من هم أنصار ترمب العرب والمسلمون في أميركا؟* وليد فارس

النشرة الدولية –

تزعم الصحافة المعارضة، اليسارية والتقدمية والليبرالية، في الولايات المتحدة الأميركية أن الأصوات العربية والمسلمة هي “في جيب” المرشح للرئاسة نائب الرئيس السابق جو بايدن. ويتنبأ السياسيون، ومراكز الأبحاث، والصحافة المعارضة بأن وريث باراك حسين أوباما سيحصد مليون صوت من هؤلاء الناخبين، كما روج اللوبي المقرب من الإخوان “مسلم باك” (Muslim Pac)، والذي أعلن تأييده للمرشح بايدن. وتكاد هكذا مقولة أن تتحول إلى مبدأ غير قابل للنقاش بعد أن علل مؤيدو تيار أوباما، ومعارضو الرئيس دونالد ترمب أن هناك استحالة لأبناء هذه الجاليات بأن يدلوا بأصواتهم “لإسلاموفوبي ومؤيد لإسرائيل”. وأضافوا بأن الرئيس ترمب هو الذي أصدر قراراً بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وهو الذي نقل سفارة أميركا إلى القدس، فكيف يمكن بربكم أن يقترع له العرب والمسلمون؟

الجواب على ذلك، إن هنالك عرباً ومسلمين وشرق أوسطيين في أميركا لا يؤمنون بهذه الطروحات، ولا ينصاعون إلى مروجيها من أصحاب الأجندات المتطرفة، على حد قولهم، وهم سيصوتون في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لدونالد ترمب وليس لجو بايدن. لماذا؟

يجيب مؤيدو ترمب من العرب والمسلمين والشرق أوسطيين أن ليس هناك قطرة من المعاداة للمسلمين أو الشرق أوسطيين في تاريخ ترمب الشخصي قبل دخوله المعترك السياسي، وهو كان صاحب مشاريع البزنس في العالم الإسلامي من إسطنبول إلى دبي، و من إندونيسيا إلى نيجيريا، وله أفضل العلاقات مع رجال الأعمال، وشخصيات اجتماعية في العالم العربي والإسلامي. أما حقيقة تصريحه عن “منع المسلمين من دخول أميركا” فجاء ذلك بعد العمليات الإرهابية للمجموعات التكفيرية التي قتلت المسلمين أكثر من غيرهم في العالم. وما كان يقصده ترمب كان “الإسلامويين” وليس المسلمين، إذ إنه في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2015، لم يكن لديه بعد خبراء ومستشارون للسياسة الخارجية. وبالمناسبة لم يصدر عن ترمب أي قرار يمنع اتباع الدين الإسلامي من دخول الولايات المتحدة بل بضعة دول تنتشر فيها شبكات إرهابية، بينما أبقى أكبر الدول المسلمة وأكثرها رمزية خارج المنع إطلاقاً.

ويضيف مؤيدو ترمب الأميركيين-العرب أن ذهابه إلى الرياض وحثه العالم العربي والإسلامي على التحالف ضد الإرهاب، والتوسع الإيراني ليس إلا حسماً واضحاً لدعم الرئيس الحالي للشعوب العربية والإسلامية.

أما مسألة نقل السفارة إلى القدس فقد كانت قراراً سياسياً دبلوماسياً، وليس قراراً ديموغرافياً. والبرهان على ذلك أن ترمب أيضاً أعلن أن موضوع حدود القدس لا يزال مفتوحاً، وإن نقلت السفارة إليها. وهذا يعني أنه بالإضافة إلى ضاحية أبو ديس، فكل المناطق العربية في المدينة لا تزال موضوعاً للضم لدولة فلسطينية، وبالتالي فإن قدساً عربية لا تزال قابلة للولادة.

ولكن الأكثرية الساحقة من الأميركيين الشرق-أوسطيين، ومن أصول تعود لدول ذات أغلبية مسلمة، تنظر إلى أوطانها الأم، وأوضاعها كمواطنين في أميركا قبل كل شيء. وهذه الجاليات كغيرها تتوزع بين خياري الحزبين الرئيسين، ولو حاول أنصار بايدن وأوباما أن يزعموا احتكار تمثيل حوالى 4 إلى 5 ملايين مواطن لصالح حملتهما. لكن الواقع غير ذلك.

إذ إن فئة لا بأس بها من المسلمين والعرب الأميركيين المنحازين لتيار أوباما وحزبه. (منهم من كان محازباً قديماً)، يساريو الميول، للحزب الديموقراطي. يقابلهم من الجالية نفسها محازبون مخضرمون يناصرون الجمهوريين. منهم من هو مغرم بأوباما، ومنهم من هو مجنون بترمب، وجميعهم لأسباب أميركية محضة. ولكن هناك فئات واسعة من العرب والمسلمين والشرق أوسطيين تختار على أساس السياسة الخارجية، وتختار بعواطف حماسية، وأحياناً على أساس عقائدي. وبينما تزعم منظمة “كير” الإخوانية ومنظمة “نياك” الإيرانية الأميركية بأن أكثرية الجاليات تكره ترمب بسبب السياسة الخارجية، يؤكد التحالف الشرق أوسطي للديمقراطية (AMCD) المعارض للإخوان وإيران أن معظم أعضاء الجالية معارضون للمتطرفين ويؤيدون ترمب كل لسببه الخاص.

1- أكثرية الإيرانيين الأميركيين تعارض النظام، وبالتالي تؤيد من يواجه الملالي، وبالتالي الرئيس ترمب.

2- العراقيون الأميركيون من الشيعة، ينقسمون إلى موالين للميليشيات ومعارضين لها مع أرجحية للمعارضين، أي يميلون إلى ترمب. أما لدى السنة، فالأكثرية مناوئة للميليشيات أي مع ترمب. الأكراد الأميركيون منقسمون بين الحزبين، لكن أكثرية بسيطة تفضل ترمب على الرغم من تراجعه في موضوع كركوك. لكن أميركا تحت إدارة ترمب، تبقى أضمن من إدارة بايدن-أوباما. المقياس نفسه يطبق على الجاليات الآشورية الكلدانية السريانية، التي لها كثافة سكانية في ميشيغان وكاليفورنيا.

3- السوريون الأميركيون لهم الخيارات نفسها تقريباً. الموالون لرئيس النظام السوري بشار الأسد والإخوان يوالون بايدن. الأكراد منقسمون بين الحزبين، لكن واقع دعم أميركا لأكراد سوريا يلعب دوره أيضاً، على الرغم من تراجع ترمب أمام تقدم الميليشيات الإخوانية على الحدود بدعم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. المسيحيون السوريون منقسمون مع أكثرية طفيفة تميل إلى ترمب، لأنه أعلن دعمه للأقليات في الشرق الأوسط بعكس أوباما.

4- المصريون الأميركيون ينقسمون بين مؤيد للإخوان يوالي أوباما، أي بايدن، ومؤيد للحكومة المصرية والأقباط، والأكثرية تميل إلى ترمب.

5- اللبنانيون الأميركيون هم أكبر كتلة من المنطقة، وأكثريتهم تؤيد ترمب بسبب موقفها المعارض لـ”حزب الله”. وهناك أقلية مؤيدة للحزب وعدد من اليساريين، وهم يناصرون بايدن-أوباما.

6- ويطبق المقياس نفسه على باقي الجاليات من السودان، واليمن، وتركيا، ودول الساحل، وباكستان، والصومال، وفلسطين وغيرها. أي أن هناك مؤيدين تقليديين للحزبين، مناصرون للإخوان وإيران مع بايدن، وداعمون لترمب بسبب معارضتهم للمتطرفين. إذا أخذنا الشرق أوسطيين، فالأكثرية مع ترمب. وإذا وسعنا الدائرة لتشمل أفريقيا وآسيا، فقد ينقسم الولاء بالنصف بين المرشحين. أما الفيصل الحقيقي فتبقى حيوية، وتعبئة الناخبين يوم الاقتراع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى