الحكومة الأردنية .. إستراتيجية أم نصف إستراتيجية..؟!!* صالح الراشد

النشرة الدولية –

سؤال يتردد في أذهان الأردنيين ويتردد صداه من يوم لآخر، سؤال محدود الكلمات بعيد الإسقاطات وهو “هل لدينا استراتيجية لمواجهة جائحة كورنا  أم نصف إستراتيجية”، ولن نجرؤ أن نقول أنه لا يوجد إستراتيجية لأن في ذلك ظلم صارخ للحكومة وجهودها الكبيرة، ويبدو إن الإستراتيجية قسمت إلى نصفين، فنجحت الحكومة في نصفها الأول كونها استعانت بقوات الأمن والجيش لفرض الحظر الشامل والإشراف على نقل القادمين من المطار إلى مناطق الإيواء والحظر، كما أجادت وزاة الصحة في التعامل مع الجائحة وطورت آدائها وقدراتها بحيث حققت نتائج أكثر من مميزة في التعامل مع الوباء.

الضعف في الإستراتيجية بدأ في النصف الثاني من العمل، والذي يرتكز على نقل الشعب من مرحلة الحظر الشامل إلى مرحلتي البناء والإنتاج لإستمرار حياة المجتمع بصورة كريمة، وهنا بدأت الأخطاء تظهر وأخذت الحكومة تضغط على الطرف الأضعف وأعني هنا المواطن والموظف، فجاء تعديل أمر  الدفاع “6” ليشكل صدمة للأردنيين العاملين في الشركات الخاصة حيث أصبح بقدرة هذه الشركات خصم نصف راتب الموظف أو فصله من العمل، وهنا ضاع الأمان الوظيفي الذي وعدت به الحكومة ويأتي  عند الشعب في المرتبة الثانية بعد الحفاظ على الحياة.

فحكومة النهضة أرادت أن تنهض بالشركات والمصانع والمؤسسات كون بقائها يعني بقاء الحياة الإقتصادية، وبالتالي تم منحها تسهيلات تفوق الوصف والخيال، وكعادة راس المال إستغل أصحاب هذه المؤسسات والشركات أمر الدفاع لما فيه مصلحتهم بحيث يزيدوا من ارباحهم، كما منحهم الفرصة للتخلص من أصحاب الرواتب المرتفعة الذين أفنوا حياتهم في هذه الشركات، وهذا يعني أن الحكومة وضعت رقاب الموظفين تحت مقصلة رأس المال الذي لا يهتم إلا بالربح دون الإهتمام بالنواحي الإنسانية، كما زادت من أبعاء المستشفيات الخاصة بتأخير إصدار نظام السياحة العلاجية وستتسبب في القضاء على الجامعات الخاصة إذا لم تبادر ومنذ الآن بوضع نظام مرن يحدد إليات السياحة التعليمية، وترفد المستشفيات والجامعات موازنة الدولة بمبالغ مالية ضخمة، وهذه المبالغ ستخسرها الحكومة إذا لم تجيد التعامل مع واقع الأمر وتنتقل إلى خطوة جديدة في الإنفتاح الإقتصادي.

لقد ثبت للجميع بأن الحكومة لا تملك أي إستراتيجية شمولية أو جديدة في النهضة الإقتصادية،  وبالذات حين عادت البنوك لإقتطاع قيمة القروض من رواتب العاملين، ومع قيام المؤسسات بخصم نصف الراتب وحصول البنك على النصف الآخر أصبح دخل العديد من العائلات “صفر” دينار، وهنا بدأت المأساة الحقيقية حيث أخذ البعض ببيع سيارته أو شقته حتى لا يجد نفسه يقف أمام المحاكم، وهذا يدل على أن الحكومة لا تهتم بالمواطن بل بمن يدفع الضريبة للحكومة، لتصبح حكومة النهضة حكومة المؤسسات والشركات فيما الشعب يبحث عن حكومة تساعده في تجاوز المرحلة الأصعب في تاريخ المملكة.

لقد كان على حكومة الهضة أن تتبع سياسات محددة وواضحة في محاربة الفساد المتشعب في مؤسسات الدولة وأن تكون هذه السياسة مبنية على نظرية “نظف، اثبت، إبنِ”، كما كان عليها أن تقوم بتقديم قروش ميسرة للعديد من الشباب والعائلات للقيام بمشاريع صغيرة أو متوسطة، للحفاظ على وجود دخل متواصل للعائلات الأردنية التي تحملت العبء الأكبر من الجائحة وبالذات عمال المياومة أو الذين تراجعت رواتبهم بصورة كبيرة، وبالتالي يستطيع هؤلاء توفير مبلغ مالي إضافي يساهم في تغطية نفقات الاسر وبالتالي يسير المجتمع بأمان لحين الوصول إلى نقطة الإنطلاق صوب إقتصاد متعافي سليم.

إن على الحكومة أن تعتذر للشعب على خذلانه في المرحلة الثانية من الإستراتيجية ،”وطبعاً دوماً أقول إن لدينا إستراتيجية لأنه إذا لم يكن لدينا ذلك فسيكون الأمر كارثياً”، فقد تحمل المواطنون أعباء المرحلة الثانية بكل قسوتها، ولم تقف الحكومة إلى جابنهم كونها تفرغت للظهور بصورة الحكومة الجريئة، حتى تقوم بإشغال المواطنين عن متابعة حجم الضرر الذي لحق بهم من معاناة نفسية ومالية إنعكست آثارها على جميع أفراد الأسر، مما يعني إن ما كان ينقص الإستراتيجية هو الحفاظ على مصلحة المواطنين فقط، وللعلم فإن المواطن هو المحور الأساسي لأي إستراتيجية حكومية، لذا وجب علينا إعادة تقييم الآداء الحكومي حتى ندرك أين الخطأ واين الصواب وكيف نتجاوز الأخطاء في الموجة الكرونية الثانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى