الفساد أقوى من الدولة .. وهذه هي الحلول!* صالح الراشد

النشرة الدولية –

أعجبني حديث جديد قديم لرئيس الوزراء الأردني، الدكتور عمر الرزاز وهو حديث مكرر لأكثر من رئيس وزراء في الأردن، لكنه ورغم جماله وجزالة ألفاظه وعمق معانيه بدا كالسراب يحسبه العطشان ماء، وللحق ورغم روعته وأهميته وجدته كغثاء السيل لا يستطيع التأثير في مجرى النهر الذي يحمله ، فالحديث إن لم يكن مبني على أسس واضحه يصبح ضرره أكثر من نفعه ، كونه يُشعل جذوة الأمل التي سُرعان ما تُطفئها قوى الشد العكسي من جديد، ليبقى الحال كما هو من سوء ويضاف إليه ضياع الأمل والحلم، وهنا يتحول الشعب إلى مجرد أجساد بلا روح ولا أمل تسير صوب المجهول بعد فقدانها الأمل ببوصلة حقيقية تقودهم للخلاص من الفساد والمحسوبية والواسطة والبطالة والقهر وتكميم الأفواه، فتضيع الأحلام بمستقبل وردي زاهر وبالقدرة على بناء الذات والنهضة والتنمية والحرية والعدالة الإجتماعية، وعندها يموت الأحياء من داخلهم لتصبح الأجساد خاوية والعقول معطلة والمستقبل مظلم قاتم.

 

لقد فشلت الحكومة في التصدي للفساد، وظهر ذلك جلياً حين حاولت التصدي لبعض المتنفذين لتسقط بقسوة أمام أذرع الفساد المنتشرة في شتى مرافق الحياة، وأخذت هذه الاذرع المتنوعة تنهش في الحكومة من كل جانب، لتصاب الحكومة بالرعب والخوف لتضعف وتتراجعت عن إندفاعها في حربها على الفساد، كونها لم تتعامل بطريقة منهجية مع محاربة الفساد المتجذر في عدد من مفاصل الدولة، ولم تدرك الحكومة ان بناء ونهضة الدول التي تعاني من إنتشار الفساد يمر في ثلاث مراحل، بدايتها محاربة الفساد ثم الصمود أمام الهزات الإرتدادية وهجمات المفسدين و أذرع الفساد على الحكومة وإن صمدت تبدأ بالتنمية ،والأخيرة تبدو  صعبة التطبيق لأن الحكومة لم تقوى على لجم أذرع الفساد، لنعود إلى مكاننا السابق  بل أصبحنا مستهدفين بشكل اكبر، كون المعطيات تُشير إلى إشتداد واستفحال الفساد المدعوم بأذرع شرسة من إعلام وعائلات وأصحاب مناصب، ومن رأس المال ورجال في الدولة العميقة ودعم خارجي من دول إقليمية ومحيطة هي من صنعت الفاسدين ليكونوا عوناً لها على الوطن عند حاجتهم لذا ينتصرون لموظفيهم في الدول المستهدفة.

 

لقد كان الأمل الضائع معقود على صلابة موقف مجلس النواب في وجه الفساد ، لكن ظهر للجميع أن هناك بعض النواب والمسؤولين لا يهمهم الوطن ويعتبرون  الشعب آخر همهم، فيما برز على السطح أصحاب مال وقادة في الإقتصاد يتهربون من حق الوطن وينهبون خيراته، وتمترس قادة مجتمع في أماكنهم واستمروا يطعنون الأمة بخنجر الجهل وتعين الأسوء والأجهل ، فعند هؤلاء الوطن مجرد وسيلة لبناء الذات والأهل والأقارب، ولا يعلم هؤلاء أن الوطن غاية وحلم وأمل وهناء عند أبناء الشعب البسطاء.

 

يا دولة الرئيس إن هؤلاء لا يميزون بين معنى الوطن غاية والوطن غابة يأكل القوي فيها الضعيف، فكيف تأمن أن يحاربوا إلى جانبك الفساد، يا دولة الرئيس لقد قالها حكماء هذه الأمة الذين بنوها قبل أن تولد ” قبل ما تغيص قيس”، وأنت لم تحسن القياس فكان الرد العنيف ممن وثقت بهم واعتقدت أنهم سيف على الفساد فكان سيفهم ضد الحكومة والشعب والوطن، لتتضح الصورة بأن قوى الشد العكسي أقوى من الحكومة مما يوجب إعادة النظر في عديد الأمور، وأهمها قانون الإنتخابات لضمان عدم عودة هؤلاء، ليمثل الأمة أخوفهم على مصالحها وعندها تستطيع الحكومة البدء بمحاربة الفساد بقلب قوي كونها متكئة على مجلس تشريعي سليم البدن والفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى