دور وسائل الإعلام الغربية في ترسيخ معاداة المسلمين والخوف من الإسلام «الإسلاموفوبيا»
النشرة الدولية –
د. دانيلا عدنان محمد القرعان –
بداية لا بدَّ من الاعتراف بتصاعد ظاهرة «الإسلاموفوبيا «خاصة في الدول الغربية ولم تعد قاصرة على التمييز الوظيفي والعرقي بل تجلّت أيضًا في العنف والاعتداء والإرهاب، وهي نتاج العولمة وصراع الحضارات واختلاف الثقافات، وظهور الحركات والأحزاب السياسية المتطرفة وانتشار الاسلام السياسي وخاصة في البلدان النامية والفقيرة.
ولأن «الإسلاموفوبيا، تعني الخوف من الإسلام فقد بلغ العداء للإسلام أوجه بعد أحداث 11 سبتمبر واستمرت الحركات العنصرية ومن خلفها الصهيونية بتغذية العداء ضد الاسلام والمسلمين وآخر ما نتج عنه مذبحة المسجدين في نيوزيلندا العام الماضي، وهو الهجوم الإرهابي الذي خلف أكثر من 51 قتيلًا.
وعلينا ان نعترف ان التهميش والفقر والاستعمار والحروب والصراعات السياسية وسلب حقوق الدول الضعيفة والأنظمة الشمولية وفقدان الإحساس بالعدالة إضافة إلى الاختلالات في تطبيق المعايير الاخلاقية المتعلقة بالحرية والعدالة والمساواة وحق الشعوب بالاستقلال والحياة الكريمة واستخدامها بذات الوقت لتنفيذ أجندات سياسية وتحقيق أهداف عسكرية ساهم في ظهور الحركات اليمينية وأدى إلى استغلال الدين من قبل تنظيمات أساءت للدين الاسلامي وركبت موجته لتنفيذ أجنداتها، وأدى ذلك بعد عمليات القتل والتدمير التي ارتكبتها القوى الظلامية كداعش والقاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية إلى ازدياد العنصرية ضد الإسلام والمسلمين وظهرت القوى اليمينية المتطرفة في العديد من دول أوروبا أكثر قوة وسيطر بعضها على الحكم في هذه الدول ترافق ذلك تشويه للدين الاسلامي في وسائل اعلام أوروبية مدعومة بصورة غير علنية من الحركات الصهيونية وللأسف كانت المجتمعات العربية والاسلامية هي الاكثر معاناة والاكثر تعرضا للعنف والقتل والتخريب من قبل هذه الجماعات الارهابية أيا كان جنسها ودينها وبلدها.
لقد لعبت وسائل الإعلام دور باز في ترسيخ معاداة الإسلام والمسلمين في الغرب، فهو يقوم بدور كبير في زيادة مساحة الفوبيا من الإسلام بتضخيم الأحداث واستقاء المعلومات من مصادر غير حيادية، وينبغي التنبه إلى أن مضمون التغطيات الإخبارية ولغة التقارير الإعلامية تميل غالبًا إلى التركيز على الأمور التي تطبع مفاهيم سلبية عن الإسلام، مثل الصراع في الشرق الأوسط، والقضايا المرتبطة بالإرهاب والتطرف في العالم الغربي،وأن المصابون بالإسلاموفوبيا يرون أن العداء للإسلام والمسلمين والتحيز ضدهم أمر طبيعي ورد فعل تلقائية على طبيعة الاعمال الارهابية التي يرتكبها مسلمون بإسم الدين الاسلامي ونصرته.
من أبرز النتائج هي الإسهام في ضرب محاولات النهوض العربية وتقوية الموقف الإسرائيلي تجاه العرب،غزو العراق، والعديد من الدول العربية والإمعان في ظلم الفلسطينيين، وتواصل الدعم الغربي للصهيونية، والتخطيط لتمزيق العالم العربي أكثر مما هو عليه الآن.
هنالك أسباب لهذه الظاهرة منها الجهـل بحقيقة الاسلام ، فهناك جهلاً صارخاً بحقيقة الإسلام، وبخاصة في العالم الغربي الذي يستقي معلوماته عن الإسلام من مصادر قد تفتقر في كثير من الحالات إلى الموضوعية والتجرد، والخلط بين الدين الإسلامي وواقع المسلمين ، فليس يخفى على احد أن الأمة الإسلامية تعاني منذ قرون عديدة واقعاً مأزما على مختلف الأصعدة والمستويات وتبني صورة سلبية للمسلمين، وهذا يظهر واضحًا في حالة الإسلام، إذ يتم تحميل الإسلام مسؤولية السلوك غير السوي الذي يصدر عن بعض المسلمين.
وقد جاءت احداث 11 سبتمبر، والتفجيرات التي نفذّها متطرفون من مدعي الإسلام وتنظيم القاعدة ضد أهداف مدنية في عدد من البلدان الغربية كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسبانيا لتصب في تيار تصعيد المخاوف من الإسلام، ولتعطي للمتربصين بهذا الدين المزيد من المبررات لمحاربته وتضييق الخناق عليه؛بحجة مسؤوليته المباشرة عن توليد الإرهاب والإرهابيين ولمواجهة هذه الظاهرة لا بدَّ من مضاعفة الجهود لتعريف الناس بحقيقة الاسلام الذي يدعو الى الوسطية والاعتدال وينبذ العنف والتطرف ويدعو الى قبول الآخر، والعمل على إبراز أبعاده المشرقة للعالم،كما لا بدَّ من تعزيز ثقافة الحوار بين أتباع الأديان السماوية وتعزيز حوار الحضارات.
ولنا في رسالة عمان التي أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني مثال على التعريف بحقيقة الاسلام السمح وليس إسلام المتطرفين،فرسالة عمان قدّمت الإسلام وحقيقته السمحة للغرب بهدف مواجهة الخوف من الاسلام، واكدت على إحترام الأديان وعدم زجّ الدين في عالم السياسة، وعلينا استثمار وسائل الإعلام في معالجة ظاهرة الخوف من الإسلام، وتصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال تعزيز سبل الحوار الحضاري مع الغرب.
نقلاً عن جريدة “الدستور” الأردنية