي تدير العلاقات الدولية وبينها ميثاق الأمم المتحدة”. وتابع النواب “للأسف، خطة الرئيس ترامب تخالف المعايير والمبادىء المتفق عليها دوليا”.
فرض عقوبات على إسرائيل يتطلب موافقة كل الدول الاعضاء الـ27
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى إقناع اسرائيل بالتراجع عن هذه الخطوة ويدرس اجراءات رد في حال مضى نتنياهو في مخططه. لكن أي عقوبات محتملة ستتطلب موافقة كل الدول الاعضاء الـ27. ومعظم الموقعين على الرسالة من أعضاء أحزاب يسارية وربعهم تقريبا من بريطانيا التي غادرت الاتحاد الأوروبي في كانون الثاني/يناير وبينهم المتحدثة باسم حزب العمال البريطاني ليزا ناندي.
الشراكة الأوروبية الإسرائيلية
بين الطرفين حالياً مشاريع عدة في البحث والتعليم، قد تحرم منها إسرائيل، كما يمكن أن تشمل العقوبات فرض مزيد من القيود على بضائع المستوطنات، وتسعى بلجيكا وإيرلندا ولوكسمبورغ لمناقشة إمكانية اتخاذ إجراءات اقتصادية عقابية.
البرلمان البلجيكي يدعو لمعاقبة إسرائيل على ضم أي أراض فلسطينية
كما اعتمد البرلمان الفيدرالي البلجيكي، فجر يوم الجمعة 26 حزيران (يونيو) 2020، بأغلبية مريحة، قراراً قدمته المجموعة البرلمانية لحزب الخضر. يُدين إسرائيل ويطالب باتخاد إجراءات ضدها.وتكثفت المواقف الرافضة لتطبيق خطة إسرائيل لضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة في عديد من دول أوروبا .
من أن ورا خطة ضم اجزاء من الضفة الغريبة لإسرائيل يوجد رهان وجودي بالنسبة لأوروبا كقوة سياسية. أوروبا هي الشريك التجاري الأول لإسرائيل. هذا العامل الاقتصادي لا يتم استغلاله كما ينبغي في الواقع كأداة سياسية ” مضيفا في الوقت نفسه “يجب على أوروبا أن تستخدم قوتها التجارية وقوة سوقها لتحقيق عمل سياسي طموح وبعيد المدى يكون لصالح مسارالسلام”.
المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في العام 1967 وضمت القدس الشرقية لاحقا في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وتعتبر المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.وعبّر العديد من أنصار رئيس الوزراء اليميني عن أملهم في ضم أجزاء من الضفة الغربية حيث يعيش حوالى 450 ألف مستوطن على أراضي الفلسطينيين البالغ تعدادهم نحو 2,8 مليون نسمة.
لكن بعض المستوطنين يعارضون إنشاء دولة فلسطينية على الحدود مع إسرائيل.وتنص الخطة الأميركية قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح تكون عاصمتها في ضواحي القدس الشرقية المحتلة، على أن تكون القدس الموحدة عاصمة إسرائيل.
وفي حديث له ليورونيوز قال دان ديكر كبير الباحثين في مركز القدس للشؤون العامة:
“إن رد الفعل الإسرائيلي الذي يحظى بالدعم الأمريكي الآن هو تأمين إنفاذ القانون المدني في المناطق التي كانت تحت السيطرة الإسرائيلية بالفعل لأنه لن يقبل أي إسرائيلي برؤية غور الأردن الاستراتيجي يسلّم لخصومه” مضيفا من جانب آخر “لا يمكن أن ينجح الطريق إلى حل الدولتين والشعبين إلا إذا كانت الأمة اليهودية لدولة إسرائيل تشعر بالأمن ”
اعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مقال له نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية الأربعاء، أن هذه الخطوة ستكون “متعارضة مع مصالح إسرائيل طويلة المدى”. وأضاف جونسون الذي يعتبر من أشد المدافعين عن اسرائيل، أن “الضم سيشكل انتهاكا للقانون الدولي”. وتعارض فرنسا وألمانيا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى، والHمم المتحدة مخطط الضم. واعتبرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه هذا الأسبوع، مخطط الضم “غير شرعي” محذرة من أن العواقب قد تكون “كارثية”.
يورونيوز